وسورية كما عهدناها لها تاريخ عريق في عالم الموسيقا وشكلت دائماً ملتقى للعديد من الثقافات، فكانت جسر تواصل بين الشعوب من خلالها استطاعت أن تفتح آفاقاً كبيرة مع الآخر، وباعتبار أن الموسيقا ترتبط بالهوية الوطنية كونها تشكل إحدى المنجزات الثقافية التي تعبّر عن الروح الجماعية وثقافتها وهويتها وتساهم في بلورة قيمنا ومفاهيمنا العريقة التي لطالما باهينا فيها الشعوب.
تبدو ضرورة الاهتمام بهذا العالم الفني للحفاظ على تقاليدنا الأصيلة والعودة إلى فنوننا العريقة وخصوصا في ظل هذا التلوث السمعي الذي يسم المجتمعات ويبعدها عن موروثها الحضاري العريق للوقوف بجدية كبيرة أمام دعم المؤسسات والمعاهد المعنية بهذا الشأن، لما لذلك من دور في تكريس قيم الجمال والحض على الابداع وتعزيز قيم المواطنة والنبل وتهذيب السلوك والابتعاد عن الانحراف والعنف وإعادة تفعيل ساعات الموسيقا في المدارس والمعاهد للعودة إلى أصالتنا الموسيقية مع فتح الأبواب للحداثة والتطور للرقي بالذوق الفني والابتعاد عن تلك الفنون الدونية التي افتقدت إلى مقومات الفن الحقيقي الذي يسموبالمشاعر ويرتقي بالنفس البشرية إلى قيم الحق والجمال.
ولا يختلف اثنان أن الموسيقي السوري تميز دائماً علمياً وأخلاقياً وعربياً وعالمياً، فهل نستثمر تلك الكفاءات الموسيقية في إعادة ذلك الألق لهذا الفن الذي يتربع على عرش الحضارة والرقي عبر مشروع مؤسساتي متكامل لرفد موسيقانا بإبداعات حقيقية بعيداً عن ذاك التلوث قبل أن يتمكن التشوه من أسماعنا؟!.