من حقه علينا أن نطالب بديمقراطية شعرية تأخذ في الاعتبار عوامل الإبداع،وكشف حساب لما قدمه كل شاعر خدمة للشعر.
الدكتاتوريات الشعرية تنتشر على خارطة الأدب العربي انتشار النار في الهشيم،والضمير الحي عملة دارسة لاقيمة لها عند القيمين على إقامة المهرجانات والملتقيات الشعرية العربية في الوطن والمهجر (وما أكثرها)
الطريف والموجع في آن أن هذه الملتقيات الكاريكاتورية تكافئ الذين يسهرون على تخريب الذائقة،والإساءة للشعر،فبعد ملف الشعر السوري في كتاب في جريدة الذي أعده الشاعر شوقي بغدادي،وما قدمه من صورة مشوهة ومشوشة عن الشعر السوري العظيم،وبعد الضربة القاضية التي وجهتها احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية إلى قلب الشعر السوري،هاهو مهرجان دبي الدولي للشعر (ثالثة الأثافي) يدخل الشعر السوري في غيبوبة،عندما اختار لتمثيله ثلاثة شعراء متنفذين قريبين كالعادة من اللجنة المنظمة،حتى بتنا نؤمن إيماناً مطلقاً بصناعة الشاعر النجم على شاكلة صناعة الممثل والمطرب والحكواتي وخبير الأعشاب وبائع الوهم..الخ
على الشاعر إذا أراد أن يصير نجماً في هذه الملتقيات أن يرأس دورية ثقافية،أو لوبياً من لوبيات الشعر،وأن يدعو نظراءه المتنفذين في الأقطار العربية إلى المهرجانات السورية حتى يتم دعوته إلى المهرجانات العربية على مبدأ المثل السوري(حكلي لحكلك).
تطير شاعرة سورية لا تعرف الخمسة من الطمسة مدعوة لمهرجان عربي كضيفة شرف،وتقضي الأخرى سحابة يومها في فروع الهجرة والجوازات لتستطيع طبع أكبر عدد من الفيز المتنازعة على جوازها،وتطل علينا شاعرة /نجمة في فضائية خليجية بقميص نوم لتثبت أن مشروع مجلتها يشجع هذا اللون من اللباس،وعلى الفضائية السورية في برنامج يدعي التقاط الهوامش يطل علينا كاتبين مكرسين بشدة في نقيض جلي للعنوان الصريح للبرنامج ويسترخي البعض في مكاتبهم ومنازلهم،وهم يقسمون ويجمعون ويطرحون جداول دعواتهم بحكم كونهم أسماء مكرسة ومقدسة ولهم في كل عرس قرص،دون السماح بأي مراجعة لحقيقة تأثيرهم الفعلي في المشهد الشعري السوري،فيما يتسكع الشعراء السوريون في أروقة قصائدهم التي كتبوها بدماء قلوبهم،وبأعمارهم المسكوبة وقوداً لصعود تلك الثلة من المتنفذين الذين يمتلكون الوصفة السحرية للنجومية ويحتكرونها،ولا يقدمون أسرارها إلا لمريديهم والمصفقين لأمجادهم.
ونتساءل فيما لو أجريت مراجعة صادقة،وجريئة لنتاجات هؤلاء..ماالذي سيتبقى من نتاجهم مصنفاً في خانة الشعر الحقيقي؟؟
وإلى متى يبقى الشعر واجهة مزورة يتمترس خلفها الطارئون عليه؟؟
ومتى يستعيد الشعر السوري العظيم حقوقه،وينصف أبناءه؟؟
ربما يرد علينا الطارئون:في المشمش..!!
ولكن أقلامنا ستبقى مخلصة لسحر الشعر،وقلوبنا عامرة بحبه،وعيوننا سترنو إلى يوم تتحقق فيه الديمقراطية الشعرية،ولو أصر سارقو رحيقه على أن هذه الديمقراطية من رابع المستحيلات.
لا يكفي أن يلّوح هؤلاء بشهادات فخرية مزورة،وبطيب الإقامة في فنادق الخمس نجوم،ولا بعشرات المقالات التي تكتب إرضاء لغرورهم،وطمعاً بفتافيت إعطياتهم..
لا يكفي أن يلوحوا بنصالهم الفاتكة التي تنحر أحقية الشعراء السوريين في نيل حقوقهم،وتمثيلهم تمثيلاً حقيقياً في المؤتمرات والمنتديات الشعرية العربية والعالمية،ولا بد أن يتذكر الطارئون الطغرائي وقصيدته الخالدة:
وعادة النصل أن يزهى بجوهره وليس يعمل إلا في يدي بطلِ
وإنما رجل الدنيا وواحدها من لا يعوّل في الدنيا على رجلِ
وسنبقى نعوّل على الشعر وحده وليس على سارقي ناره، ومحتكري الحقوق الحصرية للنطق باسمه.