صدر عن وزارة الثقافة «الهيئة العامة السورية للكتاب» كتاب فولوكلوري، يضاف إلى سلسلة الكتب الفولوكلورية التي نهض هذا الكاتب «محمد خالد رمضان» لإلقاء أضواء حول موضوعاتها المتصلة
بالتراث الشعبي الشفاهي والحركي والمهني و التي أغنت المكتبة العربية وسدت فراغاً كبيراً في هذا الجانب من المؤلفات العربية، وهذا الكتاب جزء أول من ثلاثية فولوكلورية ستصدر تباعاً.
وبالإضافة إلى المقدمة التي تعرض فيها المؤلف لتعريف الحرفة اللغوي وإلى من سبقه في الكتابة عنها، وإلى التراث الشفاهي المرافق لكل حرفة، استعرض في الأبواب الأربعة التالية للحرفة وماهيتها في العلم والتاريخ وروادها، وتضمنت هذه الأبواب مضامين ذات أهمية قصوى، تتعلق بتطور الحرفة ومكانتها في المجتمع، وتميزها عن العمل الخدمي، كما رصد المؤلف حرفاً معينة كالبروكار وغزل الصوف والشراويل والأغباني والأنوال الخشبية، وأدوات الطعام، وحرفاً خاصة بالأسواق الشامية، بحيث لم يترك سلعة تراثية إلا أتى عليها.
وتضمن الباب الرابع، وهو مهم وجديد، نبذة خاصة بأسماء الرواد الذين سمع المؤلف نفسه عنهم الإرث الشفاهي الشعبي المتعلق بحرفهم، وهم يعدون أكثر من أربعين معلم حرفة، ما يعني أن عمل المؤلف كان ميدانياً ولم يكن مكتبياً فقط، وهذه تحسب له، لأنه باحث في الفولوكلور وليس جامعاً له.
-2-
لا يكتفي المؤلف بإلقاء أضواء على كل حرفة ضمتها دفتا الكتاب، بل يؤطر ذلك بما قيل في الوسط الشعبي من أمثال أو زغاريد أو أغنيات ترافق كل حرفة، فهذا مثال من الأمثال التي كتبها حول أدوات الطعام:
- معلقة وشوكة وعيشة مجعوكة.
- قدرة ولقت غطاها.
- طالع ونازل متل المنشار.
وهذا مثال آخر عن أغنية قيلت في حرفة الهودج الذي كان يصنع في البلاد ويحمل على ظهر بعير إلى الديار المقدسة في أيام فريضة الحج:
يا ويل يا ويل يا ويل حالي
أخدو حبي وراحوا شمالي
تحت هودجها وتعالجنا
صار سحب سيوف يا ويل
ما قتلني غير أبو ياسين
يا دهب يلطم على الجبين
يا شداد الحلوة فوق الهجين
أحلى الأيام والليالي
ولو أنني أردت أن أضرب أمثلة كثيرة لاحتجت إلى نقل ما في صفحات هذا الكتاب الفولوكلوري المهم، فاكتفيت بأمثلة قليلة تاركاً القارئ ليستمتع بها بنفسه دون مساعدة.
-3-
لي أخيراً ملاحظة صغيرة، أردت إثباتها في هذه العجالة، فقد تكون محقة، لقد ذكر المؤلف أن المواد الأولية التي يتشكل منها هذا الخلق الجديد، أي الحرف، هي القماش والخشب، والجلد والتراب، والرمل، والأعشاب والثمار و الأشجار كان حرياً به أن يذكر مواد أخرى كالزجاج والحديد اللذين شكلا حرفاً مهمة من حرفنا الشعبية في الماضي والحاضر، لكن هذه الملاحظة لا تؤثر على أهمية هذا الكتاب الفلوكلوري الذي يأتي في مرحلة نبحث فيها عن ذاكرتنا الشعبية التي نكاد أن نفقدها.