مستثمر، وأحياناً كثيرة ما يقع الرجل ضحية بسبب هذه القائمة من (بيت ملك، مهر خيالي، عرس بأفخم الصالات، بالإضافة إلى ذهب وتوابعه...) إما أن نحقق هذه الشروط ونعيش حياتنا في الدين والشقاء أو لا نفكر بالزواج مطلقاً.
وهناك عدة شباب غير قادرين على تأمين مسكن للعيش فيه حتى لو كان بالآجار ومنهم ياسر 30 عاماً الذي يجد أن تأمين المسكن معضلة كبيرة ومنغصة بالنسبة للكثير من شباب مجتمعنا الذين بلغهم قطار الزواج بل وكاد يفوتهم، دون أن يجدوا حلاً لتلك المعضلة ما دفع شباباً كثيرين إلى تأجيل مشاريع زواجهم رغم تقدمهم في العمر، ودفع آخرين إلى تعزيز فكرة الهجرة إلى الخارج، أياً كان هذا الخارج، وبالنهاية تضاعفت منغصات الحياة الكثيرة في وجه شباب مجتمعنا، الذين كاد الكثير منهم يهرم، قبل أن يجد الفرصة المناسبة لتأسيس الأسرة المرتقبة.
تدخل الأهل وفرض آرائهم
الآنسة نوره تتكلم عن قصتها بألم وحسرة: وصل عمري إلى 40 عاماً، وكلما دق الخاطبون الباب كان يجد أبي الحجة المناسبة، لرفضهم دون أن يسألني أو يأخذ رأيي، بقوله هذا (طويل، قصير، ليس من مستوانا الاجتماعي) فأصابني الهم والغم والحزن وأصبحت لا أرى إلا بوجه حزين، لن أسامح أبي لأنه حرمني من حقي الشرعي في الزواج والإنجاب والاستقرار، وتكفيني الآن كلمة عانس التي تلازمني مدى حياتي.
التربية والتقاليد الاجتماعية
باسل 29 عاماً: متردد في اختيار الفتاة المناسبة على رغم أن بيته وأموره جاهزة، ويقول: «نظراً لتجربتي القليلة مع النساء، أجد اختيار الفتاة التي أكمل معها حياتي صعباً لعدم معرفتي بأي واحدة منهن، وقد ألجأ إلى الأهل والمعارف والأصدقاء لكي أتعرف على إحداهن، لكن هذا التعارف ليس كافياً لكي أعرفها عن قرب لاسيما أن بنات هذا الجيل يهتممن كثيراً بالموضة وبصرعات اللباس من دون أن ينتبهن إلى أنفسهن وماذا يريد الشاب من الفتاة».
ويضيف باسل الذي تلقى تعليماً متوسطاً: «أن ترى فتاة في مكان عام ربما يشد انتباهك جمالها ومكياجها لكن ما إن تقترب منها حتى تكتشف أنها ليست الفتاة المناسبة».
حكاية باسل واحدة من الحكايات التي تتكرر مع شبابنا بسبب ظروف التربية والعادات والتقاليد في مجتمعاتنا التي تؤثر تأثيراً بالغاً في اختيارهم زوجة المستقبل.
الدراسة الجامعية زادت هذه المشكلة حدة
وتضيف نادين 35 عاماً: في الخامسة عشرة من عمري، كان الشباب يتقدمون إلي من كل حدب وصوب، ودائماً أرفض لإصراري على تحقيق حلمي في أن أصبح طبيبة، قضيت أولى مراحل عمري بين الدراسة والاختصاص حتى وصلت إلى سن الثلاثين، وأصبح الذين يتقدمون إلي هم من فئة المتزوجين وأنا أرفض وأقول: بعد هذا التعب أتزوج إنساناً متزوجاً، كيف يكون ذلك، عندي المال والنسب والشهادة العليا وأتزوج شخصاً متزوجاً، ماذا ينقصني عن باقي الفتيات هل تحقيق حلمي بارتداء معطف الطب حرمني من ارتداء فستان الزفاف، لا أريد من الحياة إلا زوجاً حنوناً وطفلاً أحضنه بين أضلاعي.
أما أيمن 37 عاماً مهندس مدني: فكرة الزواج بعيدة عني على رغم وصولي إلى أعتاب الأربعينات ويقول أيمن الذي لم ينه دراسته للهندسة والخدمة العسكرية إلا قبل بضع سنوات ومنذ سنة فقط افتتحت مكتباً هندسياً لأن وظيفة الدولة لا تكفيني كوني أعيش عازباً ولدي مصروف وآجار بيت وحتى الآن لم أحقق شهرة كبيرة كمهندس وما زال زبائني قلائل، وبالتالي دخلي ضعيف ولا أستطيع الآن أن أقدم على الزواج لأنه علي أن أجمع مبلغاً معقولاً أغطي به تكاليف الزواج وأشتري بيتاً لائقاً بي.
أخيراً
يشكل تأخر سن الزواج والعنوسة مشكلة اجتماعية حقيقية، ويعاني مجتمعنا السوري بشكل خاص والمجتمع العربي بشكل عام من تفاقم هذه المشكلة يوماً بعد يوم، وعلى الرغم من وجود عدة وجهات نظر في تحليل أسباب هذه الأزمة إلا أن الأغلب إذا لم يكن الكل مجمعين على أنها مشكلة خطيرة على المجتمع ويجب أن نتكاتف يداً بيد للتغلب عليها.