تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حروبهم.. لاغتيال الطفولة والأوطان والحقوق الإنسانية

إضاءات
الأحد 6-9-2015
سلوى خليل الأمين

هل كُتب على شعوب منطقتنا أن يكونوا ضحايا لعبة الأمم وطموحات الدول العظمى ومشاكلهم المطبوعة تحت عنوان «صراع البقاء»؟

هل مسألة العبور من الحياة إلى الموت هي بيد من أُعطي القوة الجبارة التي تبيح المحظورات وحقوق الإنسان والعدالة الدولية؟ هل اتخاذ قرار الحرب وخلع الرؤساء واحتلال الدول ذات السيادة المحلية المعترف بها من المنظمات الدولية بات أمراً مشروعاً لمجرد أن من اتحذ القرار هو سيد الكون بلا منازع؟ ثم من أعطى الحق لـ «إسرائيل» بشن الحروب والقتل والتدمير والاعتقال وتشريد شعب بأكمله من دياره؟ وهل الصمت حيالها والتشجيع المضمون والدائم في كواليس القوة الكونية الكبرى لكل أفعالها الشيطانية هو من المبرارات المشروعة؟ وهل تزويدها بالسلاح والطيران، الذي لا يسمح باستعماله إلا لجيشها العدواني، وأن امتلاك طائرات «إف 35»، التي تعتبر جوهرة الترسانة الحربية المستقبلية للدولة الأميركية مسموح فقط لـ «إسرائيل» حتى لو دفعت السعودية الدولة الحليفة المليارات من الدولارات ثمناً لصفقة سلاح لا تملك حرية اختيار أنواعها ومصنفاتها؟ ترى هل تزويد «إسرائيل» بالطائرات الحربية المتطورة جداً والسعودية بما تيسر من صواريخ حديثة متطورة أيضاً، هو دفعة على مسار الحل السياسي في سورية الذي تدعمه روسيا وإيران مشاركة مع العديد من الدول التي استقبل قادتها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً أم هو خطة جديدة ممنهجة من أجل استمرار الحرب على اليمن وتزويد العصابات الإرهابية الداعشية بكل أنواع السلاح المتطور من أجل متابعة تدمير سورية وقتل ناسها وأطفالها عبر مباحثات مشروطة جرت خلال زيارة الملك سلمان إلى واشنطن ولقائه الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي انتزع منه الموافقة على الاتفاق النووي مع إيران.‏

لكن لا بد من القول إن السعودية ليس باستطاعتها مهما ملكت من ثروات إملاء شروطها على السلطة الأميركية التي اتخذت قرارها بتسوية الوضع في سورية والاتفاق مع إيران على المسألة النووية ومع روسيا على الحل السياسي الذي بدأت عناصره وبنوده تظهر للعلن عبر تصريحات واضحة من الرئيس الروسي الذي لا يمكن أن يُقدم على موقف غير محسوب النتائج. لهذا تبقى السعودية هي الخاسر الوحيد في حرب اليمن والحرب على سورية والعاجز عن الدخول في تركيب مسارات التسوية ما لم تخضغ لواقع عمدته دماء السوريين واليمنيين بالدم فداء لحرية الوطن وسيادته.‏

أضف إلى ذلك مسألة الحس الإنساني الذي تفجر فجأة في الغرب من خلال موت الطفل السوري إيلان الكردي ابن الثالثة من العمر غرقاً على شواطئ تركية، بعد أن هرب به والده مع أخيه وأمهما من الحرب المدمرة التي تخوضها سورية ضد الجماعات الإرهابية ومن يدعمها ويموّلها، التي لم تشفع للأبرياء ولا للطفولة المعذبة التي لا تحمل ذنوب الكبار والطغاة، الذين اخترقوا الشرائع الوضعية والسماوية كلها، من أجل تنفيذ أطماعهم وسيطرتهم على الشعوب المستضعفة، عبر الخطط الصهيونية المحكمة في أبعادها والتفاصيل.‏

تبقى فاجعة غرق الطفل إيلان التي هزت العالم الغربي، الذي أبدى تعاطفه واستنكاره المؤلم على مشهد الطفل البريء الذي لفظته مياه البحر وبقي وحيداً على الشاطئ الرملي، كي يهز الضمائر السوداء عبر العالم كله، بداية النظر باهتمام لمسألة اللاجئين المشردين من الحروب الهمجية الشريرة التي تقوم بها قوى الاستكبار العالمي مع عملائها وحلفائها المتسترين خلف شعارات الدين الإسلامي.‏

إن إنسانية الغرب التي ظهرت فجأة بعد حادثة غرق الطفل إيلان وشقيقه وأمه، تشكل اليوم بداية للحراك الأوروبي الذي بدأت تباشيره تتضح في بريطانيا حين بدأت الصحف بتصوير المأساة وأهمية وقعها الإنساني المؤلم، عبر مطالبة رئيس الوزراء دايفيد كاميرون قبول المزيد من المهاجرين، لكن لا يبدو أن هذا الحل هو الحل المرتجى والمقبول، إذ إن المفروض أن تقوم الشعوب قاطبة لمطالبة الدولة العظمى بالقضاء على الإرهاب وعصاباتهم من «قاعدة وداعش ونصرة» وتوقيف الدعم المالي واللوجستي عنهم، ودعم كل رئيس دولة يحمي وطنه من شرورهم، هكذا يتم حفظ الناس في بيوتهم وأراضيهم وعدم تهجيرهم وإيجاد المأوى لهم. لهذا المطلوب من الشعوب الغربية والعربية قاطبة، استنكار وشجب من وافق وساهم ودعم تدمير سورية واحتلال العراق وتفتيت ليبيا والصومال وتقسيم السودان ووضع لبنان في دائرة انعدام الجاذبية، إضافة إلى نشر الإرهاب في الدول العربية وحتى الغربية، والموافقة على إقامة «دولة داعشية» تهجر وتقتل وتغتال كل من لا يخضع لمسارهم الديني الملتبس، إضافة إلى تدمير الأماكن الأثرية والتراثية المدرجة على لوائح التراث العالمي، دون أن تحرك هذه الأفعال الشريرة جمعيات حقوق الإنسان العالمية ومنظمة اليونيسكو المسؤولة عن حماية التراث الأثري العالمي، في حين كل ما يهمهم وما يخططون له هو تنحي الرئيس بشار الأسد الرئيس الشرعي لسورية، المنتخب بقوة شعبه الـمُدرك لما يحيط بوطنه من مؤامرات، إضافة إلى تقسيم العراق السابح حالياً في متاهات المظاهرات المطالبة بالقضاء على الفساد والإفساد الذي ابتكره الاحتلال الأميركي وأغرق به القيادات العراقية السابقة، من ضمن مخطط هادف إلى ما وصل إليه العراق حالياً، أضف إلى هذا ما يحصل حالياً في لبنان من تطويق للمقاومة، التي حطمت الجيش الإسرائيلي وجعلته أضحوكة العصر الحالي والمستقبلي، بالمؤامرات التي سقطت مفاعيلها تباعاً، حتى وهم يحركون مسألة النفايات التي ابتدعها اثنان من حيتان السياسة اللبنانية الغارقين في مهادنة السياسة الأميركية الصهيونية الحليفة للسعودية وقطر، هذه السياسة العرجاء اللا وطنية التي ما زالت تُغرق لبنان في الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى منحى قديم ومستجد وهو كسر العماد ميشال عون، الذي ساند سورية في حربها الكونية، كما حليفه حزب الله، في كل المسارات إيماناً منهما ببناء وطن سوي غير تابع لا للشرق ولا للغرب، لهذا سلّطوا عليهما أذنابهم العملاء، خصوصاً بعد إعلان السيد حسن نصرالله أن رئاسة الجمهورية تمر من عند الجنرال ميشال عون، الذي أثبت للقاصي والداني خلال مظاهرة التيار الوطني الحر الحضارية بالأمس، التي ملأت الساحات أنه قوة وطنية ضاغطة لا يُستهان بها، وأن محاولة كسره وتحجيمه ليست بالأمر السهل، وأن تحريك مجموعة من الغوغائيين لتحريك أمور الفساد التي طالما تكلم عنها وطرحها الجنرال ميشال عون ليست بالأمر الجديد، وإن هذه المطالب التي أيدها العديد من اللبنانيين الشرفاء، وكانت الصرخة المدوية في وجه النواب والوزراء الذين يستغلون الشعب منذ أمد طويل، ليست معاناة فريق معين بل هي عامة وشاملة، طالما سلّط الضوء على خفاياها الجنرال ميشال عون معترضاً ومتسائلاً، لهذا وقف حيتان المال والسياسة الذين فسدوا وأفسدوا ومددوا وتمددوا غير عابئين بأمور الوطن والمواطن له بالمرصاد، لكسر شوكته ومن ثم لتطويق حليفه حزب الله، متناسين حوادث التاريخ التي قضت على إمبراطوريات عظيمة فسادها جعلها نسياً منسيا.‏

إن حروب الطغاة على الطفولة والأوطان وحقوق الإنسان لن تثمر عالماً مدنياً مسالماً، وإن المؤامرات المستمرة للسيطرة وإخضاع الشعوب لن تحصد نتائجها الإيجابية، وإن العالم يمشي بسرعة إلى مزيد من الانهيار والأزمات الاقتصادية والاجتماعية، واضمحلال الكيانات والدول الكبرى، ما لم يتدارك قادة العالم جميعهم، أن سياسة التسلّط وقهر الشعوب أثبتت عبر التاريخ أنها سياسة مدمرة، وأن الخلاص بالسلام وحده، والاتفاق الموحد على محاربة الفساد والإرهاب، خصوصاً والعالم اليوم قرية كونية مفتوحة، لا يملك حدودها كبير أو صغير.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية