معاناة القطاع العام سببها الإجراءات والضوابط التي يضعها القطاع العام نفسه ويلتزم بها مهما كانت الظروف، مثلاً الدولة تستورد المشتقات النفطية ولكن عليها أن تلتزم بالتأمين بالشركة السورية للتأمين وأن تنقل البضائع بحراً بناقل لا يزيد عمره على عشر سنوات بينما القطاع الخاص قد لا يؤمّن ويمكن أن ينقل البضائع بناقل عمره عشرين عاماً ولا سيما في ظروف الحصار الذي نعاني منه، الأمر لا يختلف بالنسبة لمؤسسات التدخل الإيجابي التي عليها أن توفر الاحتياج بأفضل مواصفة وأقل سعر وعليها أن تخضع لضوابط وشروط وإجراءات ليس لها في حسابات القطاع الخاص أي اعتبار.
أبعد من ذلك عندما تعلن جهة عامة عن مناقصة لتوريد تجهيزات أو تنفيذ مشاريع فإن المتقدمين لهذه المناقصة يضعون بحساباتهم مبلغ التأمين والكفالات التي سيدفعها وكذلك ثمن الروتين في صرف استحقاقاته والزمن والرشاوي وبالتالي يرفع قيمة التجهيزات المطلوبة وتكلفة تنفيذ المشاريع وهو ما تتحمله خزينة الدولة ولو قارنا بين مشروع تم تنفيذه بالتراضي وآخر عن طريق المناقصة لوجدنا الفرق كبير.
تنفيذ المشاريع يجب أن يخضع لتقييم النتائج دون الركون إلى الإجراءات التي تكبد خزينة الدولة ثمناً باهظاً ولا سيما في مثل ظروفنا الحالية، أيضاً تنفيذ المشاريع يجب أن يخضع لمعايير التكلفة والجدوى الاقتصادية والضرر الناتج عن عدم تنفيذ المشاريع وعلى ذلك يمكن اتخاذ القرار والمحاسبة.
الدولة تجلد نفسها بقرارات وروتين ونظام إداري مرهق وكل جهة معنية بأمر معين تعتبر نفسها الاساس في اقتصاد البلد وتسنّ تشريعات تمتد أبعادها إلى خزينة الدولة وغالباً ما يتم إقرار هذه التشريعات التي تصطدم بها جهات رسمية والمواطن كذلك يجلد الدولة لتقصيرها في تأمين احتياجاته دون الاعتبار لظروفها في وقت يعترف به أن ليس له من ضامن سوى الدولة والسؤال هل عجزت الحكومات عن حلّ معضلتها.