ونهجه عما تعانيه البلاد من ويلات الاستعمار ومخلفاته من القهر والفقر والتجزئة والتخلف ولهذا جاء التفكير في الايمان بالثورة لتغيير الواقع القائم والتحول الجذري لكافة المعطيات التي سادته في فترة التأسيس لتأتي المنطلقات الفكرية وفيما بعدها بعض المنطلقات النظرية منسجمة مع دستور الحزب في اولوية الاقتصاد الى جانب اولوية الحرية والتحرر فاحترم حق الملكية الجماعية لوسائل الانتاج بدءا من الارض وصولا الى المعمل والنفط وعزز ملكية الدولة التي جاءت بالضرورة لتلبي رغبات الشعب وارادته ولتقود الجماهير باتجاهات البناء الوطني الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والفكري الشامل للبلاد.
من هنا نفهم لماذا برزت المسألة الاقتصادية كونها تشكل عصب التحول واساساته لبناء المجتمع ولقيادة مدخراته وتوظيفها في اتجاه العمل السياسي التنموي والاقتصادي ،مع التركيز على احترام مدخلات واساسات العملية الانتاجية فجاء التفكير من منطلق ان الارض لمن يحرثها ويعمل بها من خلال معطيات جاءت لتقلب الواقع جذريا من الاستعباد والسيطرة المطلقة التي تذوب فيها شخصية الانسان وكفاءاته خلال الحكم الاقطاعي الى مرحلة المشاركة في الملكية والتملك حتى يشعر الانسان الذي جاء البعث ليختزل افكاره وتطلعاته اساس الثورة وعماد انطلاقاتها ومرتكزاتها، هذه الرؤية التي كان البعث من خلالها منسجما مع نفسه تماما ومع شعاراته واهدافه ومنطلقاته خلال مسيرته النضالية الصعبة التي توجت بثورة الثامن من اذار واعلان قانون الاصلاح الزراعي الذي شكل ثورة حقيقية على كافة اشكال الظلم والاستعباد وصار من خلاله الفلاح سيد ارضه.
وكانت الثورة الموازية في مجال الصناعة وجاء التأميم خطوة انتقلت فيها الملكية من يد البرجوازية الى ملكية الدولة وجماهير العمال بالمحصلة واصبح لدولة البعث قطاعها العام الرائد ونمت الصناعة الوطنية مع ترسيخ عوامل نمو الدولة.
كذلك جاء الاهتمام بقطاع النفط والثروة المعدنية وثروات البلاد من خلال شعارات مازلنا نرددها( بترول العرب للعرب)
المهم ان هذه المرتكزات اصبحت اكثر موثوقية مع قيام الحركة التصحيحية التي كانت تصحيحا للمسارات الفكرية والسياسية وبالتالي تصحيحا نوعيا للمسارات الاقتصادية حيث اطلقت شعار التعددية الاقتصادية وصار المجال متاحا للمبادرات الانتاجية الوطنية من قطاع عام وخاص ومشترك وقطاع تعاوني لتقدم مساهماتها في عملية التنمية الاقتصادية وكان الى جانب التعددية اهتمام بأساسات ومرتكزات التنمية الوطنية في مجال قطاعات التربية والتعليم والتعليم العالي والنقل والمواصلات والصحة والبناء والتشييد وغير ذلك من مجالات البناء الوطني الشامل .
ولأن البعث مسيرة تنموية شاملة لم تكن على الاطلاق فريسة الجمود والتقوقع فقد كانت مسيرة حية متجددة باستمرار حيث اثبتت هذه المسيرة انها قادرة على التعامل مع ما يخدم مصلحة الوطن ومصلحة الجماهير بكافة مجالاتها الانسانية والابداعية فكان لابد ان تمتلك الجرأة الثورية في الوقوف مع الذات وتصحيح المسارات وبث روح النماء فيها حيث جاءت مسيرة التحديث والتطوير مسيرة الشعب والوطن لتنتقل البلاد الى مستويات جديدة على النظام الاقتصادي وتجعلها اكثر تلامسا مع المجتمع الدولي والمتغيرات الاقتصادية الكبرى.
فكان مصطلح اقتصاد السوق الاجتماعي احد المرتكزات التي نادى بها مؤتمر الحزب وأقرها مع تأكيد الجانب الاجتماعي الذي يبقي للدولة ذراعها الطويلة التي تمتد عندما يتعلق الامر بقضايا الانسان والجماهير قضايا الوطن فمنذ عام 2000 بدأت مسيرة التحول النوعي التي عززت مبدأ التشاركية والمصارحة والشفافية مع الناس تتفاعل معهم وتتحمل معهم مشكلات التحول المتوقعة وكانت الذراع تمتد لتضرب كل من يحاول النيل من اساسات الصمود وثوابت العمل الوطني في سورية.