تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نجاح الحرب على داعش.. بالتعاون مع دول المنطقة!!

متابعات سياسية
الأربعاء 11-2-2015
عبد الحليم سعود

مع قيام تنظيم داعش الإرهابي بذبح عدد من الصحفيين والناشطين الأجانب وصولاً إلى حادثة إعدام الطيار الأردني حرقاً، بدأت الحرب الافتراضية على هذا التنظيم التكفيري المتوحش تأخذ بعداً إعلامياً دعائياً أكثر منه بعداً ميدانياً يستند إلى الواقع،

ومن يراقب ما تبثه قنوات التضليل المعروفة العربية وغير العربية في هذا المجال سيفاجأ بكمية النفاق والدجل المتعلقة بأخبار داعش وحجم الإنجازات الوهمية المنسوبة للتحالف الدولي في إطار الحرب عليه، وسيندهش من حجم التعتيم والتجاهل المضروب حول إنجازات الجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني من جهة وكذلك إنجازات الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي الداعمة له من جهة أخرى.‏

ولا يحتاج المتابع لكثير عناء حتى يدرك أن حرب الغرب وأميركا على داعش مجرد حرب شكلية لا تستهدف اقتلاع التنظيم وإنهاء خطره المحدق بالمنطقة والعالم بقدر ما تستهدف تقليم أظافره ومنع عناصره من الانتقال إلى أوروبا والولايات المتحدة والمبالغة في تكبير الخطر الذي يمثله من أجل استثمار أجواء الخوف والتطرف التي ينشرها وتحويلها إلى صفقات سلاح مشبوهة مع مشيخات النفط المأزومة وتحالفات عسكرية وأمنية مع بعض دول الإقليم، ما يعزز الرأي القائل بأن داعش باتت من أهم الأسهم الرابحة في بورصة أميركا والغرب وحلفائهم الصهاينة لأنها أنعشت اقتصادهم بمدة قصيرة وحققت لبعض أعضاء التحالف الدولي ما لم يحققوه في سنوات طويلة، وزادت من قناعة العديد من الدول الغربية بأن أحلامها الاستراتيجية في ثروات المنطقة من نفط وغاز باتت ملموسة وواقعية أكثر من ذي قبل بحكم سيطرة الخوف من داعش على معظم دول المنطقة ولجوئها لطلب الحماية من أميركا والكيان الصهيوني.‏

فمن الملاحظ أن الدول التي تآمرت سراً على سورية ثم أعلنت عداءها للشعب السوري (باسم الصداقة) وأرسلت إرهابييها ومرتزقتها ودواعشها إلى المنطقة من أجل تفتيتها وتدميرها هي نفسها التي اجتمعت وتحالفت عسكرياً على نية محاربة داعش، وهي التي أبقت على باب التمويل والدعم والتدريب والتسليح مشرعاً أمام بقية التنظيمات الإرهابية المنسجمة والمرتبطة عضوياً وفكرياً وسلوكياً مع هذا التنظيم تحت عناوين مضللة، والجدير بالذكر هنا أن إعلام هذه الدول ظل حتى وقت قريب يطلق على تكفيريي داعش لقب (ثوار) ويمنح متزعميهم فرصة الظهور على شاشاته التلفزيونية للدفاع عن أفكارهم وتبرير أفعالهم الإجرامية في العراق وسورية ولبنان، ولولا قيام داعش بتهديد المصالح الأميركية والغربية في العراق وممارسة الإرهاب بصورة مقززة وصادمة لا تعطي فرصة للتعاطف معه أو الدفاع عنه لبقي هذا التنظيم يحظى بالحصة الأكبر من رعاية الغرب وأدواته وعملائه في المنطقة، ومن المفيد ذكره هنا أن أعضاء ما يسمى ائتلاف المعارضة السورية في اسطنبول كانوا يعتبرون الدواعش جزءاً من حراكهم (الثوري) وينادونهم بـ(إخوتنا)، ومع ذلك ورغم كل هذا الضجيج الإعلامي والترهيب الغربي والإقليمي لا تزال تركيا أردوغان حليفة الغرب ورأس حربة الناتو العدوانية في المنطقة تحتفظ بعلاقة مشبوهة مع هذا التنظيم ينتقدها مسؤولو الغرب ولكن باستحياء، فهل هذه مجرد مصادفة أم أنها عملية توزيع أدوار وتبادل مصالح..؟!‏

على حين أن الأردن يحارب داعش نظرياً ويهدد بمحو دولته المزعومة عن الخريطة ثأراً لإعدام طياره في الوقت الذي يحتضن فيه توءماً صهيونياً ونسخة أخرى مطابقة لداعش اسمها (جبهة النصرة)، ويقوم بالعفو عن منظري الفكر التكفيري القاعدي ممن يصنفون كأمراء ومشايخ في داعش والنصرة ويطلق سراحهم من السجون، في حين أن بديهيات الحرب على الإرهابيين تستوجب القضاء على الفكر لأنه أصل الممارسة، فالإرهابي ينتهي بمقتله بينما الفكر الإرهابي يتسلل إلى العقول ويتغلغل فيها ويساهم في إنشاء البيئة الحاضنة للعنف والتطرف والتكفير.‏

في كل الأحوال ليس الغرب جاداً وواقعياً في محاربة الإرهاب أو مواجهة داعش ولو كان كذلك لألزم نفسه بتطبيق القرارات الأممية التي وافق عليها وسعى لاستصدارها خاصة تلك التي تطالب بمنع دعم وتمويل وتسليح الإرهابيين وتجفيف منابع الإرهاب وتفكيك بيئاته الحاضنة، ولما تردد لحظة واحدة في الوقوف إلى جانب الدولة السورية التي تحارب الإرهاب نيابة عن العالم، ولما تعاطى مع الإرهابيين بهذه الازدواجية محاولاً تصنيفهم إلى متطرفين ومعتدلين، والقول إن هناك إرهاباً جيداً ومقبولاً وآخر سيئاً ومرفوضاً، فالجميع بات يدرك أن التطابق بين داعش وباقي التنظيمات المسلحة التكفيرية في سورية كامل وشامل، لا بل إن بعض هذه التنظيمات تفوقت على داعش بحجم وفظاعة الجرائم والمجازر والانتهاكات التي قامت بها، وثمة وثائق وصور وتسجيلات وأدلة لدى الحكومة السورية تثبت أن مسلحي ما يسمى جيش الإسلام وجبهة النصرة ارتكبوا جرائم وانتهاكات غير مسبوقة بحق السوريين، إذ لا تزال مدينة عدرا العمالية وقرى ريف اللاذقية الشمالي وغيرهما من المناطق شاهدة على إحراق الأحياء وسبي النساء وقطع الرؤوس وأكل الأكباد وتدمير التاريخ والحضارة وتدنيس كل مقدس، ولكن للأسف يقوم الإعلام الغربي والعربي الفاجر بالتعتيم والتغطية على هذه الجرائم والانتهاكات بكم هائل من الادعاءات والذرائع الفارغة.‏

في النهاية ثمة حقيقة لا بد أن يعترف بها الغرب ومن معه عاجلاً أم آجلاً وهي أنه لا يمكن محاربة الإرهاب والقضاء عليه قضاءً كاملاً إلا من خلال التعاون والتنسيق مع دول المنطقة وعلى رأسها سورية التي أثبتت الأحداث والتطورات أن معركة واحدة خاضها الجيش العربي السوري مع التكفيريين كانت أهم وأكثر جدوى وبما لا يقاس من كل الغارات التي شنها التحالف الغربي ضد التنظيم خلال الأشهر الستة الماضية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية