لا يهم شكل الكراسي وألوانها وأنماطها أكانت صندوقاً مفتوحاً أم على شكل قاعة صف....
أياً كان شكل المكان وتوقيت الزمان، فإن المهم والأهم أن نجلس نحن السوريين وبالطريقة التي تريحنا شرط اقتناعنا جميعاً أن سورية التي أدفأت الكون وأنارت قرونه المظلمة تستحق أن نفعل من أجلها المستحيل.. بكل الطرق والوسائل والأساليب.
فهي بيتنا الحقيقي وركننا الأساسي وعمودنا القوي وملاذنا الآمن... هي هويتنا، وعنوان وجودنا هي حلمنا ومستقبلنا وكرامتنا..
هذه السورية ألا تستحق من الجميع التضحية والتعالي على كل الجراح والخلافات الصغيرة والكبيرة وأن ننهض جميعاً بثوبها الذي يسترنا ويحمينا من غزوات الأعداء المحملة بكثبان الرمل الممتلئة بغبار التكفير والإرهاب والعصبية والتطرف.
من الطبيعي أن تختلف وجهات النظر.. ومن الطبيعي أن تنحرف بعض الرؤى عن دائرة المعقول والمقبول لأسباب مختلفة لها تداعياتها هنا وهناك..
لكن من غير الطبيعي أن يبقى البعض متحجراً لأفكاره وقصر نظره يعيش خارج الحدود، لا يتقن العربية جيداً، لم يرتو يوماً من ماء بردى، لم يتجول في حارات دمشق وخانات حلب وشارع العشاق في حمص وسوق الطويل في حماة ولا منارة طرطوس ولا كورنيش عروس اللاذقية، لم يزر يوماً متحف أبي العلاء المعري في معرة النعمان بإدلب الخضراء، لم يذق كليجة دير الزور ولم يلبس قميصاً مصنوعاً من قطن الجزيرة, لم يستمع إلى تراث وأهازيج القامشلي لم يطلع يوماً على الكنوز الحقيقية التي تمتلكها سورية لم يسمعوا بذنوبنا وجوليا دومنا وفيليب العربي وقدموس.
لم يستجموا صيفاً على شواطئ بلادنا المعروفة ببلاد الشمس ومناخات الفصول الأربعة ،مع كل ذلك ورغم كل وضاعتهم وخستهم هؤلاء القابعون المتطفلون على فتات اللئام الذين يحاولون طبخ السم الزعاف كل يوم ليقدموه وجبات موت إلى الشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته.. يتحدثون باسم الشعب العربي السوري وأنهم يمثلونه زوراً وبهتاناً ويضعون شروطاً مسبقة لسلوكهم طريق الحوار وهم العبيد والأقزام في أيدي أسيادهم مكمن قبعات الغرب وعباءات الشرق.
هؤلاء المدجنون بأفكارهم وولاءاتهم وانتماءاتهم ومستوياتهم الفكرية هم وباء على نسيج المجتمع السوري ووبال على بساط الحوار الوطني بكل موائده.. هؤلاء يندسون من خلال بعض التصريحات الملونة والتي تحاول تجميل بعض قبحهم وقناعهم المزيف ليكون لهم موطئ قدم لاستكمال مشروعهم الدموي الذي أزهق أرواح السوريين وأحرق قلوبهم.. قبل الحجر والشجر.
هؤلاء المعروفون للقاصي والداني في هذا الوطن لا مكان لهم بيننا بعد أن تحول معظمهم إلى غول نهب وسرق وخان وأغرق الاقتصاد السوري في مساحة العوز والفقر والحاجة.
لا حاجة لمن كانت يده مغلولة في تقطيع صلات وأواصر المجتمع وقتل الطفولة في قهرها والشباب في عنفوانه والكهولة في وقارها.
ليس موضة
سورية التي أذهلت العالم بكل ما تعنيه كلمة ذهول بسرها وقدرتها وإمكاناتها رغم حجم التدمير والخراب الذي أصابها تستحق من أبنائها اليوم على مختلف مشاربهم أن يكونوا على قدر عال من المسؤولية الوطنية والأخلاقية والروحية والشرعية والقانونية والحضارية والإنسانية بعد أن تجلت الصورة وانكشفت الأدوار وعرف كل من يقف متخفياً في الزوايا المظلمة ومن هم فوق الطاولة وتحتها وبجوانبها..
علينا جميعاً أن نتحاور من منطلق الإيمان بعمق الانتماء لجذور هذه الأرض التي نتباهى بأنها الأم والجدّة والأصل لأبناء بني البشر.
الحوار ليس موضة أو أسلوباً أو دعوة عشاء أو حفلة عمل، أو مزاج حسب القناعة والشكل والديكور.
الحوار هو صناعة سورية بامتياز عبر التاريخ.. هو حالة فكرية معرفية إنسانية حضارية مدنية يقوم على احترام الشخص لذاته أولاً، واحترامه للآخر والمحيط الواسع من حوله على مبدأ المعرفة بالشيء لا إقصاء الآخر انطلاقاً من مفردات التعصب والطائفية والمذهبية تلك المصطلحات التي صنعها الغرب وتاجر بها أصحاب المصالح واستوردها المستعربون ونفذها عملاء الداخل والخارج بعد أن أتخموا بخيرات الوطن ورزقه.
الحوار سوف ينجزه أبناء سورية الشرفاء على قاعدة الولاء للوطن أولاً وأخيراً كما عقيدة جيشنا العربي السوري الرائع، الوطن شرف وإخلاص ندافع عنه برّاً وبحراً وجوّاً داخل أراضي الجمهورية العربية السورية وخارجها.