ويمكن حتى لمن لايعرف القراءة والكتابة، ان يعجب بها ويقتنيها ويدافع عنها، مثل الأعمال الكلاسيكية والواقعية، التي يمكن أن تنال على إعجاب الجمهور من مختلف المستويات والشرائح والأعمار،وهذه الأعمال تتسم بصياغاتها التقريرية المباشرة، وهي لاتحتمل التأويل والتنظير، الذي تتطلبه الأعمال الفنية الحديثة.
والفن التشكيلي يختلف عن الأدب بأنه لغة عالمية، لا تحتاج لترجمة، وهذا ساعد على استمرار الفنون التشكيلية القديمة، في كل الحضارات المتعاقبة، التي تعود بجذورها الى الفنون البدائية، التي جسدها انسان العصر الحجري على جدران الكهوف.
والمفارقة الجمالية التي يمكن ذكرها هنا تكمن في ان الفنون الفطرية (مثل رسوم عبلة وعنترة) والفنون الشعبية والحروفية والزخرفية وفن المنمنمات (وخاصة منمنمات يحيى الواسطي، التي شكلت أول نهضة فنية عربية كبرى منذ قرون) ولقد نهل من رسوماته المحفوظة في مكتبة باريس الوطنية, كبار رواد الحداثة العالمية, مع العلم انها لا تحتاج لثقافة من المتلقي العربي، حتى تحوز على قبوله، كما شكلت الفنون الإفريقية, مصدر الهام، لكبار فناني الحداثة العالمية، من أمثال: بابلو بيكاسو، وخاصة في لوحته الشهيرة «فتيات أفنيون» التي رسمها عام 1907 وقاد من خلالها أكبر ثورة عرفها الفن الحديث. أما هنري ماتيس وبول كلي فقد عملا على كسر الرزانة الهندسية الموجودة في الزخرفة العربية (التي لم تكن تحتاج لثقافة أيضاً لتذوقها) ثم سار على خطاهما كبار الفنانين العرب المحدثين، الذين تعاملوا مع التراث الزخرفي, ومن هنا بدأت أزمة التقليد والاجترار والمراوحة والتعامل مع تراثنا العربي بمفاهيم جمالية تحتاج لثقافة غربية واسعة.
facebook.com adib.makhzoum