بما أن واشنطن طرحت هذه الإملاءات فمن الطبيعي أن تبدأ هي بتطبيقها أولا. هل الولايات المتحدة دولة «طبيعية»، كيف ينبغي أن تسلك الدولة لتكون «طبيعية»؟
السياسة الخارجية
إذا كانت الولايات المتحدة دولة طبيعية يمكننا استخلاص الكثير من الأمور، هل يعني السلوك الطبيعي انتهاج سياسة عسكرية ومهددة، قصف الدول بشكل مستمر، غزو ومباركة عمليات تغيير الأنظمة في العالم أجمع؟! إذا كانت هذه الأمور طبيعية فهل لمح مايك بومبيو إلى توجه إيران لغزو جاراتها وتوجيه ضربات لدول أخرى.
إيديولوجية الاستثناء الأميركي، والاعتقاد أن الولايات المتحدة كاملة ولا يمكن أن يحل أحد محلها هذا أمر شائع في المجتمع الأمريكي ووسائل إعلامه، أي شخص سياسي لا ينتمي لأمريكا جسدا وروحا تتم معاملته على أنه معاد لأميركا ولا يتمتع بروح المواطنة.
تُعتبر الاستثنائية الأميركية أمرا «طبيعيا» و»ممدوحا»، هذا وتخصص الحكومة الأمريكية أكثر من ٦٥٠مليار دولار سنويا للجيش - يعني أكثر مما تخصصه سبع دول مجتمعة. بومبيو بحد ذاته ينتمي بالتمام لهذه الايديولوجية. وقد تحدث مؤخرا عن «البناء الجيد المطلق» بخصوص ما تصنعه الولايات المتحدة في العالم، لكن ما يعتبره البعض طبيعيا يراه البعض الاخر عسكرة امبريالية.
تطلق الولايات المتحدة بانتظام تحذيرات للمسافرين حول معدل الجريمة، وحالات العنف السياسي وغيرها للدول التي يزورونها، لكن ما هي الملاحظات التي قد تستخلصها أميركا بحال فعلت دول أخرى ما تفعله هي؟ عام ٢٠١٨، في الولايات المتحدة حدث أكثر من ٣٠٠ حالة إطلاق نار على مجموعات من الناس أي ما يعادل حالة كل يوم، وهذا منذ بداية العام، لقد أصبحت هذه الاعتداءات «طبيعية» وهناك موقع ويب وحيد مخصص لتغطية هذه الحوادث...
عام ٢٠١٦، كان عدد ضحايا إطلاق النار ١١ ألف شخص، وأظهرت الإحصائيات أن قتلى التعرض لإطلاق النار هو ضعف عدد قتلى حوادث السير وهذا وفق المركز الوطني للإحصاء الصحي.
الشرطة الأميركية قتلت ٩٨٧ شخصا في العام الماضي، كما أظهرت الإحصائيات أن عدد الزنوج الذين يتعرضون للتعنيف من الشرطة كبير جدا مقارنة بتعدادهم بالنسبة لباقي الشعب الأمريكي. في الواقع، عام ٢٠١٧ شكل عدد الرجال الزنوج (المسلمين وغير المسلمين) الذين قتلوا على يد الشرطة ٢٢% من العدد الإجمالي العام - حيث عددهم لا يشكل أكثر من ٦% من الشعب.. هذا ما يسميه بومبيو «طبيعي».
بالنسبة للصحة تصرف الولايات المتحدة ٣.٤ مليارات دولار سنويا على الصحة، لكن هذا المبلغ غير كاف أمام عدد السكان حيث هناك ثلاثون مليون مواطن غير مشمولين بالضمان الصحي.
يموت سنويا ٤٥ ألف شخص لأنهم محرومون من الضمان الصحي. هل هكذا يجب أن تجري الأمور في بلد «طبيعي»؟ وأميركا هي الدولة المتطورة الوحيدة التي لا تمنح إجازة أمومة المرأة.
بقلم: دانييل رايان