ومهما قيل عن الاستنكار الذي أثير في فرنسا حول هذه الزيارة إلى سورية ومهما فعلوا فقد شكلت صفعة كبرى للدبلوماسية الفرنسية التي ما زالت تقود سياسة مضادة لدمشق حتى الآن كما أن التهديدات التي أطلقها رئيس الحزب الاشتراكي جان كريستوف كامباديلي ضد جيرار بابيت النائب في الحزب الاشتراكي ورئيس جمعية الصداقة الفرنسية - السورية في مجلس الأمة والتلويح بمعاقبته جراء حضوره إلى سورية مع برلمانيين آخرين ليست سوى إشارات تم توجيهها للتغطية على الضربة المبرحة للسياسة الاشتراكية فالنائب عن مدينة تولوز لم يفعل شيئاً سوى أنه أكد على حركة كان قد مهد لها ميشيل فوزيل وهو شخصية مهمة في الحزب الاشتراكي حيث كان فوزيل قد التقى رئيس مجلس الشعب السوري جهاد اللحام في منتصف شباط 2015 أي منذ حوالي أسبوعين وذلك خلال انعقاد مؤتمر البرلمانيين لبلدان البحر الأبيض المتوسط وكان لقاء فوزيل ولحام قد حدث في مدينة موناكو جنوب فرنسا بعيداً عن الأضواء وبمعزل عن الاحتدام الإعلامي الذي يستحوذ عادة على هكذا نوع من الأحداث ومن الصعب الاعتقاد أن لقاء فوزيل لحام قد حدث دون علم أو إرادة رئيس مجلس الحزب الاشتراكي المحلي في تلك المنطقة وإذا راهنا على أن الناطق باسم الرئيس فرانسوا ميتيران لم يستسلم لخطوة كهذه دون موافقة زميله السابق في الإليزيه والذي كان في تلك المرحلة مكلفاً بمهام القصر الرئاسي فكيف نفسر هذا الحزم تجاه النائب الاشتراكي جيرار بابت بينما قوبل ميشيل فوزيه بدماثة.
وتساءل الكاتب: لماذا هذه الازدواجية في الموقف والسلوك تجاه المسؤولين الاشتراكيين؟
وأضاف: لقد انساقت فرنسا في الحرب على سورية منذ أربع سنوات كالدمى المتحركة وفي هذه الحرب والخراب الذي لحق بسورية كانت فرنسا هي الخاسرة وبالرغم عنها ومن واقع الخراب الذي لحق بالتراث السوري من آثار وفن عمارة سورية وبعد قطيعة كالسبات دامت أربع سنوات قبلت فرنسا إقامة مؤتمر أو ندوة حول التراث السوري في مبنى اليونسكو في باريس وكان ذلك في أيار عام 2014 حيث تم بحضور شخصيات سورية رسمية منها مدير الآثار والمتاحف ومستشار في وزارة الثقافة السورية وقد عقدت هذه الندوة من 26 إلى 29 أيار بتحفظ شديد وتعتيم إعلامي حيث تمت دعوة الناس شفهياً ودون أي دعاية أما المعنيين السوريين فقد تمت دعوتهم عن طريق البريد فهل كان المقصود من ذلك عدم إعطاء الحدث أي قيمة في حين أن التراث السوري هو موضوع الاهتمام الأكبر هنا منذ عمليات النهب لأسواق حلب وهدمها والهجوم على منطقة معلولا وتدمير تراثها أم أنه حياء مزيف غير معتاد من باريس لإخفاء ما يمكن أن يعتبره عملاؤها بأنه دوران عكسي فقد لوحظ في هذا السلوك التباين الكبير مع الدبلوماسية الفرنسية المعتمدة حالياً إزاء ما يجري في سورية، لكن الحدث كان مهماً ويمكن أن نعتبره ذوبان جليد خجول من فرنسا تجاه القيادة السورية ففرنسا لا تلبث أن تحظى بالفشل كل أسبوعين تقريباً بينما الرئيس بشار الأسد يعيد قيادة بلاده لولاية دستورية جديدة مدتها سبعة أعوام وهي أبعد من ولاية فرانسوا هولاند الذي يتلقى مع وزيره فابيوس الضربة تلو الأخرى والأكثر مدوية كانت آخر مهزلة لهم في مجلس الأمن.
لقد شجعت وزارة الخارجية الفرنسية سراً علماء الآثار الفرنسيين للمساهمة على نطاق واسع في إنجاح المؤتمر حول التراث السوري لكن بتحفظ شديد فلماذا هذا الركام من التناقضات حيث أنه في الوقت الذي كان يتم فيه انعقاد المؤتمر كان رولان فابيوس يمنع السوريين المقيمين في فرنسا من التصويت للانتخابات الرئاسية السورية المبرمجة خلال أسبوع فهذا الشخص إما أنه مراوغ أو تائه.
وقال نابا: نحن اليوم بحاجة إلى وزير خارجية يحل مكانه ليضع حداً لهذه السياسة العمياء الكارثية على دبلوماسيتنا ولنقل بصراحة إن التخلص من لوران فابيوس بأسرع وقت ممكن أمر ضروري لنا فهو الذي يعتبر من أهم شخصيات اليسار كان خيبة الأمل الكبرى في الدبلوماسية الفرنسية بداية القرن الواحد والعشرين.