بتنا نعيش وسط قذائف الحرب الإعلامية.. ونستيقظ على صوت فيروز المزين بشريط إخباري أحمر..
وننام على هتاف الفيديوهات المفبركة والشعارات المعلبة.. لتكون بحق منبراً لبث روح الفرقة والفتن والتحريض على صنع الشغب بدءاً من عنونة «أيام الأسبوع» إلى تلقين الشاهد العيان صوراً كانت وأخرى ماخطرت على بال..
ولتلعب دور السفير الواحد الأوحد.. الممنهج وفق أجندة خارجية لايرى ولايسمع ولايتحدث إلا مالقّن من معلومات جاهزة، لاتهزها أو تمحوها تصريحات حكومية لفضائيات الحدث نفسه.. أولممثلي البعثات الدبلوماسية..لتكون بحق المصدر الموجه للمعلومات ومنبر المواقف والتصريحات لفضائيات قاسمها الوحيد مع القضية العربية هو شيء من اسمها.
في الآونة الأخيرة.. ومواكبة للأزمات التي يمر بها الوطن- ونحن- شاركت ولشدة تأثري ملحق إحدى النشرات الإخبارية، التي استضافت أعضاء خلية إرهابية، تعترف كيف قاموا وهم بكامل قواهم العقلية وبالتخطيط والتنفيذ لأعمال شغب وتخريب على أرض الوطن.. مقابل مبلغ من المال.. إضافة إلى موبايل وفتوى بالجنة «حسن الختام»..
وقلت في نفسي: ماذا لوكنت أنا الضحية- المجرمة- ووقعت تحت تأثير طروحات وأكاذيب يديرها قوادون امتهنوا السير على الحبل الاستعماري بجميع أنواعه وتميزوا بتأثيرهم المادي والخطابي المتلون والموجه لكل العقول والشرائح، ووقعت تحت سياط وسوساتهم الشيطانية التي ستبدأ بـ :
ألا ترغبين بتحقيق أهدافك؟
ألا تطمعين بمصلحة لك ولأهلك؟
ألا تتمنين القضاء على الفساد الإداري؟
ألا تطالبين بحل لأزمة البطالة.. والفقر
وشحاذين الشارات المرورية؟
ألا تتطلعين لمستقبل أفضل لأبنائك..؟
وسوبر ماركت وملاه في كل شارع..؟!
لم أستطع المتابعة وانتفضت كالطير المجروح.. وخرجت من شاشة تلفازي.. واستغفرت لأحلامي.. وتمتمت بعد قراءة المعوذات ونفخت في صدري ثلاث مرات.. وقلت إلا الوطن..
وشعرت بصدى صوتي يخرج من نوافذ الجيران وحناجر أصحاب المحال التجارية.. وعمال النظافة.. ومهندسي البلدية وأطفال الحضانة وطلاب الثانوية..
وآمنت بنفسي القوية وشباب سورية الأبية، وأصبحت كلما شاهدت اعترافات جديدة لخلية إرهابية وسمعت صوت «شاهد عيان» من منطقة جغرافية قريبة أو بعيدة... تمسكت أكثر بأحلامي وبقناعتي..
بحريتي في ظل الوطن.. وتحت سماء الوطن..
ودندنت «سورية ياحبيبتي أعدتِ لي كرامتي..»
وسمعتها من جديد.. صدى من نوافذ الجيران وحناجر أصحاب المحال التجارية و... و... و...