علي محمد محمد من قسم هندسة القوى الميكانيكية بكلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية بجامعة تشرين دراسة محاكاة لمزرعة ريحية في عرض الشاطئ السوري ، وقد تناول المهندس موضوع طاقة الرياح في عرض الشاطئ السوري بغية استثمارها في انتاج الطاقة الكهربائية، علما ان نتائج الدراسات العالمية قد اظهرت بأن الميدان الرئيسي والقابلية الاكبر للنمو في مجالات الطاقة المتجددة ستكون عبر مزارع توربينات الرياح في عرض البحر.
وعن هدف البحث يقول المهندس محمد: يهدف البحث الى حساب المتوسط السنوي لسرعة الرياح بغية دراسة امكانية الاستفادة من طاقة الرياح المتاحة فوق البحر في المنطقة الجنوبية لمدينة طرطوس كونها انسب الأماكن لانشاء مزرعة ريحية بحرية كمصدر يلبي الاحتياجات المتزايدة لسورية من الطاقة. وحول تطور قطاع الطاقة الريحية أوضح محمد ان هناك تطوراً كبيراً في قطاع الطاقة الريحية وخصوصا خلال العقدين الأخيرين ما جعلها وفقا للمعايير الاقتصادية والبيئية طاقة المستقبل القريب اذا ماقورنت مع محطات الطاقة الحرارية المستهلكة للوقود الاحفوري.
وأضاف.. ان طاقة الرياح غير ملوثة للبيئة وبالتالي فانها ستخفف كثيرا من مشكلة الاحتباس الحراري مؤكدا ان من يراقب المشتقات النفطية سيلاحظ تفاوتا كبيرا في أسعارها وكذلك تفاوتا في الطلب على الطاقة. وبين ان الدوافع وراء ذلك تتلخص بعدة عوامل ومنها الاقتراب من الحالة المثالية للمزارع الريحية ويقصد بذلك سرعات الرياح العالية والمساحات الواسعة المكشوفة وهذان العاملان من دون شك هما من ابرز الحوافز الضرورية لاي صناعة ريحية. وأضاف.. كما ان البحار تتوضع ضمن منطقة صنف أو عامل الخشونة فيها صفر وعامل الخشونة هو الارتفاع بالمتر الذي تكون عنده سرعة الرياح معدومة بالإضافة إلى ان سطح الاضطراب المنخفض فوق البحر يجعل تزايد سرعة الرياح مع الارتفاع اكبر بكثير مما هو عليه على اليابسة وهذا يقلل من الارتفاع الاقتصادي المطلوب للبرج ومن حمولات التعب اذ ان كثافة الاضطراب فوق البحر لا تتجاوز 8 بالمئة في حين تتراوح على اليابسة بين 10 و 20 بالمئة عند ارتفاع مايقارب 60-70 مترا.
كما ان البعد عن المناطق المأهولة من اهم العوامل للاتجاه نحو تنصيب التوربينات في البحر وهذا الامر يتيح التخلص من مشاكل الضجيج ورجفات الظل والامكانية الكبيرة للتوسع في استطاعة المحطة بتنصيب توربينات جديدة ان توفرت الاعماق الملائمة.
وبين انه يجري العمل في المواقع البحرية على استخدام توربينات رياح بحجوم كبيرة 5 أمتار واط وهي تقوم بايصال الكهرباء بكلفة اخفض من نظيراتها الصغيرة لان تكاليف الاساسات وأراضي البناء وشبكات التوصيل الكهربائية وكلف الصيانة جميعها مستقلة عن حجم التوربين.
وأضاف.. بغض النظر عن كل الشكوك فان استخدام طاقة الرياح يرتقي ويتطور يوما بعد يوم والتوربينات تصبح أكبر ومشاريع اليوم تخطط بحجم 1000 ميغا واط وأكثر وبذلك فان طاقة الرياح البعيدة عن الشاطئ ستلبي الارتفاع بالطلب على الطاقة بشكل مشابه لمحطات الطاقة التقليدية.
وأوضح ان التراكيب والهياكل البعيدة عن الشاطئ توجد منذ أكثر من 50 عاما بشكل اساسي من اجل استخراج النفط والغاز وهي مبنية في مناطق تصل اعماقها إلى مئات الامتار وتمثل استثمارات بالمليارات وتحتاج الى فرق تشغيل كبيرة.
وأشار محمد إلى أن اول مزرعة ريحية قد بنيت في الدانمارك عام 1991وتألفت من احد عشر توربينا ذي استطاعة 450 كيلو واط متوضعة على بعد 5ر1 كيلو متر عن الشاطئ حيث العمق لايتجاوز من 3 إلى 5 أمتار اما الكلفة فكانت 2015 دولاراً لكل كيلو واط.
ودعا إلى ضرورة تبني استراتيجية طموحة تتوافق مع التحديات المستقبلية تلبية لتحقيق التوازن بين العرض والطلب على مصادر الطاقة مع ضرورة البحث عن البدائل واعتماد سياسة جريئة لجهة تمويل الاستثمارات المطلوبة مؤكدا أن طاقة الرياح ليست خيارا ولن تكون بديلا من المحطات التقليدية بل يمكن ان تشكل جزءا مهما من معادلة الطاقة في سورية مكملا وداعما لما هو متاح من المحطات التقليدية.
وقال محمد رغم وجود مناطق في الساحل السوري ذات سرعات رياح عالية ومناسبة جدا لمجالات عمل توربين الرياح الا ان الدراسة العامة للمناطق البحرية في سورية بالاستعانة بالمديرية العامة للموانئ تظهر امرين الأول ان المنطقة البحرية جنوب مدينة طرطوس تعد انسب الأماكن لانشاء المزرعة الريحية البحرية في سورية حيث تكون الأعماق 40 متراً كحد أعظمي على بعد 8 كيلو مترات عن الشاطئ.
وأضاف.. ان الامر الثاني الذي اظهرته الدراسة ملاحظة غياب القياسات الحقلية للرياح في المناطق البحرية السورية رغم الحاجة الماسة لتلك البيانات من اجل اغلب الدراسات والتي تعد الامثل للحصول على نتائج اكثر وضوحا ودقة رغم كلفتها العالية.
وكبديل عن القياسات الحقلية كان امام الدراسة خياران هما إما استخدام خرائط الطقس والتي لم تكن متاحة ايضا أو استخدام الطريقة الرياضية التي تعتمد على البيانات المفيدة المستخلصة من محطة الرصد الجوي عند الطرف الجنوبي لمدينة طرطوس لاعادة تقييم حقل الرياح فوق البحر.
وأوضح ان هذه الطريقة تعتبر من انجح الطرق لحساب سرعة الرياح فوق البحر بشكل رياضي انطلاقا من بيانات محطة الرصد على اليابسة وهي تصلح للاستخدام بشكل طبيعي وموثوق على نطاق يبعد 16 كيلو مترا عن محطة الرصد على اليابسة.
يذكر أن توصيات البحث ركزت على أهمية تقديم الدعم الكلي لصناعة التوربينات الريحية وطنيا وتهيئة الكوادر العلمية القادرة على استنهاض ثقافة الطاقة المتجددة في المجتمع.