وبرعاية رئيس مجلس الشعب الدكتور محمود الأبرش.
كانت الندوة بعنوان « الدور البرلماني في تعزيز فاعلية الشباب في المجتمع» تضمنت محاور هامة الشباب والتعليم» ، « الشباب والعمل» «الشباب والمشاركة المجتمعية» «الشباب والصحة الانجابية» «الشباب والنوع الاجتماعي» في تلك الندوة لم أكن في الاتجاه المعاكس للشباب، لقناعتي أن الشباب هم المستقبل، وأن هذا المستقبل انعكاس طبيعي لحال الشباب، فكلما أحسنت الأمة إعداد أبنائها أثمر جيل الشباب مستقبلاً واعداً بالخير والأمل والنصر على مجمل تحدياتها الداخلية والخارجية.
كثيرون في العالم العربي لا يبنون الآمال الكبيرة على أجيال الشباب الحالية، يلصقون بها تهم الميوعة، والجهل السياسي وضعف الاهتمام بالقضايا المصيرية في ظل الصراع العربي الإسرائيلي ، وأن أجيال الشباب تعيش حالة من التخبط والجهل والضياع، تسلكها رغبة الخروج من واقع أمتها ولغتها وثقافتها وتاريخها، وأنها أجيال مهزومة مقهورة تتبرأ من ماضيها وحاضرها أجيال ترتعد من مستقبلها.. فراحت تحاكي الغرب، وتغوص في فوضى المخدرات والجنس والعبثية.
في هذا الكلام توصيف لحال قلة من الشباب في العالم العربي، ولكن الأكثرية من شبابنا يتشوقون لمعرفة لا أحد يقدمها لهم، ولديهم توق البحث عن حلول ثقافية وسياسية واجتماعية واقتصادية لهم ولمجتمعهم وأمتهم، في وقت علينا أن نعترف فيه أن كل رياح الغزو الثقافي والسياسي والعسكري تهب عاصفة لاقتلاع شبابنا من جذوره الثقافية والحضارية.
أسأل: هل الشباب في مجتمعاتنا العربية هم صناعة ثقافة العروبة والمقاومة والممانعة والانتماء الواحد لأمة واحدة ذات رسالة خالدة، صناعة ثقافة أمة تؤكد أن الخطر الصهيوني يستهدف الأمة العربية بوجودها وتاريخها وجغرافيتها ومقدساتها وثقافتها، أم هم صناعة ثقافة القبيلة والعشيرة والمذهبية والقطرية وصناعة الفضائيات المعادية الموجهة لقتل ذاكراتهم؟!
لنعترف.. أن أغلب البلدان العربية تقدم في مدارسها وجامعاتها ومؤسساتها الإعلامية والثقافية ثقافة مختلفة عن ثقافة الأمة الواحدة تمارس ثقافة التمجيد لتاريخ سايكس بيكو وثقافته وتمجيد أبطاله، للأسف.. لم نعد في أغلب مدن العالم العربي نعمل على إشعال ذاكرة الشباب بثقافة الانتماء إلى الأمة الواحدة هل نعتب على أنفسنا، أم نعتب على الشباب؟!
فيلسوف صيني يقول«يميل الغصن عندما يغيب عنه انتباه الفلاح»
الشباب هم الأغصان الغضة في حديقة الوطن، وعلى الأحزاب و المنظمات والمؤسسات التربوية والثقافية، والاجتماعية والإعلامية تقويم أغصان الشباب، وريها بنسغ ثقافة العروبة والمقاومة و النضال والتضحية.
استمعت إليهم يتحدثون عن الحياة و المستقبل والوجع والفرح والبكاء والضحك و الجامعة والمدرسة والإعلام و الثقافة، و ثقافة العمل التشاركي و الخدمة الاجتماعية، و نظافة المدن و الشوارع بلغة واعية وأنيقة ومسؤولة ومدركة ما على الشباب من واجب وما عليهم من حقوق، لهذا وجدتني أقول في سري وأنا أستمع إليهم كلاما فيه كثير من التأنيب والشعور بالذنب.
الحقيقة نحن مجتمعات عربية، ولا أقول في مجتمع عربي، ننتج الكلام أكثر مما ننتج الفكر، ننتج الفتاوى أكثر مما ننتج الصلابة و القوة و ثقافة الانتماء الواحد، نحن جهات تنتج ثقافة تفكيك الذاكرة أكثر مما تصنعها بخطاب واحد وانتماء واحد يقوم على اللغة و التاريخ، نحن مجتمعات تغزو وسائل إعلامها الثقافة الأمريكية و الإعلام الأمريكي وأخبار الوكالات الأمريكية، تسعون بالمئة من ساعة البث التلفزيوني في أغلب المحطات العربية تغطيها برامج أمريكية موجهة إلى عقول الأجيال العربية الجديدة.. لهذا أقول للسوداويين بنظرتهم إلى الشباب: «احمدوا الله أن شبابناما زالوا يتمسكون بانتمائهم، وبلغتهم وبأرضهم، و ما زال في حناجرهم بعض الغضب على السياسات العدوانية التي تشنها أمريكا وإسرائيل علينا».
وأخيراً.. أتمنى على الجهات الإعلامية المرئية و المسموعة متابعة مثل هذه النشاطات الهامة، والضرورية و الحوار حول موضوعاتها لتعميم نتائج هذه النشاطات على مجمل قطاعات مجتمعنا بغية تحقيق الصحة النفسية والثقافية و الإنجابية والوطنية لمجتمعنا في وقت نتعرض فيه لغزو ثقافي محمل بثقافات الانحراف و التجهيل.. لأن الإعلام التنموي والتوعوي بات الأداة الأهم في صناعة الإنسان.