تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


النازيــة الصهيونيــة ومنظومــة الأمــن العالمــي

شؤون سياسية
الخميس 14-5-2009م
بقلم الدكتور: فايز عز الدين

لم تكد الحرب العالمية الثانية من 1939-1945 تقف نيرانها التي طحنت أكثر من ستين مليوناً من سكان الأرض ويعلن للعالم عن انتهائها في الساعة 23،00 بتوقيت ألمانيا من يوم 8/5/1945 واندحار النازية الهتلرية ومالحق هذا الإعلان من احتفالات دولية بالانتصار على الخطر الذي كان يهدد العالم،

وإظهار الرغبة في عالم دون حروب، جاء ذلك على لسان الرؤساء من المعسكرين المتحالفين ضد النازية. الاتحاد السوفييتي آنذاك وأميركا زعيمة النظام الرأسمالي الطالعة بعد هذه الحرب المحرقة حتى بدأ العالم نفسه وهو لم يبدأ بمشروع مارشال لإعمار أوروبا يشهد إرهاصات البروز الجديد لنازية جديدة هذه المرة ليست على أرض أوروبا وإنما في المنطقة العربية حين بدأت الهجرة الصهيونية إلى أرض فلسطين العربية ، والعالم لم يضمد أي جرح له بعد.‏

كان شهر أيار من عام 1945 شهر اندحار النازية في ألمانيا لكن الشهر ذاته بعد هذا الاندحار أي في عام 1948 شهد قيام كيان للنازية جديد على أرض فلسطين العربية وفي 15 منه وفي بداية هذا الأسبوع كانت روسيا تحتفل بالذكرى الرابعة والستين للنصر على النازية ومن غريب الحال أن روسيا القوة العظمى في عالم القوة تجد نفسها متأذية بأمنها القومي الروسي من سياسات أميركا، والنازية الصهيونية التي لم يعد أثر خطورتها في جغرافيا فلسطين ومحيطها العربي، والإسلامي بل يتعدى أثرها الخطر ليصل إلى حدود روسيا الاتحادية، وبالمناسبة العظيمة للنصر قال الرئيس الروسي ميدفيديف: إن أي عدوان على روسيا سوف يقابل برد جدير به وأضاف: لا يمكن إقامة عالم يسوده الأمن إلا بالمراعاة الصارمة لقواعد القانون الدولي وذكر ميدفيديف أن النصر على النازية هو درس عظيم لشعوب الأرض لا يزال يحتفظ بأهميته.. وأشار الرئيس إلى أن الانتصار على النازية قد تقرر على أثره مصير العالم ودعا إلى درء نشوب حروب جديدة وبذل كل ما يمكن من أجل إقامة منظومة مضمونة للأمن في العالم.‏

فإذا كان هذا هو حال روسيا الاتحادية في إحساسها بمن يمكن أن يعتدي عليها وتتحفز لرد العدوان برد جدير به فإن العربي في فلسطين ومحيطها العربي في مجمله يشعر وهو يعيش الذكرى الأليمة لنكبة عام 1948 وفي الخامس عشر من أيار بأن واحداً وستين عاماً من مقاومة النازية الصهيونية لم يتوقف فيها القتال وهذه المدة نفسها شنت بها إسرائيل -كيان الاغتصاب والعنصرية- عدة حروب عدوانية على العرب ولم يردعها في هذه الحروب رادع قانوني حقوقي أو إنساني وعلى الرغم من العديد من القرارات الدولية التي صدرت عن مؤسسات الشرعية الدولية لكن كيان النازية الجديدة لم يلتفت إلى أي قرار أو رأي للمجتمع الدولي ويحترمه بالتنفيذ الممكن له، بل بقي هذا الكيان متفلتاً من أكثر من خمسين قراراً دولياً ومع ذلك تدعمه أميركا على غطرسته، وتساعده وتغطي عدواناته في المؤسسات الدولية ذات الصلة.‏

ورغم هذا التاريخ النازي لكيان العنصرية بقيت المقاومة العربية تواجه آلة العدوان الهمجية قادتها في أصعب ظروف الصراع سورية، ومازالت تقودها وتدعمها من الجولان إلى الجنوب إلى غزة ومازالت تقودها أيضاً وتناصرها وتتقاسم معها وحدة الوجود والمصير على كل بقعة من الأرض العربية تكافح المعتدين.‏

