ثوبُكَ الأبيض يتهادى أمامَ لوثة المجانين
فاقتربْ مِنَ الشمسِ يا أخي
عَلَّها تُطهّره لكَ
لتُصبِحَ على أقحوانِ بلادِنا المضمَّخ برائحة التراب
اقتربْ قبلَ أن يُكملَ المدنَّسون رِجس سيرتهم الحمقاء
عانقْ إذا ما شئتَ الجبال في بلادنا
واضمُمْ إلى حنانيك سهولها وتمرّغْ بتربة وديانها
تَـنشَّقْ عبير ياسمينها
غُصْ في حروفِ براءتها قبل غَصَّةٍ ربما تَدهمك
فقد جالَ المجانين في دروبٍ كثيرة وحَوَارٍ عميقة
وأصفاد الخيانة معلّقة على أعناقهم
رايتُكَ اليوم بَحرٌ يغتسلُ بدموع الأمهات الثكالى
ومَطرُ زَهوكَ مُدجَّج بطُهْرٍ لا يَزول
فلْتَرشِفْهُ من تربةِ بلادِكَ بعد صلاتها الطويلة
نُسْكَها السرمدي..
يُنكِّس أوتارَ صَخَبَ المجانين العابثين
ليُطلَّ الصبح الفيروزي مُشعِاً بالجمال..
براحةِ البال
بكرومٍ من فرح غارَ من فتنة الانتظار
احترسْ من فوهات الوجوه الشاحبة
المشوبة بلوثة الخيانة
وألوان الخديعة
فقد انفتحت على آخرها..
محاولة النيل من طُهْرِ التراب
واجِهْ بإيمانٍ قنابلها وأعيرتها النارية
فالكلمات تنفرطُ مُتشدِّقة كالرَّصاص الملعون
الكلمة حِرْزٌ مِنْ شَرٍّ.. وفتيلُ شرٍ..
ورصاصة مُصوَّبة إلى دريئةِ عقلك
واجهها بالحقيقة.. باليقين..
بسلام باقٍ فيك إلى الأبد
فاجعل دماغك متحصّن من لوثة الجنون
ومن بَعْثِ الموت في حكاية الوطن
لتقوم قيامة من يعادي أرضك ووطنك
....
في حرائق الحدائق يا أخي
تنمو الخديعة لتسهّل الغوص في أتون جنون عابث
اجعلِ البندقيةَ في يدك وفي فمك ألف ألف دعاء
اجعلِ السهر باباً يودي بك إلى واحة من عبير الأرض
يا أخي.. لا تجعل الخائنون يعبثون بكنوزها وحَبّاتها
فينفرطُ حَبُّ الوصال ليُزهَق مُترعَاً بالانفصال
حاذر أن تُخدَع بمرايا الممسوسين والمجانين
مرآةُ نفسك النقية تكفلُ كشفَ زيف الألوان
حاذرْ من خدعة الأسماء
فالأسماء أُصيبت بعدوى من خديعة الممسوسين
هم جالوا ليفتنون الورد عن رحيقه
فأبصرَ الوردُ فتنته
وأسقطَ عنه ضعف بصيرتهم
الوطن يا أخي..
أسمى من أن يدمع من خائن لا يفتأ يركب مطية الخيانة
الوطن يا أخي..
أنقى من أن يدنَّس بدم فاسد
هرب التراب من جوف حفر قبورهم
الوطن يا أخي.. يا أخي
الوطن باقٍ.. ونحن جميعاً
راحلون..
«2»
إلى الشهيد
منكَ تستمدُّ الشمسُ ضوءَها.. فانهضْ وارتَقِبْ
تظهر.. فيرتعشون
تمشي.. فينقبضون
بِنوركَ تَستضيءُ أمّتُكَ.. فلا تحتجبْ
بدَمِكَ تروي الأرضَ سَلاما
بدمكَ تَخضرُّ البَيْدَ بَساتينا
فاستعدْ حُلمكَ وابنِهِ وانتصبْ
قامتُكَ تَطالُ السماءَ بعنفوان
هامتُكَ تمتدُّ على مساحةِ الأوطان
فانتثر كالمطر حَبّاتٍ مِنْ سَلامٍ ينفرط
برحيلكَ رويتَ قصةً لا تموت
بشهيقكَ الأخير أحييتَ الحياةَ بصوتْ
وبزفرةِ الشَّهادة عتَّقتَ روحَكَ مِنْعةً مِنْ مَوتْ
فانهضْ إنكَ جاورتَ السَّماء بطلَّتِك
أنتَ الشهيدُ الحيُّ بيننا
حَيّاك الله فما عُمركَ سطرٌ يزولُ
ولا شهادتُكَ كلمةٌ تُمحى
في السَّماء كُتِبَ اسمُكَ حَيّاً تُرزَقُ
أبكيتَ التُّرابَ الذي ضَمّكَ فتَطهّرَ
رَحُبَ الفضاءُ بكَ فـَطِرْ وتَحرّر
مِنْ قيودِ الطينِ لنورٍ سَرمديّ
من ارتعاشِ اليأسِ لحلمٍ أبديّ
قُمْ فَعانِقِ الأنبياءَ..
وارتدِ الحريرَ المُطرَّز.