كان لديه نوع من الواقعية الرومانسية والغرائبية الماورائية في آن واحد تجلى ذلك أكثر ما تجلى في مسرحيته الشهيرة عرس الدم، كان مولعاً بالغجر فمن أهم كتبه «الغجري الحالم» ولأنه صاحب هوس حقيقي بالمسرح كان يقول: (نعمل مسرحاً حقيقياً أو نحرق خشبات المسارح ونحولها إلى متاجر لبيع الأحذية) فالمسرح يكون أو لا يكون.
كان لابد من هذه المقدمة لنحكي عن مسرحية عرس الدم الراقصة التي عرضت مؤخراً بقاعة الأوبرا بدار الأسد للثقافة والفنون والتي جاءت حاملة لإرث عريق يجمع بين ثلاثة أسماء: لوركا وغاديس وساورا.
حيث اقترنت ثلاثة أسماء تعد من أساطير اسبانيا المعاصرة، فيدريكو غاريثا لوركا الشاعر الاسباني، الشهير الذي اغتيل في عهد الطاغية فرانكو بعد أن أثرى المسرح والأدب الإسباني والاسم الثاني هو اسم راقص الفلامنكو الشهير أنطونيو غاديس الذي انطلق في شهرة عالمية على إثر فيلمه «كارمن» الذي أخرجه كارلوس ساورا أشهر مخرجي اسبانيا الذين أرسوا ملامح الفن السابع الاسباني ولاحقاً أخرج ساورا فيلم عرس الدم المشهور...
«عرس الدم» مسرحية قامت شهرتها على قصة حب مستحيلة, ولأن الحب يستلهم الموت في نهاياته وتتشكل نكهة المأساة في لحظة قدرية حاسمة فقد اشتعلت شرارة الحب بين رجل متزوج وشابة سيعقد قرانها على رجل آخر لا تحبه وفي ليلة الزفاف يحضر الزوج العاشق لحضور حفل الزفاف وهناك يغلي الرفض في قلبه وتجاريه العروس العاشقة وتهرب من حفل زفافها مخلفة وراءها الغضب العارم في قلب العريس والعالم التقليدي، فيلحق العريس بعروسه الهاربة وعشيقها ويتلاقيان في مشهد درامي ينتهي بموت الاثنين.
فرقة أنطونيو غاديس قدمت كامل سخاء لوركا الشعري من خلال الشعر قبل ثلاثين سنة يومها قال أنطونيو غاديس: (أريد من خلال عرس الدم أن أفي لوركا حقه، لقد ولدت في ثقافة البحر الأبيض المتوسط التي هي ثقافة غيرة وحب وموت لا تظهر في الرقص وحسب وإنما في الأدب والرسم والفنون الأخرى أيضاً، إن معنى المأساة موجود فيها دوماً.
تجسد عرس الدم قصة اسبانية بحق وهي مأساة مشبعة بالفولكلور، لطالما استمتعت بأعمال لوركا، وخصوصاً أنها تصف القدر ونوايا الشعب الأندلسي في العمق.
حظيت دمشق بعرض أثار تفاعل الجمهور وتصفيقه وحماسة ملتهبة لراقصين استطاعوا صياغة شعر لوركا عبر الجسد الذي انصب اتقانه على تقديم روح نص لوركا الرائع.
***
بطاقة
< عرس الدم باليه مؤلفة من ستة مشاهد مستلهمة من مسرحية عرس الدم التي كتبها فيدريكو غارسيا لوركا.
< تصميم الرقصات والإضاءة: أنطونيو غاديس
< إعداد المسرحية لتلائم الباليه: ألفريدو مانياس
< موسيقا: اميليو دي دييغو، أي مي سومبريرو، بيريللو إي مونريال رومبا، خيلبي.
< الراقصون:
الأم: فانيسا فينتو الصديق: خواكين موليرو
المرأة: مايتي تشيكو
الصديقة: كريستينا كاريزو
ليوناردو: أدريان غاليا