تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


واحــــــــة الأمـــــــل .. خطــوة جريئـــة .. واعتــراف بوجــود نســاء معنفـــات

مجتمع
الخميس 14-5-2009م
رويدة سليمان

كتبت الأديبة سعاد سلوم نصير مجموعة صور من كفاح المرأة العربية، في إحدى هذه الصور تقول أم فوزية بطلة القصة: تزوج هو الأخت وزوج الشاب ابنتي...

تأملي ابنتي هي جلبت لي الضرة... لقد استسلمت ابنتي وكذلك ضرتي لمشيئة أخيها وتزوجت زوجي الذي يكبرها بثلاثين عاما..‏

هذه الصورة المختصرة للعنف الذي يمارسه الرجل على المرأة (الزوجة الابنة ،الأخت) ..مأساة لم تنته بعد..هي فعلا لم تنته تقول الكاتبة أنيسة عبود: لاتحاولي الصراخ في مجتمع أبوي لن يهادنك إذا حاولت سلب مكاسبه وتحولت إلى ندٍ له ،الأعراف إلى جانبه والتشريعات معه والأساطير تؤكد ألوهيته .‏

عنف غير محسوس‏

يبتعد رجل اليوم الحريص على بعض الامتيازات التي ورثها عن الأقدمين لمجرد كونه ذكرا-ومن يخرج على قوانين المجتمع الذكوري يتهم ويدان- عن استخدام الضرب لتعنيف المرأة لأنه وسيلة إثبات وإدانة يأخذ بها القانون ويحاسبه ويلجأ إلى ماهو أشد وأخطر أنواع العنف وهو العنف المعنوي:هدم ثقة المرأة بنفسها كأن يقول لها إنها حمقاء لاتفهم أبدا غير قادرة أن تفعل شيئا جيدا ومعاملتها كغبية في وجود الأهل والأصدقاء وعزلها وسجنها في المنزل وهذا النوع من العنف غير محسوس ولا أثر واضح له للعيان وهو شائع في جميع المجتمعات غنية أو فقيرة متقدمة أو نامية وله آثار مدمرة على الصحة النفسية للمرأة وتكمن خطورته أن القانون قد لايعرف به كما يصعب إثباته.ولأن العار الذي يجلبه الاغتصاب يعتبر في المجتمعات العربية أشد وطأة من فعل الاغتصاب نفسه فالضحية لاتبلغ عن العنف الجنسي الذي تعرضت له وماهو (كما جاء في تعاريف العنف الذي نص عليها الاعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة )إلا انعكاس لعلاقات قوة لاتكافؤ فيها بين الرجل والمرأة وسيطرة القيم الاجتماعية التي تنظر للمرأة كرمز للشرف مما يجعل آثار العنف الجنسي تتجاوز الأذى النفسي والبدني لتشمل الأذى الاجتماعي إذ يصبح من المستحيل على المرأة الاندماج في المجتمع الذي مازال يعتبر الزواج هو الوسيلة الوحيدة لضمان حصول معظم النساء على الموارد الاقتصادية وقبول المجتمع لهن وللحفاظ على شرف الأسرة وحماية الفتيات خطوة جريئة.. تعترف رسميا بوجود نساء معنفات في سورية وبضرورة حمايتهن وعلاجهن قامت بها الجمعية الوطنية لتطوير دور المرأة وهو مشروع واحة الأمل المركز الأول من نوعه لحماية ضحايا العنف من النساء تم تجهيزه في الطابق الثالث من معهد التربية الاجتماعية للفتيات بدمشق بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومنحة يابانية إضافة إلى مساهمات مختلفة من خبرات وأشخاص كثيرين.‏

شراكة تفاعلية‏

عن هذا المأوى تحدثت إلينا السيدة/ تركيا .ح/ مديرة المأوى قائلة: في البداية لابدمن إعطاء لمحة عن جمعية تطوير المرأة وهي منظمة غير حكومية تأسست عام 2004 وتعمل من أجل جعل المرأة السورية أكثر قدرة على تحقيق شراكة تفاعلية مع الرجل في تنمية المجتمع. شاركت الجمعية بحملة /أوقفوا جرائم الشرف / من أجل تعديل المادة /548/ من قانون العقوبات السوري والتي يتم بموجبها تخفيف الحكم على من يقوم بقتل قريبته بحجة خرقها للشرف وتقوم الجمعية بتنظيم محاضرات وندوات حول مواضيع عدة منها: حقوق المرأة، العنف ضد المرأة، المرأة واتخاذ القرار، المرأة في التنمية المستدامة‏

