إن كانت خمسون ولاية تزفرُ تحتَ النار
وريحُ الغربِ تعصفُ تائهةً
ما همّني..؟
إن كنتُ أنا الذي يختار
ما همّني..؟
حتى لو شربوا من دمائي أنخاباً
وخضّبوا بها كلَّ ينابيعي
ما همّني
مادمت أحرثُ أرضي
وأنثرُ الحَبَّ
وأشاركُ القمرَ فراشَ المساء..؟
ما همّني..؟
إن كانتِ الضفادعُ تنقُّ في المستنقعاتِ
والأبالسةُ تلعقُ رؤوسَ الأفاعي
ما همّني..؟
إن كنتُ أنا ذاك الفتى العاشق
الذي راقصَ حبيبتَهُ
واختلسَ من عينيها قبلاً
حتى أنجبتِ الشمسُ نسرَ الصباح
ما همّني..؟
مادامت أغنامي تثغو
وحمامي يبني أعشاشَهُ
وعصافيري تهزأ من كلِّ اللغاتِ
ما همّني..؟
وهل يكترثُ الوردُ
ويتعيَّبُ الأريجُ
إن مرّتْ زوبعةٌ محملةً بالأنصال..؟
من قال إن أرضي عاقر
وإنها لا تنجبُ ألفَ لونٍ من الأزهار..؟
من قال
إن شمسي غابتْ
وإن عجيني لا يثمِرُ خبزاً
كيف لا ترون هذا الشفقَ الساري
في نجيعٍ من شدو القصبِ الحزين..؟
فهل أقطعُ كفي
وأنسى غراسي
كلما عوتْ ثعالبُ الأمصار..؟
لن أنحني على وجعٍ
حتى لو فتحوا الأوردةَ في جراحي
ودقوا طبولهم
لن أنحني
مهما كذبوا، ونافقوا، وخادعوا..
وذرفوا دموعَ التماسيحِ
لن أصدقَّهم
حتى لو لعقوا أسفلَ نعلي
وامتلأتْ أفواهُهم بالقذارات
سأبقى كما أنا
أعتقُّ في دناني كواكبَ النجومِ
وأفيضُ بالحبِّ
كلما جمحَ لجامُ جوادي
وقام من بوادي التاريخِ صلاحٌ
كلما رثتِ الخنساءُ فارسَها ضرار.