|
السحر والشعوذة .. خطر يداهمنا فلنحذر منه مجتمع وأخيراً تنتهي هذه القصص بملف جديد لدى الأمن الجنائي إما جريمة قتل أو اعتداء جنسي أو سرقة موصوفة وغيرها من الجرائم . وقد تم نشر العديد من هذه القصص في جريدة الثورة بشكل خاص ومع الأسف في كل يوم نسمع قصة جديدة ولوناً أسود قاتماً بدد حياة أسرة هنا أو هناك جراء هذه الأشياء ومع ذلك ورغم كل ما ينشر سواء من خلال الإعلام أو من خلال أحاديث الناس العادية حول هذا الموضوع بالذات نجد أن المشعوذين ما زالوا موجودين وبعض الناس لا تزال تؤمن بقصصهم وافتراءاتهم ومن خلال رصدنا للحوادث التي نشرت حيال موضوع الشعوذة وجدت بأن معظم الضحايا من مختلف الطبقات الاجتماعية حيث كنت أظن أن الضحايا دائماً وكالعادة من أبناء الطبقة الفقيرة ومن أبناء بيئة الفقر والجهل ولكن وجدت أن ألواناً ثقافية وأكاديمية وتجارية وغيرها من الطبقة المخملية وقعت ضحية للشعوذة، وبالطبع لكل مقام مقال . وأيضاً من خلال المتابعة نجد أن الطرق التي تستخدم في الشعوذة غريبة وتثير الريبة والرعب حتى إنني لم أشاهد حتى بأفلام «الأكشن» الأمريكية طرقاً مماثلة ومع ذلك الضحايا يتهافتون ويقعون لاحقاً بالفخ . وهنا لا بد أن أشير إلى أنني أحدد موضوع الشعوذة بالذات دون التطرق إلى موضوع السحر لأن هذا منفصل عن ذاك ، لكن الذي أثار ريبتي أنه بات هناك الآن قنوات فضائية متخصصة بالشعوذة ونعم أقول شعوذة لأنني شاهدت بأم عيني -عندما كنت وكعادة معظم الرجال - أقلب بجهاز التحكم شخصاً اعتقدت بأني شاهدته يوماً ما على إحدى القنوات الفضائية والناس تتصل به لمعرفة كيفية التخلص من مشكلة أو معضلة من خلال الشعوذة وعندما تأملت به جيداً تذكرت بأن هذا الشخص هو بائع ((البليلا)) الذي كان يقف على باب مدرستنا الإبتدائية لكن شكله تغير قليلاً وقد استبدل اسمه بالشيخ فلان كوننا كنا نناديه بالسابق بعمو بهلول . أدوات وطرق الشعوذة النظر في الأوراق ، السبحة، حبات القمح، البيض .. كلها طرق وغيرها يلجأ إليها المشعوذون لاستكشاف الغيب الذي لا يعلمه إلا الله ، وهم يوهمون ضحاياهم بقدرتهم على تغيير الأوضاع وقضاء حوائج مختلفة ، بتعاويذ وتمائم ، وحرز يسلمونها لضعاف النفوس ، أما شعر القط أو عين البقرة والجمل ، لسان الكلب والحمار ، وشعرة شنب الضبع وبيت السلحفاة وذنب البغل فتعد لمن وجدها وصفة جاهزة لامتلاك القلوب أو لفك الرباط ، أو حتى لربط عريس ليلة دخلته أو التفريق بين زوجين متفاهمين . بالمحصلة يأتي الجواب دائماً كما يلي «أنت محسود» أو مربوط أو معيون أو مكتوب لك «هذاك مسحور» كلها تعابير تعودنا سماعها في مجتمعنا . محطات إعلامية مشبوهة ومع الأسف أفردت لهذه الأمور محطات باتت تشد الآلاف من المشاهدين حيث بات هذا الموضوع أهم من كل ما يعرض على الشاشات من برامج . وبالمقابل وبفضل هذه المحطات أو هذا النوع من البرامج ينتشر من يسوق لهذا الموضوع بين مجتمعاتنا مستشهداً بما رآه في وسائل الإعلام المخصصة لهذه الغاية . لنجد بالمقابل من يصدق هذه الحكايات لاحقاً ويبدأ العمل على تطبيقها في حياته اليومية فقد أصبح أمراً مألوفاً عندنا من يضع نبتة «الصنوبر الشوكي» أو الملح عند مداخل البيوت ، شأنها شأن خرافات عديدة تتداول في أوساطنا وتزداد يوما بعد يوم ... حتى ما عدنا نستغرب شم رائحة البخور تنبعث من المنازل ولا حتى حديث النسوة عن ذهابهن إلى المشعوذة الفلانية أو المشعوذ الفلاني والذين غالباً ما يستخدمون ألقاباً مثيرة للريبة والفزع ((أبو ساطور وأبو كباجي وأم الطنافس وأم الكوتو موتو وغيرها)) فإذا كان للفرد مشكلة عضوية أو جسدية أو نفسية عجز عنها الطبيب لأسباب متعددة يتوجه نحو هذا النوع من العلاج عند السحرةوالمشعوذين دون أدنى وعي بالأخطار المحدقة المترتبة عن ذلك ، رغم تحذير رجال الدين والقانون والإعلام مع العلم بأنه لا تكاد تخلو صحيفة أو موقع إلكتروني من خبر إلقاء القبض على شخص أو مجموعة بجرم الدعارة أو الاستغلال الجنسي فضلاً عن المجموعات الإرهابية التي تستغل الضحايا من خلال الشعوذة في بعض المجتمعات العربية. إحصائيات خطيرة تشير بعض الاحصائيات غير الرسمية بأنه يوجد مشعوذ لكل 5000 شخص في العالم العربي ، وأن العرب يصرفون ما يقارب أربعمائة وخمسين مليون دولار على الدجل والشعوذة ... هذا وتشير إحصائيات غير رسمية وجود حوالي 20 ألف مشعوذ في دول الخليج وحدها ، تلجأ إليه أغلبية ساحقة من النساء ، متزوجات ، أرامل ، مطلقات ، عوانس، وحتى مراهقات ، ولم يغفل عن مثل هذه الأوكار تجار ، رجال أعمال وحتى شخصيات ومن دار في هذا الفلك .. يرغبون في طرد العين ، والاطلاع على الغيب وفي أقل الحالات لطرد الجان . فالتجار يلجؤون للسحرة قصد تضخيم تجارتهم ، وجلب الناس على الشراء من محلهم أكثر من غيرهم ، حيث تمدهم العرافة إما بماء قرأت عليه بعض التعاويذ لرشه على بضاعتهم ، تسحر عيون الزبائن وتدفعهم لاقتنائها ، ليكون حرق كمية من تذاكر الحافلات الأنجع عن سابقه ، ذاك أنه يجعل الزبائن يحترقون إعجاباً بالبضاعة ويكثر عددهم في المحل إلى أن يتدافعوا كما في الحافلات ، أما بعض الشخصيات والمديرين وزوجاتهم فهؤلاء الأحب عند السحرة نظير سخائهم وجودهم وما يدرونه من أموال طائلة فيقصدون العراف لضمان بقائهم في مناصبهم مدة أطول ، أو لعهدات متتالية ، أو تحويلهم إلى منصب مرموق آخر . تستلزم مواد صناعات فتاكة سمعنا كثيراً عن استخدام المشعوذين لبعض المواد من بخور وصفائح فضية ورصاص وحديد إلى جانب المواد النباتية كجذور الأشجار أو أزهار النباتات أو حتى مستحضرات خاصة كماء غسل الميت ، دم الانسان ، شعر وأظافر الشخص المراد سحره ، وحتى المواد الحيوانية من حشرات وجلود بهدف إنتاج عدد غير محدد من الوصفات السحرية التي تصلح لتحقيق كل ما يخطر ولا يخطر على البال . فلم تعد البزورية المقصد الوحيد للزبائن بل أصبحت المقابر والمستشفيات ومحلات الحدادة والنشارة وحتى مسلخ الحيوانات مقصداً لزبائن المشعوذين الجدد، وسمعت من أحد الأشخاص ذات مرة بأن أحد محلات العطارة في سوق البزورية أذهل وضحك بصوت عال جداً جراء طلب إحدى النسوة لعين كلب وأذن سمكة سبق وأن طلبتها منها الشيخة أم جعيصة . وقصة أخرى في إحدى أسواق الغنم حيث دخلت امرأة تبدو في أبهى حلة ، باحثة عن كبش سمين ، بهدف أن تكون عينه تشبه عين بقرة حيث قيل لها من المشعوذ أو المشعوذة إنها الوحيدة القادرة على فك السحر عن ابنتها المقبلة على الزواج ، هذا ومن المشعوذين من يوهمون ضحاياهم بأن مثل هذه المواد تفك عقدة التعنيس لدى الفتيات لمن أراد فعل الخير ، كما أنها مفيدة لربط عريس ليلة دخلته وتفريق قلب زوجين محبين لمن أراد إلحاق الأذى بغيره ، وهؤلاء من المكر ما لا يخفى عليهم استعمال حيل جديدة تجعل الزبون «الضحية» يقتنع تماما بأن هذه الوصفة ناجعة جداً. الحد من هذه الظاهرة واجب وطني وشرعي وكما أسلفنا في البداية نحن لسنا بوارد موضوع السحر بالتحديد لكننا ننوه على موضوع الشعوذة الذي نجد بأن معظمه ممنهج بهدف واحد ألا وهو تخريب خلايا المجتمع ومن هنا يأتي دورالمجتمع من وسائل إعلام وتربية وثقافة والأهم رجال الدين الأفاضل حيث يجب على الجميع العمل ضد هذه الأمور والتنويه إلى مدى خطورتها وتأثيرها النفسي على الأشخاص بحيث يقال للمريض بأنه سيشفى وهو يموت ببطء جراء مواد استشفائه ويقال للعانس بأن عريساً سيأتي على حصان أبيض أو بسيارة ليموزين لكنه يتأخر كثيراً وقدلايأتي ولمسؤول يوهموه بأنه سيبقى بمنصبه للأبد حيث يعيش هذه الحالة إلى أن يموت بجلطة دماغية نتيجة قرار تغييره والقائمة تطول ولا شيء يتحقق وإن تحقق يكون بالصدفة لا أكثر . وأخيراً نقول بأنه لا يعلم الغيب إلا الله وكل ما يجري للإنسان ليس إلا قضاء وقدراً لمن يؤمن بهذه المقولة .
|