في مجتمعنا عشرات التجارب الإنسانية في مجال التطوع والتي تستحق الإشارة إليها كرسالة حية لكل الناس. وفي هذا المقال نشير إلى إحدى هذه التجارب لمتطوع استطاع أن يواجه تحديات الحياة وصعابها ليقدم العون للآخرين رغم إعاقته.
بداية الرسالة
وهي التجربة التي افتتح بها الدكتور غسان شحرور رئيس جمعية اليرموك السورية سلسلته « عرفتهم» التي تتحدث عن أشخاص لهم بصمتهم في الحياة المجتمعية الإنسانية.
وعبد الله حمزات حسب ما تحدث عنه د. شحرور: مواطن عادي دخل رحلة التطوع لخدمة المجتمع وهو طالب والتحق بلجنة المتطوعين في الهيئة الفلسطينية للمعوقين في سورية، وشارك بفعالية في الكثير من نشاطاتها التثقيفية والتدريبية والاجتماعية، ولم يمنعه المرض العضال الذي أصابه في أكثر من موضع من الاستمرار في ذلك- بل أخذ يحث زملاءه على التطوع وحضور الندوات والمشاركة في حملات التوعية وغيرها من الفعاليات الاجتماعية والإنسانية.
مرارة الظروف
وتجربة عبد الله حمزات بدأت من مرارة المعاناة كفرد ينتمي إلى أسرة فلسطينية عاشت النكبة ثم التهجير.. ثم مرارة الفقد والمرض ، فقد داهم الموت أخته إثر صراع سريع مع المرض، وولدت أخته الثانية صماء، وأصيب والداه بأمراض مزمنة تحتاج إلى علاج دائم. فكان مسؤولاً عن هذه العائلة رغم إصابته بالشلل الذي هاجمه في سنواته الأولى ولم يدعه إلا بعد أن أصاب رجله وظهره وذراعه ويده، ما منعه من المشي والحركة لأشهر طويلة وانتهى به الأمر إلى الاستعانة بعكاكيز وجهاز شلل للظهر والرجل اليمنى حتى يستطيع المشي ببطء شديد.
إرادة العطاء
ورغم صعوبة الانتقال من وإلى المدرسة، ورغم نظرات الشفقة الجارحة في عيون أقرانه في الحي والمدرسة، تابع دراسته وحقق حلمه الأول وأنهى المرحلة الثانوية، ثم التحق بالمعهد التجاري ليواصل تعليمه العالي.
وقبل أن تكتمل فرحته بهذا الإنجاز والانتصار على الإعاقة والظروف القاسية داهمه مرض عضال انتشر في جسمه، حيث أنهكت جسمه النحيل جلسات المعالجة الشعاعية والكيماوية ومع ذلك لم يترك دراسته، فقد تخرج في المعهد التجاري والتحق بأول فرصة عمل سنحت له ليتمكن من مساعدة أهله، وفوق كل ذلك كان من رواد العمل التطوعي الاجتماعي الشبابي، وقد شارك في الكثير من حملات التطوع ولاسيما في العام الدولي للمتطوعين عام 2001، وظل يحث كل من حوله على التطوع والعمل المجتمعي رغم هجمات المرض المتكررة. حتى توفي عام 2004 لتبقى رسالته مستمرة بين العديد من زملائه الشباب.. وخاصة أنه كان يختم نداءه وكلمته التطوعية أمام الجمهور بعبارة «ليس العاجز من يحمل العصا.. إنما العاجز من لا يستطيع تحدي الحياة».
رسالتنا
هذا الشاب هو أحد أفراد مجتمعنا الذين يستحقون منا كل الوفاء والاحترام لما يمثلونه من قيم إنسانية وإرادة عظيمة كقدوة للجيل الجديد من الشباب، وحق لهم وواجب علينا أن نعمل على إيصال تجاربهم إلى الناس.