فالموقف السوري الصامد الذي يعبر عنه ويجسده السيد الرئيس بشار الأسد الأمين القطري لحزب البعث العربي الاشتراكي جعل من سورية العربية القلعة الأمامية في حماية المصالح الوطنية والقومية للعرب في كل مكان.
هذه القلعة الصامدة الصلبة كانت الحاضن الدائم لكل حركة وطنية وقومية، على امتداد الساحة العربية وبفضلها تم تفويت الفرصة على جميع القوى المعتدية على الحق العربي إن كان في فلسطين أم في لبنان أم في العراق وفي كل مكان، فنذرت نفسها وهي رافعة الرأس لمواجهة جميع محاولات ترسيخ التجزئة والتشرذم وبث الفرقة والصراعات الثانوية الهادفة إلى إضعاف قوى المقاومة واستنزاف طاقاتها في الاتجاه الخاطئ، ولولا سورية العربية التي يقود نهجها الوطني والقومي بكل شجاعة وحكمة ومبدئية السيد الرئيس بشار الأسد الذي يحمل في قلبه وعقله الإرث النضالي الذي رسخه المناضل الكبير الراحل حافظ الأسد منذ قيام الحركة التصحيحة عام 1970، هذا الإرث الذي استند إلى قوة الجماهير ووحدتها الكفاحية التي أوجد إطار وحدتها الواقعي قبل أربعين عاماً الرئيس الراحل حافظ الأسد بتأسيس الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم في إطارها جميع الوطنيين والتي رسخت الوحدة الوطنية كقاعدة رئيسية للمحافظة على نهج سورية المبدئي في القضايا السياسية والوطنية والقومية الكبرى، فهذه الوحدة الوطنية التي تتميز بها الحياة السياسية السورية على امتداد عشرات السنين جعلت من سورية العربية عصية على اليأس والإحباط وعصية على التنازل والاستسلام والتهاون في القضايا المصيرية الكبرى، التي كادت تنتشر بين بعض العرب على شكل فلسفات متنوعة منها إيجاد الذرائع المختلفة للاستسلام وتبرير التنازلات والتخاذل أمام أعداء العرب وخاصة أمام إسرائيل ونهجها العدواني المعادي للسلام العادل والشامل وفوتت سورية بصلابة لا تلين أي امكانية لتمرير وتعميم هذه المفاهيم التي تكرس ذهنية الهزيمة والاستسلام، فأصرت سورية على أنها لن تتنازل عن شبر واحد من أراضيها ولا عن حق واحد من الحقوق العربية، مؤكدة أن السلام خيارها الاستراتيجي والذي لا يمكن أن يقوم إلا باستعادة الجولان كاملاً حتى خط الرابع من حزيران عام 19٦7، ورفضت سورية دائماً أن يكون هذا الحق المقدس قابلاً للمناقشة أو التفاوض، فالسلام والاحتلال لا يمكن أن يجتمعا ولا يمكن لهذا السلام أن يحقق هدفه إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة وضمان الحقوق المشروعة للشعب العربي الفلسطيني وخاصة حقه في تقرير المصير وبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
لقد أثبتت سورية أنها حريصة على السلام والأمن والاستقرار في المنطقة ولكن للسلام مقوماته المعروفة إلا أن السلام الذي تعمل من أجله سورية ليس له شريك من الطرف الآخر الإسرائيلي، فإسرائيل وكما بات واضحاً للعالم أجمع أنها المسؤولة عن موت عملية السلام فهي التي ترفض وبأشكال مختلفة من التضليل والمراوغة وتهربها من استحقاقاتها لذلك فالسلام بالنسبة لإسرائيل ليس أكثر من كلمات زائفة وتصريحات دون مضمون ومجرد وسيلة للتعتيم على نهجها العنصري العدواني وما ارتكبته من مذابح بحق أهل غزة وقبلها بحق أهل الجنوب اللبناني يؤكد حقيقة إسرائيل الفاشية وأنها معادية للسلام بالمطلق، ومن هذا الفهم العميق لطبيعة إسرائيل سعت سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد لإنهاء حالة الضعف العربي والتشرذم والانتقال إلى مرحلة جديدة أفرزتها معطيات الواقع الملموس مرحلة المصالحات العربية العربية التي قادها بكل صبر واقتدار السيد الرئيس بشار الأسد واستطاع بكلمته الرائعة في قمة الدوحة أن يؤسس لهذه المرحلة وتجاوز مرحلة من الانشقاق العربي لم تخدم سوى أعداء العرب وأعداء السلام الصهاينة وأعوانهم في الغرب الاستعماري.
إن النهج السوري الوطني والقومي هو استجابة لمبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي ومنطلقاته الفكرية التي وضعها المؤسسون الأوائل قبل 62 عاماً، واستمر البعثيون في المحافظة على هذه المبادئ والتي تتجسد في نهج سورية الوطني والقومي المناهض للصهيونية والامبريالية ، هذا النهج الذي يحرص عليه السيد الرئيس بشار الأسد كونه الخيار الاستراتيجي لحزب البعث العربي الاشتراكي وخيار كافة القوى الوطنية التقدمية والذي يلاقي الالتفاف والدعم من الجماهير الشعبية في كل مكان من دنيا العرب.