ومشاركة نوتات الأعمال الموسيقية العالمية ومتابعة مستجدّات الأحداث في المنطقة وغيرها, لا بل توسّعت خدمات مواقع التواصل الاجتماعي اليوم لتتيح لك مشاركة تفاصيل حياتك اليومية مع الآخرين. وقد تستحوذ على تفكير البعض ووقته فتطغى على اهتماماته الأصلية وتواصله الحقيقي مع الآخرين.الضرر الدماغي
والعلاقات الاجتماعية المتراجعة
يحذر عالم الأعصاب بارونيس غرينفيلد من جامعة أكسفورد من خطر تكنولوجيا الشبكات الاجتماعية: «خوفي هو أن ترجع تلك التكنولوجيا مستوى الدماغ إلى حالة الأطفال الصغار الذين ينجذبون إلى الأصوات الصاخبة والألوان الساطعة ويملكون مدى انتباه قصير ويعيشون اللحظة فحسب.» وفي دراسة من جامعة أوهايو وجد الباحثون أن المعدلات الدراسية للطلاب الجامعيين الذين يستخدمون شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً منخفضةٌ بشكل ملحوظ عن أولئك الذين لا يستخدمون تلك الشبكات. وإن 79% من مستخدمي الفيسبوك لا يعتقدون أن هناك صلة بين نتائجهم الامتحانية وعاداتهم في استخدام الشبكات. بالرغم من أن فكرة الوصل بين الاثنين ليست بسذاجة أن ينخفض أداؤك الدراسي حالما تسجل في موقع فيسبوك, فإن انخفاض الوعي بآثار التكنولوجيا من شأنه أن يفاقم المشكلة.
قد يؤذي الكثير من المراهقين ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي في علاقاتهم الشخصية, إذ يضعف الإدمان على العالم الافتراضي أواصر التواصل الأسري الأساسية فتتحوّل التحيات الاعتيادية إلى همهمات. وفي المقابل تعمل مواقع التواصل على زيادة تشعّب العلاقات الافتراضية من خلال خلق صداقات غير حقيقية. تقول شيري تركل مؤسسة ومديرة مركز أبحاث MIT (مبادرة في التكنولوجيا والنفس) لرفع مستوى الوعي العام للأبعاد النفسية والاجتماعية للتغير التكنولوجي «أثناء استخدامنا للشبكات نكون موجودين معاً لكن توقعاتنا من الآخرين ضئيلة إلى درجة شعورنا أننا وحيدون بالكامل. وهنا يكمن الخطر في كوننا نرى الآخرين على أنهم أشياء يمكن الاطلاع عليها—و ذلك يقتصر على الأجزاء التي نجدها مفيدة أو مريحة أو مسلية من أولئك الأشخاص فحسب.»
القلق الاجتماعي والحسد
تقول شيري تركل من مركز أبحاث MIT في إحدى محاضراتها: هل سبق أن سألت نفسك خلال تصفح مواقع مثل Facebook وLinkedIn إذا ما أصبحت تطالعها مراراً ودون وعي:
1-من المحتمل أنك تقارن نفسك مع الآخرين—لتعرف إذا ما كنت مقصراً في حياتك الشخصية والمهنية.
2-تعتمد على وسائل الإعلام الاجتماعية لتجد لنفسك صداقات عميقة وهادفة ومطلوبة.
إذا شعرت أنك أصبحت تستخدم «فيسبوك» كمقياس لمقارنة حياتك مع حياة الآخرين, عليك أن توقف ذلك. فبينما يبدو الناس (على فيسبوك) أنهم يعيشون حياة أكثر تشويقاً من حياتنا, يجب أن نتذكر أنهم عادةً ما يشاركون تصويراً مثالياً لأنفسهم على الإنترنت. تنصح تركل باستخدام القلق الاجتماعي حافزاً لتحسين النفس. باتت الجملة التي ترددها تركل شعاراً شائعاً «نحن نتوقع الكثير من التكنولوجيا والقليل من أنفسنا ومن الآخرين.»
مضمون كتاب «معاً وحيدون» (Alone Together) - شيري تركل Sherry Turkle
كان الكتاب حصيلة دراسة الخبيرة شيري تركل لحياتنا الافتراضية على مدى خمسة عشر عاماً تضمنت مقابلات مع مئات الأطفال والبالغين ودراسات عن علاقات جديدة ومقلقة بين الأصدقاء والأزواج والآباء والأطفال, عن مشاكل فهمنا للخصوصية والمجتمع والحميمية والعزلة.
إن استبدال التفاعل البشري بالاتصال الافتراضي والنأي بأنفسنا عن العواطف هو أمر سلبي. إذ لا يمكن للنص أن ينقل الأحاسيس, وبالتالي يترك احتمالاً لسوء الفهم. فعندما نرسل نصاً الكترونياً, غالباً ما لا نكون في المكان نفسه مع المتلقي. وهذا ما يمنعنا من اختبار ردة فعله, مما يسمح لنا بقول أمور قابلة للتسجيل والمشاركة لكنها تهدد بقاء العلاقات.
تسمح لنا التكنولوجيا فعل ما نريد وتفتح أمامنا خيارات لم تكن موجودة من قبل, فتتركنا منهكين عندما تدفعنا لتجربة كل شيء متاح فيها. وبالرغم من أننا نصبح أكثر مقدرة على التواصل والعمل من أي مكان, نكون عرضة لأن نكون وحيدين في أي مكان أيضاً.
إنها قصة اضطراب عاطفي ناتجة عن المخاطر التي نسلكها دون دراية. ولكنها قصة أمل في المقابل، فحتى في الأماكن التي يبلغ فيها الإشباع الرقمي ذروته، تجد أناساً, من الشباب خاصة, يتساءلون عن الثمن الذي ندفعه، وحول الضوابط والموازين، والعودة إلى ما هو أكثر دواماً في العلاقات الإنسانية المباشرة.