ربما علينا - نحن معشر المتشائمين المنتشرين على خارطة وطن عربي - أن نقتني قبعات مكسيكية و ندهن جلودنا المتهرئة بواقيات شمسية مستوردة للاستلقاء كمصطافين على رمال عربية حارقة لاكتساب البرونزاج ، على ألا ننسى ارتداء نظارات شمسية فاخرة لنحمي أعيننا من مشاهد غير لائقة إنسانياً ، و خادشة لحياء المدافعين عن حق سوري في العيش على أديم الأرض لاغريق في البحار .
ولكي لا نلقب بالمتشائمين والغارقين بالوجع ، سنجلس أمام صندوق الفرجة ونستل بصمت مناديلنا الورقية ، و نتابع صوراً تمر متسارعة تروي حكايتنا السورية ، يقطع هطل دموعنا صوتاً خافتاً باكياً لصاحب صندوق الفرجة و هو ينادي « يا سلام يا سلام تعا تفرج يا سلام على سوري كان .. ووين صار ..» .
و لكن عذراً من المتفائلين ب بكرا أحلى، يحق لنا معشر المتشائمين أن نبكي الطفل «إيلان» الملقى على الشواطئ التركية ، و أن نعلن الحداد على شهداء الهندسة طوني و راكان ، و أن تخنق الغصة حلوقنا على عائلات سورية لقطع تذاكر الموت تصطف متزاحمة ، من حقنا كشركاء بالسورية أن نتضامن شعورياً مع أم فقدت الأمل ب بكرا أحلى لطفلها ، فألقت به و بنفسها على سكك الحديد الهنغارية معلنة العصيان ، و طبعاً سنبكي كرامتنا بعد أعلنوا قسمتنا على الدول الأوروبية و كأننا بضاعة فاسدة أو قطيع أغنام ، و سنأسف بشدة على آثارنا التاريخية التي تحولت إلى رمال تنثرها رياح أبي جهل و حقد أبي لهب .. و رغم ذلك ما زال العالم أمام صندوق الفرجة يتابع مشاهدتنا يندبنا و يبكينا ...