أهمية المشروع‏

وتكمن أهمية مشروع واحة الأمل في كونه الأول من نوعه في القطر الذي يقوم على حماية المرأة من العنف من خلال مركز إيواء متخصص في إعادة تأهيل ضحايا العنف من النساء والفتيات وهو يتسع لـ 30 امرأة ،تم افتتاحه في 25/6/2008 ومجهز وفق أفضل البرامج المعتمدة عالميا (غرف نوم-صالون عام، قاعة رياضية، قاعة للصناعات اليدوية وأخرى للكمبيوتر ورابعة للحلاقة النسائية وغرفة مخصصة للرعاية الصحية) إضافة إلى كادر مدرب وفق أحدث الأساليب العلمية (اختصاصيات اجتماعيات ونفسيات ومشرفات ليليات) يقدمن الدعم النفسي والاجتماعي والحماية للمرأة المعنفة، وتتعلم أي مهنة ترغب بها كما يمكنها متابعة دراستها إن أرادت.وتضيف السيدة تركيا: يستقبل المركز النساء اللواتي تعرضن للضرب أو الاغتصاب ولا مشكلة أن تكون متزوجة أو عزباء أو مطلقة ونوفر للمرأة خدمات التمثيل القضائي وخدمات المشورة والرعاية اللاحقة عن طريق الخط الساخن إذ يتم التحدث مع الحالة والتواصل معها بسرية وتقديم الاستشارات القانونية والنفسية بشكل مجاني.‏

وهناك ورشات دورية مع الاتحاد النسائي ووزارة الأوقاف ووزارة العدل ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وجمعيات أخرى لتفعيل دور المركز .‏

تعزيز ثقافة الحوار‏

على الرغم من أن جميع القوانين والمواثيق الدولية تؤكد على ضرورة حماية المرأة في جميع الظروف ولكن يبقى للقيم والأعراف الاجتماعية والثقافية الدور الأساسي في حماية المرأة من العنف والتي ستكون عائقا أمام لجوء المرأة المعنفة إلى هذا المركز (واحة الأمل) انطلاقا من هنا تؤكد الباحثة النفسية جمانة غضبان: على ضرورة التفكير بالحلول الوقائية التي تمنع أصلا حدوث العنف ،وهو أسلوب للتواصل السلبي أركانه ثلاثة (المعَنَف ،المَعنِف،والحدث) ولابد من الاشارة هنا إلى ضرورة علاج أيضا الطرف الذي يقوم بالعنف ومعرفة الأسباب التي دفعته إلى هذا الأسلوب وأخذها بعين الاعتبار، وهذه الخطوة تماثل بأهميتها رعاية الطرف المعنف وبالنسبة للفتاة يجب وضع وتنفيذ برامج تربوية خاصة تهدف إلى تأهيل الفتاة وإعطائها الثقة بالنفس وتمكينها وتقوية احترامها لذاتها ومساعدة البنين والبنات على تعلم كيفية تسوية النزاعات بطريقة غير عنيفة وتقديم برامج تعلم كيفية الخروج من الأفكار التقليدية عن الذكورة والقوامة إضافة إلى العمل على تعزيز ثقافة الحوار كأسلوب تواصل إيجابي ضمن الأسرة وفي المجتمع.‏

العنف المنزلي.. ليس شأنا شخصيا‏

تقول المحامية رولا محمد: على الرغم من وجود مواد في قانون العقوبات تعاقب على الاعتداءات الجنسية في فصل الاعتداء على العرض من المواد 489 إلى 508ولكن للأسف يتوقف تنفيذ هذه العقوبات بزواج ضحايا العنف من مرتكبي الجريمة والتي توقف الملاحقة وتنفيذ العقوبة أما ما يخص العنف الأسري فلايوجد في قانون العقوبات السوري أي مادة مستقلة تتعلق بالعنف الأسري وإن كان القانون يعاقب في بعض مواده على الجرائم الواقعة في إطار الأسرة ضمن الفصل المسمى /الجرائم التي تخص الأسرة/ من المواد (469-488) وهناك مواد قانونية تمنح العذر المحل والأسباب المخففة لارتكاب ما يسمى جرائم الشرف مما يشجع على ممارسة العنف ضد النساء والفتيات /مادة 548-242-192/ لذلك أضم صوتي إلى الأصوات التي تعالت في حملة /أوقفوا جرائم الشرف/ من أجل تعديل المادة 548 من قانون العقوبات السوري والدعوة لتعديل القوانين والتشريعات والأنظمة التي تقوم على التمييز ضد المرأة مع لفت الانتباه إلى أن العنف المعنوي قد لايقربه القانون كما أن القوانين العربية لاتعترف بالاغتصاب في إطار العلاقات الزوجية ومنها قانون العقوبات السوري.‏

أخيرا كانت النظرة إلى العنف المنزلي ضد المرأة في الماضي هي أنه شأن شخصي وليس أمرا يتعلق بالحقوق المدنية ،أما اليوم فقد اعترف المجتمع الدولي صراحة بأنه قضية من قضايا حقوق الانسان والعنف المنزلي هو المعاملة السيئة التي تتلقاها الأنثى سواء في منزل أبيها من قبل هذا الأخير ومن قبل أخوتها أو في منزل زوجها الذين يعتقدون أن لهم عليها حق التأديب.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية