وهذا التوتر في العلاقات ومع عدم امتثال اسرائيل للشروط التي طرحتها تركيا بشأن العدوان على السفينة التركية « مرمره» ، دفع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى إغلاق مجال بلاده الجوي أمام الطائرات الإسرائيلية ,كما صرح للصحفيين في تورنتو بكندا قبيل مغادرته اجتماعات قمة العشرين.
وفي معرض رده على سؤال حول منع تركيا مرور طائرة عسكرية إسرائيلية كانت تحمل نحو مائة عسكري إسرائيلي في طريقهم إلى بولندا ,ما اضطرها اتخاذ مسار بديل ,قال أردوغان :لقد فعلنا حتى الآن ما هو ضروري في إطار القوانين ,سواء المحلية أو الدولية,وسنواصل ذلك.
وجدد أردوغان مطالب بلاده الثلاثة المتمثلة باعتذار إسرائيل , وتشكيل لجنة تحقيق دولية,والتعويض عن الأضرار,إضافة إلى الرفع الكامل للحصار المفروض على قطاع غزة وقال : «نريد اعتذارا وأن يتم رفع الحظر».
كما نقلت وكالة الأنباء الألمانية عن مسؤول حكومي تركي قوله إن قرار تركيا منع طائرة عسكرية إسرائيلية من استخدام أجوائها يأتي من اطار الاتجاه إلى تقليص التعاون العسكري مع القوات الجوية الإسرائيلية .
هذه الخطوة كان سبقها مجموعة من الإجراءات اتخذتها تركيا بعد الاعتداء على اسطول الحرية منها إلغاء ثلاث مناورات عسكرية مشتركة, وإلغاء عدة إجتماعات عسكرية كانت مقررة بين الجانبين, إضافة إلى استدعاء السفير التركي,والتهديد بإلغاء صفقات أسلحة,وهي خطوات من شأنها ان تعيد النظر في العلاقات بشكل جذري خاصة بعد تغيير الظروف الأمنية والسياسية التي كانت ساهمت في تقوية العلاقات التركية الإسرائيلية خلال العقود الماضية.
وهذا التوتر المتصاعد بين الجانبين بات يثير قلقا أمريكيا ودفع ببعض نواب الكونغرس الى اطلاق تحذيرات لأنقرة بالاقتصاص منها في حال واصلت ما أسموه نهجها المناوئ لإسرائيل.
و على خلفية هذه التطورات يسود قلق كبير داخل الكيان الاسرائيلي من تراجع مستوى العلاقات مع تركيا ومن التداعيات السلبية المحتملة لهذا التراجع , وخاصة لجهة ما يتسرب عن نية تركيا تعليق أو إلغاء الصفقات العسكرية الكبرى بين الجانبين ,ما قد يتسبب بخسارة الصناعات العسكرية الاسرائيلية التي تعتبر تركيا احدى أبرز زبائنها .
ووفقا للصحف التركية، فان أنقرة ستلغي 16 صفقة أمنية مع اسرائيل , منها شراء طيارات بلا طيار , و شراء ألف دبابة اسرائيلية مدرعة من نوع «ميركافا3» بقيمة خمسة مليارات دولار , وتعليق مشروع مشترك لصناعة صواريخ بقيمة 150 مليون دولار , وتحديث طائرات «فانتوم», وشراء صواريخ وتحديث دبابات , وتأهيل طيارين أتراك , وقيام طيارين اسرائيليين بالتدرب في الأجواء التركية. و قالت صحيفة «زمان»التركية ان الحكومة التركية أوصت بالفعل الشركات التركية التي تتعامل مع الصناعات العسكرية الاسرائيلية بالغاء الصفقات الموقعة معها. وتحمل بعض الجهات الاسرائيلية حكومة نتنياهو مسؤولية تدهور العلاقات مع تركيا وتدهور مكانة اسرائيل دوليا بسبب ما تصفه بقيادة الرباعي الغبي نتنياهو- باراك – ليبرمان ووزير الداخلية ايلي يشاي .
في حين رأت جهات اخرى، أن التدهور في العلاقات مع تركيا يأتي في سياق عملية تغيير معمقة تمر بها تركيا , ويصعب الوقوف في وجهها على المدى المنظور .
ورأى الون ليال وهو سفير اسرائيلي سابق في تركيا : «يخطئ من يظن أن أي مبادرة اسرائيلية جديدة ستحسن الأمور مع تركيا , فالأمور الآن أكثر تعقيدا، حيث هناك تغير جوهري في تركيا , بالأخص على مستوى القيادة السياسية وهو تغيير امتد الى وسائل الاعلام و الرأي العام التركي .
وفي ظل هذه التطورات، يرى مراقبون أن العلاقة بين الجانبين التركي و الاسرائيلي لا يمكن أن تستمر كما كانت عليه منذ عقود, و هي مرجحة الى مزيد من التدهور و الوصول الى نقطة يصعب فيها معالجة الأمور, خاصة اذا أصرت حكومة الاحتلال على تجاهل المطالب التركية , وعدم استجابتها لتشكيل لجنة تحقيق دولية بشأن مجزرة أسطول الحرية , واستمرارها بالالتفاف على مطالب المجتمع الدولي برفع الحصار الكامل عن قطاع غزة .