بل تعدّى ذلك إلى الحياة الاجتماعية وما يتمتع به السوريون من لطف المعشر ورحابة الصدر والثقة بالنفس وقوة العزيمة والتصميم... أصحاب الإرادة الحرة والقرار الحر.
في حالة التأزم والتأزيم يظهر المعدن الحقيقي للإنسان وتتضح معاني الوطنية والمواطنة، نحن في سورية اختار المواطن العربي السوري امتحان الولاء والحب لبلده بامتياز وبشهادة البعيد والغريب قبل القريب والصديق.
بعيداً عن مئات اللوحات والنشاطات التي تعبر عن الانتماء وحب الوطن، هناك صور التقطتها عدسة عيني لأبناء بلدي تجسد أجمل معاني وقيم التآخي والمحبة والتعاضد والتعاون والتراحم.. والتلاحم الوطني.
صور نوثّقها للأجيال... وللتاريخ
ففي تحدٍ لأزمة المواصلات ترى باصات النقل مكتظة والواقفين فيها أكثر من الجالسين، وأن يتخلى شاب عن مقعده لفتاة أو مسن فهذا أمر طبيعي في عرف وعادات وتقاليد شعبنا ولكن أن يتخلى رجل مسن أو صبية و يتدافع الركاب جميعاً لمساعدة شاب جريح الجسد وإجلاسه فهذا موقف إنساني يسمو بالنفس إلى أرقى درجات الحب قولاً ونية وفعلاً، وهو صفعة على وجه كل من حاول تسميم قيم التآخي وإشاعة روح الحقد في النفوس وبث الفتن والدسائس.
صورة أخرى لشيخ يتمسك ببيته وأرضه رغم تهديد ضعاف النفوس المسلحين بالغباء والوهم والمخمورين حتى الثمالة من دماء أبنائنا، ويفضل الاستشهاد على العيش مهجراً نازحاً مشرداً في مخيمات الذّل والقهر والشماتة، لن يترك القدر يرتب له أوراقه.. هو من رتبها بنفسه واستشهد...
وفي ألبوم صور الذاكرة تجد صورة أبناء مخلصين يبارون كل مخلوقات الكون في وطنيتهم... يتسابقون لتقديم الخدمة لذوي الشهيد في أي مكان وأي زمان لهم الأولوية، كيف لا وهم أهل الشهيد الذي جاد بنفسه كرمى عيون الوطن والجود بالنفس أقصى غاية الجود.
وتبقى صورة المرأة السورية الأم الأخت الزوجة الابنة وهي تستقبل قوافل الشهداء بالزغاريد والأرز والورد بروح وطنية عالية، أكثر قدرة على تلقين الأعداء درساً في الوطنية وحب الأرض وما أكثر العبر.. وما أقل الاعتبار .
آن الأوان لكي يفهم هؤلاء القتلة والمجرمون والمرتزقة أننا شعب تمرّس على التحدي والصمود والصبر ، آن الأوان أن يفهموا أنها سورية الوطن.. ،جانب من الثرى يدعى الوطن مسك العيون والقلوب والفطن، يقول أحمد شوقي.