الذكرى الثانية والستون لتأسيس البعث...نحو المسـتـقبـل بخـطا ثابتـة
شؤون سياسية الثلاثاء 7-4-2009 حسن حسن شهد السابع من نيسان عام 1947 ولادة حزب البعث العربي الاشتراكي في ظروف غير عادية، بعد عام من الاستقلال وقبل عام من نكبة 1948 واحتلال الصهاينة لفلسطين وسط أوضاع داخلية متقلبة وغير مستقرة، فظهرت أفكار البعث وانتشرت مبادئه وسط الجماهير العريضة،
وما كان لمبادئ الحزب وأهدافه وأفكاره أن تسود وسط الشعب وتلقى قبولاً واسعاً في أوساط الجماهير العربية لو لم تعكس آمالها وتحقق أمانيها في الاستقلال وتحرير الإنسان العربي ووطنه من الظلم والعبودية والتطلع نحو إحداث تغييراجتماعي إيجابي وصولاً لبناء مجتمع عربي موحد يسوده العدل والمساواة.
مراجعة مسيرة الحزب تؤكد أن تأسيسه لم يأت من فراغ وإنما كان ثمرة مرحلة طويلة من النضال في صفوف الجماهير والمشاركة في كل معركة خاضها شعبنا سواء ضد المستعمرين أم ضد الإقطاع والفئات المستغلة التي ارتبطت مصالحها بمصالح المستعمرين،وتحمل ذكرى التأسيس معاني ودلالات تعبر أصدق تعبير على أن أهداف الحزب لا تزال هي نفسها أهداف الجماهير وأن الحزب استمد قوته من هذه الجماهير التي هي مادته وغايته ولاطريق للنصر إلا من أجلها ومن خلالها، فهي صاحبة المصلحة الحقيقية في التحرر والوحدة، وهي الإرادة التي لا يمكن أن ترضخ أو تساوم أو تتنازل أو تفرط بذرة من التراب القومي علي امتداد الساحة العربية أو أن تتخلى بالتالي عن حق مغتصب استطاع حزب البعث العربي الاشتراكي أن يرسخ هذه الحقائق على أرض الواقع عبر طليعته الثورية التي رفعت راية مواجهة المشاريع والخطط الاستعمارية الصهيونية وعززت هذه المواجهة بالجهد والعرق، وخاضت من أجل ذلك معارك الدفاع عن الأمة العربية وعن الوحدة والكرامة والتحرر وانتصرت صوناً لرسالتها الخالدة الإنسانية كأمة عربية واحدة، لها تطلعات وأهداف وأمان وآمال وآلام مشتركة.
وحملت شمس السابع من نيسان 1947 بشائر مولد فجر نضالي عربي جديد وبشائر نهوض وانعطاف تاريخي إيجابي يفتح صفحات مشرقة في تاريخ الأمة العربية، فكان البعث ثورة على التخلف والتبعية والتجزئة وتفجيراً لطاقات وقدرات وإمكانات الجماهير العربية نحو أهدافها الحقيقية، وكفاحاً شاقاً ودؤوباً ضد الأخطار والتهديدات الاستعمارية والصهيونية، وفي ذلك الوقت بدأت شراسة الحركة الصهيونية تهدد الوجود القومي للأمة، فانتهج حزب البعث سياسة التصدي لكل أشكال الاحتلال الصهيوني وبدأ مرحلة الصراع المصيري الطويل ضد سياسة ومشاريع وأهداف الحركة الصهيونية، وخاض معارك وملاحم بطولية رائعة على أرض فلسطين وفي حرب التصدي للعدوان الثلاثي على الشقيقة مصر وإسقاط مشاريع الأحلاف الاستعمارية والدعوة إلى الوحدة العربية باعتبارها الطريق إلى تحرر العرب وعزتهم، وقدم مناضلو الحزب تضحيات كبيرة على هذا الطريق. وقد ترك نضال الحزب مآثر وانتصارات واضحة في شتى المراحل، فقيام ثورة الثامن من آذار 1963شكل فعلاً ثورياً في حياة الحزب لإعادة القضية القومية إلى مكان الصدارة بعد أن استبعدت عن أولويات النضال إثر جريمة الانفصال، ثم كانت الحركة التصحيحية في السادس عشر من تشرين الثاني عام 1970 لحظة تاريخية بعدما طرحت الأزمة التي مر بها الحزب والثورة تساؤلاً كبيراً وضع سورية أمام منعطف حاد، كان لا بد معه من استجابة موضوعية لتصحيح وتصويب مسار النضال القومي للحزب وتخليصه من العقليات المناورة التي تسببت في تراجع القضية القومية إلى مواقع متأخرة، بعدها خاص الحزب معركة تشرين التحرير التي جاءت علامة مضيئة في تاريخ الوطن. وكما كان القائد الخالد حافظ الأسد يرى في الوحدة العربية حقيقة كبرى لا تفوقها ولا تساويها حقيقة أخرى نجد أن الرئيس بشار الأسد اليوم وقد أغنى مسيرة الحزب وطورها فكراً وممارسة لما قدمه من إبداعات خلاقة ومبادرات وإضافات جوهرية وهامة فتحت آفاق المستقبل رحبة أمام آمال العرب وأمانيهم لتحقيق أهدافهم وأرست مبادئ التمسك بالحقوق والكرامة، وأضحت سورية اليوم في ظل قيادته مركز استقطاب لحشد الطاقات كلها من أجل معركة الصراع ضد العدو الصهيوني ومجابهة التحديات والمستجدات والتطورات كما قاد معركة السلام ولا يزال من خلال رؤية شمولية واستراتيجية واضحة تصون الحقوق وتحرر الأراضي المحتلة وترفض الطروحات الاستسلامية أو الخضوع للشروط المذلة وتعزز الخط القومي للحزب وتجذره، وكان حضور سورية الفاعل على الساحة العربية فاعلاً ومؤثراً وجاءت كلمة الرئيس بشار الأسد في مؤتمر القمة الحادية والعشرين تجسيداً لدور سورية الذي أضحى الحامل الوحيد للمصلحة القومية وتضع العرب جميعاً أمام مسؤولياتهم تجاه جيل قادم ينبغي أن يتحرر من أخطاء الماضي ويتوجه نحو المستقبل بخطا ثابتة وعلى أرض صلبة مسلحاً باستراتيجية شاملة تعزز التعاون العربي وتسعى إلى التكامل وتحقيق المشروع القومي النهضوي ومواجهة مخططات إسرائيل والقوى المعادية للعرب الهادفة إلى الهيمنة والسيطرة على أمل أن نشهد نمواً مطرداً للفعل العربي، واستعداداً أكبر للدفاع الجماعي القومي عن حقوق العرب وتأكيداً أفضل على ظهورهم أمام العالم كتلة واحدة متماسكة محورها المصالح القومية المشتركة وقاعدتها وحدة الماضي ووحدة الحاضر ووحدة المصير.
|