ومن تاريخ عقود ستة من الصراع مع كيان النازية الجديدة نشهد التغير الملحوظ في آلية الصراع العربي الإسرائيلي حيث إن قوة إسرائيل كما قال بالأمس باراك وزير دفاعها تمتد إلى محيط ألف وخمسمئة كيلو متر من القدس ، فهو يريد أن يطمئن مستوطنيه الذين رأوا إسرائيل تنهزم في حربين خلال سنتين في الجنوب وغزة ولاسيما أن بعضاً من أصحاب الرأي، والقلم داخل هذا الكيان العنصري يعارضون باراك فيما ذهب إليه، وهؤلاء يقولون في ذكرى قيام كيانهم النازي الحادية والستين: إن إسرائيل ليست دولة مستقلة وإن استقلالها محدود الضمان كما صرح بذلك ناحوم يارنيغ في يديعوت أحرونوت ويخلص ناحوم إلى أن إسرائيل مدينة بقسم كبير من استقلالها للعلاقة الخاصة مع أميركا وهذه العلاقة ملزمة. وإسرائيل في نظر الكاتب الصهيوني شالوم يروشالمي حيث كتب في معاريف: رد إسرائيل هي نصف دولة لأنها غير مكتملة فهي لا حدود لها ولا دستور ولا اتجاهات واضحة وما زالت من غير استقرار فالحياة في إسرائيل تدور حول أمنها الوجودي هذا هو جوهر حياتنا هنا، وهو أيضاً المأساة الكبرى.‏

هذه هي صورة إسرائيل من الداخل فهي حتى في نظر رئيس شعبة الاستخبارات الأسبق شلوموغازيت تعيش واقعاً مشوهاً، حيث باتت كما يقول تفتقر ليس فقط لقبول العرب بها وإنما لمقومات استمرار ديمقراطيتها وينهي كلامه في يديعوت أحرونوت الكاتب اليعازر كلاينبرغ بالإشارة إلى أن النجاح المذهل حسب مقياس البعض للمشروع الصهيوني قد وضع إسرائيل على حد قوله في خطر جسيم فللناجحين ميل للجمود في حلول أثبتت نفسها في الماضي ولكنها لم تعد ذات صلة بالحاضر.‏

نعم هذه هي صورة إسرائيل من الداخل في رأي مفكريها الصهاينة النازيين والمعتدلين وفق منطق الإجرام نفسه ولذلك نجدها تعيش المزيد من سياسات الغطرسة وخاصة بعد أن أصبح نتنياهو وليبرمان على رأس الحكومة، فهما الآن يقيمان خلافاً مقصوداً مع الإدارة الأميركية كي يتجنبا ضغطها في حل الدولتين ويلزماها بتأمين اعتراف العرب بدولتين لشعبين حتى تكون الدولة اليهودية، قد أخذت الإقرار بها من العرب وكأن المبادرة العربية للسلام ستنسخ دولة يهودية، فلا حق عودة ولا قدس ولاجدار العزل سيبقون في مجال الحل وسترسم خريطة طريق تفرض على العرب حماية هذا الكيان الغاصب من أي قوة إقليمية تشعر بأن إسرائيل تشكل خطراً على أمنها القومي وتريد امتلاك القوة الضامنة لها أمنها القومي.‏

وبناء عليه تجتهد الماكينة النازية الصهيونية حتى تمنع العرب من التوافق على فك الحصار وفتح المعابر وإعمار غزة والوصول إلى الوفاق الكامل الفلسطيني - الفلسطيني والعربي الداعم للقضية المركزية فلسطين حتى تحرف الأنظار إلى عدو مفتعل للعرب يصورونه بأنه أشد خطورة من إسرائيل وهو الحلف النووي الإيراني، وكأن المئتي رأس نووي في إسرائيل هي لحماية الوجود العربي وليس لإخضاع العرب للمشروع النازي الصهيوني وعليه فقد جاءت أحاديث وكلمات السيد الرئيس بشار الأسد في الآونة الأخيرة لتعمق الرؤية السليمة لسورية ومن معها في خندق المقاومة ولتعلن من جديد استراتيجية المقاومة المنتصرة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية