لكن لماذا ينقلب الحب بعد الطلاق الى كراهية وحقد وعداء مستفحل خصوصا إذا كان هناك أبناء للزوجين الطليقين؟ وهل من الممكن أن يبقى الزوجان على اتصال وتواد؟ وما نظرة الناس لصداقة الزوجين بعد الطلاق؟ ألا يخفف هذا من تأثير الطلاق على الأبناء؟
لم يعد الطلاق رديفا للشقاق
السيدة ثريا فاضل تقول: الطلاق ظاهرة اجتماعية بعدما كان بمثابة استثناء واستتبع تلك الظاهرة ظاهرة اخرى تتمثل في أن الطلاق لم يعد رديفا للشقاء والمعارك العائلية، فالأمر بسيط عندما يكون الطرفان واعيين وأكبر دليل على ذلك ما حدث معي : تزوجت من رجل من بلد عربي وعشت معه عدة سنوات وانجبت طفلا وبعد سنتين حصل طلاق بيننا لخلافات كثيرة أهمها وجودي في بلد غريب وبعيدة عن أهلي وأصدقائي، رجعت الى بلدي وتركت ابني بعد أن أصرت حماتي أن يبقى معها، بعد فترة تعرفت الى رجل مثقف وواع وتزوجنا، وصار عندنا أولاد، لكن الغصة التي بقلبي اشتياقي لابني من زوجي السابق خاصة أني تركته صغيرا ولا يعرفني، في أحد الأيام طلب مني زوجي أن أسافر معه لأرى ابني، وبالفعل لم أتردد وذهبنا إلى بيت زوجي السابق واستقبلنا وزوجته وابنته استقبالا حارا وحدثني كثيرا عن ابني الذي أصبح غريب الأطوار منذ أن تركته وأنه لا بديل من حنان الأم وطلب مني أخذه معي إن أردت وأنه مستعد لزيارتنا كلما سنحت له الفرصة بذلك، واليوم ابني في السابعة عشرة من عمره يعيش حياة طبيعية إذ يزور والده في العطل والأعياد الرسمية وأصبح من المتفوقين.
لا أرى بناتي إلا بالمحكمة
السيد صابر عياش قصته مختلفة تماما حيث قال: طلقت زوجتي لأسباب كثيرة ، وأهم سبب أنها كانت من النوع الثرثار الذي لا يحفظ سرا، فأخبارنا تنتقل عبر الجيران والأهل والأقارب والمشكلة الكبيرة أن عندي ابنتين في سن الحضانة، ومع الأسف أنا لا أراهما إلا من خلال المحكمة، لأني لا أستطيع أن أطلب أكثر من هذا، فهي امرأة قادرة دائما على تحوير الكلام والحقائق وهذا يزعجني كثيرا وحتى إنها أدخلت في عقول ابنتيّ أشياء كثيرة عني حتى أصبحتا تجفلان عندما يرونني وكأني وحش سيأتي ليخطفهما لا أدري كيف ستعيش ابنتي حياة طبيعية بعد كل هذا الحقد والكره من قبل زوجتي.
أما السيدة علا اسماعيل فتقول بعد أن استحالت العيشة بيني وبين زوجي تم الطلاق وعندي ولدان في البداية بقي أولادي مع والدهم وكنت لا أراهم إلا بالمحكمة لكن اتفقت أنا وزوجي أن يأخذ هو الولد الكبير ويعيش عنده والصغير عندي كونه بحاجتي أكثر وفي أيام العطل يأتي زوجي بابني الكبير ويأخذ هو الأخر ونتحادث أنا وهو من وقت لآخر في أمور الأولاد.
أما السيدة جهينة الحمصي فتقول عندما طلبت الطلاق من زوجي كان لدي ولد وبنت وقد اتفقنا أن يعيش الأولاد مع والدهم هو تزوج لكن أنا رفضت فكرة الزواج مرة أخرى وفي أيام العطل يأتي أولادي للعيش معي في بيت أهلي ودائما طليقي يكلمني ويأخذ رأيي في الأمور التي تخص أولادنا ومستقبلهم.
الأبناء هم الضحية الأولى للطلاق
الاختصاصية الاجتماعية لبنى شاهين تقول: إذا كانت الحياة تصبح أفضل للأبناء بوجود علاقة احترام متبادل بين المطلقين فلماذا نتجاهل ذلك؟ ونصر على المضي في المناكفات والمهاترات والسباب والبعاد الى مالا نهاية.
إن من حق الأبناء على والديهم أن يتم تعويضهم عن أضرار الطلاق وليس هناك تعويض أفضل من أن يشعر الأبناء بوجود كل من الأب والأم في حياتهما، إن الحد الأدنى المطلوب من الزوجين اللذين لديهما أبناء أن يلتقوا في الأعياد والمناسبات ذات الطابع العائلي فمن الصعب على الأبناء رؤية أقرانهم وهم يتنعمون بوجود كل أفراد العائلة بينما هم محرومون من الأب أو الأم، إن ذلك يترك أثرا صعبا في النفس قد لا ينمحي طوال العمر، وفي حالات أخرى يكتسب الطرفان صديقا جديدا أو حتى صديقين جديدين، زوج الأم الجديد، أو زوجة الأب الجديدة، مثل هذا الأمر لم يكن قابلا للتخيل قبل زمن وهو حتى الآن غير قابل للتخيل بالنسبة الى كثير من النساء والرجال، وأتمنى أن يحدث هذا للتخفيف من أثر الطلاق عمليا خاصة على الأبناء لأنهم هم الضحية الأولى للطلاق.