ويعترفون أن هذه التحديات أكبر بكثير من أن تواجه بإمكانات محدودة .سابقاً كان يقال إن الإنسان العاقل موجود في كتب القانون , وعلى امتداد ثلاثة عقود قبل الأزمة الاقتصادية العالمية كان يقال في العالم الرأسمالي أن الإنسان العاقل والمثقف عادة ما يشارك في منتدى دافوس , ولكن بعد انطلاق الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية خريف 2008 وتداعياتها تغيرت الصورة والأجواء المحيطة بمنتدى دافوس لتصبح أكثر قتامة وأقرب إلى الأجواء السياحية في منطقة سياحية للتزلج ...على مدار أكثر من ثلاثين عاماً كان منتدى دافوس يحمل للعالم أفكاراً تتناسب مع ما ينادي به أنصار الرأسمالية وأصحاب الاستثمارات الكبرى في العالم مع ما يروج له من رخاء وحرية ...لكن مع انطلاق الأزمة  الاقتصادية فقدت الأفكار التي يتم الترويج لها في دافوس ثقة ودعم الجمهور. في دافوس 2013 , رغم تفاؤل العديد من المشاركين في المنتدى حول مستقبل الاقتصاد العالمي , إلا أن الأفكار التي تم الترويج لها ظهرت بعيدة عن الواقع الفعلي في أوطان المتحدثين عنها ونذكر على سبيل المثال مصر وايطاليا , حيث الوضع الاقتصادي غاية في السوء ...حضر رئيس وزراء مصر هشام قنديل  وتحدث عن خطط التعليم , والبنى التحتية , والحرية ...وظهر وكأنه هارب من واقع مؤلم يعيشه الشارع المصري في ظل اضطرابات وحالة طوارئ في أرض الكنانة التي ُيطبق عليها الخناق الفكري الأحادي الأصولي...وهذه مفارقة. أيضاً حضر رئيس وزراء ايطاليا (ماريو مونتي) الاقتصادي المعروف والذي اعتبر , عندما كان برئاسة حكومة ايطاليا ,بمثابة طبيب منقذ للاقتصاد الايطالي الغارق في أزمة عميقة , وطرح أفكاراً مثالية حول سوق العمل¸والانضباط المالي ...وذلك بعيداً عن الواقع الايطالي المنهك اقتصادياً ...والمزاحمة السياسية استعداداً للانتخابات البرلمانية  التي يبرز فيها وجه برلسكوني رئيس الوزراء الايطالي السابق الذي عرف عهده بالفضائح ...ولا يخفي إعجابه  بالأفكار الفاشية ...من المشاركين في المنتدى رئيس وزراء بريطانيا (كاميرون) الذي لقي استقبالاً فاتراً وطرح فكرة إجراء استفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي , مما أصاب المستثمرين بالريبة والشك . يقول (جديون ريتشمان) في الفاينانشال تايمز  ( إن الصورة العامة لرجل دافوس أنه منافق واستغلالي ذو تفكير أجوف ...إلا أن الحقيقة أكثر قتامه من ذلك بكثير فالنموذج المشارك في المنتدى هو شخص بعيد عن الواقع , ويهتم بشكل طفيف بالقضايا العصرية ...) الأفكار لنظرية التي يطلقها بعض المشاركين تبدو بعيدة عن الواقع العملي ...الاقتصاد العالمي لم يعد حكرا على الغرب , وإنما ظهرت قوى اقتصادية صاعدة دول (بريكس) , وخاصة الصين التي تختلف قواعدها عن أوراق  دافوس , وهذا ما جعل منتدى دافوس يفقد بريقه , يصاب منظموه ومشجعوه بنوع من الإحباط. بمعنى آخر فإنه ورغم (السخرية , المبررة غالباً, التي يثيرها منتدى دافوس ) كما يقول(ريتشمان) فإن النتائج تشير إلى نهاية عهد كان الأشخاص الأكثر قوةً في العالم (يتبنون أفكاراً متشابهة ) ويتعاونون فيما بينهم في دافوس . ونرى أن معظم الأفكار التي تطرح في هذا المنتدى تبدو , مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية نظرية وبعيدة عن الواقع , وبالتالي غير ذات جدوى على الأرض , وتسبب الإحباط , وأحيانا مُنفرة على المستوى الشعبي .‏