وعند تعريف الحوار نرى أنه أعلى المهارات الاجتماعية قيمة والأمة الناهضة هي الأمة التي تشيع فيها ثقافة الحوار بين أبنائها وكلما ابتعدت عن فتح آفاق الحوار عانت من الأمراض الاجتماعية كالكذب والنفاق والتسلط والمخادعة...الخ.
للأسف نحن أمة تجيد الكلام لكنها لا تجيد الحوار ولا الإصغاء.. لأن الحوار مبني على ثقافة تكونت نتيجة متابعات وقراءات وأبحاث ومطالعات وحراك اجتماعي إضافة إلى مهارات شكلت مخزوناً يستطيع المحاور من خلاله أن يبرز قناعاته التي وصل إليها.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن كيف هي حواراتنا اليوم؟ أنا أتحاور معك ولكن أنا موقن بأنك مخطئ تشبيهاً بقول فرعون: ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد.
على هذا فإننا جميعاً والمثقفون تحديداً مطالبون بضرورة الوعي والمحاكمة قبل إطلاق الأحكام.. فالمثقف في المفهوم الاصطلاحي: هو ناقد اجتماعي همه أن يحدد ويحلل ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظام أكثر إنسانية وأكثر عقلانية كما أنه الممثل لقوة محركة اجتماعياً يمتلك من خلالها القدرة على تطوير المجتمع من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية.
الآن أتساءل ما الدور الذي قام به المثقفون في هذه الأجواء الصعبة المشحونة بالعنف؟
من خلال متابعتي لمقابلاتهم عبر الفيسبوك وبعض الصحف وجدت من كان يطرح شعارات الحرية وحق الاختلاف بات يدعو إلى الاستئثار بالرأي واستخدام منطق الإقصاء فبات هناك تناقض بين الشعارات والمواقف..
والملفت للنظر أننا اطلعنا على حوار لمثقفين سياسيين مختلفين في الرؤى الوطنية فكانت حيادية ومنصفة وتقبل كل طرف اختلاف الرأي الآخر وهذا اعتبره بداية الطريق نحو الديمقراطية وثقافة الحوار..
أما البعض الآخر فدعا للتغيير الجذري والانتماء لأصوات المعارضة والبعض الآخر اشتغل على التنظير واشعال الفتنة في الشارع دون أن يكون له دور بارز في نقد الواقع وقيادة الحراك الشعبي صوب الإصلاح وإشاعة ثقافة اللاعنف وآخرون لم يحاولوا بث الوعي والرد على أي افتراء يصدر في الشارع السوري وهنا أنا لا أعمم فالتعميم لغة الحمقى.
إذاً كان دور المثقف السوري سطحياً وهامشياً فلم يضطلع بدور إيجابي مهم وفاعل إذ اكتفى بالتنظير دون أي مقترحات أو حلول تؤثر في الحراك العام الشعبي فبدلاً من أن يقود الشارع قاده الشارع وترجرج موقفه ونتساءل لماذا هذا الغياب.
hunada@housri.com