تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


لمصلحة من.. تعميم ثقافة داعش التدميرية

إضاءات
الأحد 1-3-2015
سلوى خليل الأمين

لمصلحة من شن هذه الحروب الهمجية التدميرية على التاريخ العربي، لمصلحة من تعميم ثقافة داعش التدميرية؟ لمصلحة من هذا الصمت على الأفعال الإجرامية الممنهجة التي تتولى تدمير هذا التراث الحضاري في نينوى،

وقبلها في بغداد، وحالياً في سورية التي دمرت كنائسها التاريخية وأحرقت أيقوناتها الثمينة وجوامعها الأثرية، وفجرت أضرحة الأولياء والقديسيين فيها وفي العراق؟ هل المطلوب نشر ثقافة تدمير التراث والتاريخ عبر حروب داعشية همجية في عصر التطور والارتقاء والهبوط على سطح المريخ، بهدف القضاء على المسيحية والإسلام في بلاد العرب، وتمهيداً لنشر الديانة اليهودية والاعتراف بها ديناً لدولة مغتصبة هي فلسطين، ومن العالم ثم تعميمها على شعوب المنطقة، الممتدة من الفرات إلى النيل، ومن نشرها عبر العالم المسيحي والإسلامي.‏

هل حان الوقت لتنفيذ الوعد الصهيوني التلمودي؟ هل حان وقت الانتقام من الديانتين المسيحية والإسلامية اللتين اخترقتا العالم، في حين أن الديانة اليهودية انحسر زخمها بعد ولادة كلمة الله عيسى بن مريم ومن بعده حبيب الله ورسوله محمد بن عبدالله خاتم الأنبياء؟ لقد دسوا دسائسهم منذ العصور القديمة، ومنذ زمن السبي البابلي الذي حل بهم في عهد سنحاريب ملك أشور، وبعده نبوخذ نصر الذي دمر هيكل سليمان في أورشليم «القدس» من ذلك الزمان ما قبل الميلاد وهم مغلفون بالحقد والانتقام، الذي لم يردعهم عن شرورهم وهمجيتهم القائمة على تدمير كل الحضارات والثقافات، خصوصاً في دولة الخلافة الإسلامية وما زالوا مستمرين في التآمر وافتعال الدسائس ومنهجة المؤامرات، والتمهيد لها بعناصر وأشكال مختلفة من أجل السيطرة على العالم مستقبلاً وعبر كل العصور.‏

لقد تسنى لهم اغتصاب فلسطين، وجعلها وطناً لهم واعتبارها أرض الميعاد، إلا أن اغتصابهم لفلسطين وتشريد سكانها لم يحقق أحلامهم التوراتية الهادفة إلى العودة إلى بابل في العراق، لهذا ما زالوا دعاة حرب وإجرام متواصل، فبعد هزيمتهم من قبل المقاومة في لبنان في العام 2006، والقضاء على مقولة الجيش الذي لا يقهر، واعتراف لجنة فينو غراد بالهزيمة، وبأن إسرائيل هي من شنت الحرب على لبنان بهدف تركيع المقاومة بعد انتصارها عليهم في العام 2000، ومن ثم فوزها بتحرير أسراها، كل هذه الأمور، التي هزمت فيها إسرائيل، زادت من حقدها على العرب، خصوصاً على بلد الصمود والتصدي سورية وعلى العراق موطن الحضارات وقبلتهم البابلية الموعودة.‏

فما تمت مشاهدته عبر كل وسائل التواصل الاعلامي والتكنولوجي من تحطيم لمتحف نينوى العراقي من قبل العصابات الداعشية، يثبت، بما لا يقبل الشك، أن هؤلاء الأشرار هم من بني صهيون، الهادفون إلى إعادة التاريخ إلى ما قبل الميلاد، أي إلى زمن السبي البابلي، الذي ما زال يتفاعل حقداً في ذهنية اليهودي الصهيوني، فهم العارفون أن هذا التراث يعود إلى آلاف السنين، وأنهم بتدميره بمطارقهم ومعاولهم ومناشيرهم إنما يدمرون تاريخاً مهماً من تاريخ العرب بمسلميه ومسيحييه، هذا التراث الذي تمت المحافظة عليه نظراً لقيمته التاريخية، وبلوغه من العمر دهوراً وعصوراً، هو بحق أكبر شاهد على تزاوج الحضارات وتمازجها، ومما حرص المسلمون في ما بعد على صونه وحمايته والحرص عليه، من منطلق الإيمان بحضارات سلفت، سوى تقديرهم لما سبق من الحضارات المتنوعة التي وضعت منطقة بلاد الشام في العراق وسورية كقيمة تراثية على أجندات المنظمات العالمية الحافظة للتراث التاريخي العالمي.‏

لهذا كان ردة فعل السيدة ايرينا بوكوفا، على إثر ما تمت مشاهدته من تحطيم لموجودات متحف نينوى التراثي الحضاري من قبل الدواعش الهمجيين، وهي بحكم موقعها كمديرة منظمة اليونسكو للتربية والعلم والثقافة التي تتولى حماية التراث العالمي، والتابعة لمنظمة الأمم المتحدة، أخذت المبادرة السريعة بدعوة مجلس الأمن إلى عقد اجتماع طارئ لأن ما حصل يعتبر مأساة ثقافية، في الوقت الذي لم تعلُ الأصوات المستنكرة من جامعة الدول العربية التي شطبت سورية من عضويتها، أو المقامات الدينية على اختلافها خصوصاً الإسلامية منها، ولا حتى المنظمات الدولية الإنسانية، وهناك أكثر من مئتي سوري مسيحي آشوري معتقلين والسيف على رقابهم أيضاً والعالم كله يتفرج ولا يبالي.‏

أخيراً لا يمكننا سوى القول إن هذا التدمير الممنهج لتراث تاريخي قيم، والذي يلغي حضارة بأكملها، وينسف تاريخ حضارة إنسانية مضت، إنما هو فعل صهيوني بامتياز، ومجازر تدميرية ممنهجة، تنتقم من الحاضر بالماضي عبر ثقافة داعشية تدميرية وتخريبية، ترسم للمستقبل دولة بني صهيون التوراتية الموعودة، التي يمولها العرب أنفسهم الذين يجهلون قيمة الحضارات السالفة الذكر، ويضربون عرض الحائط تاريخ أمتهم العربية وحضاراتها المجيدة، من أجل عروش زائلة، باستطاعة أرباب الصهيونية العالمية والسلطة الكونية هزها متى أرادوا وجعلها أثراً بعد عين.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية