أولاً يدرون كيف يتذوقونها، وفي كل الاجتماعات أو الزيارات تجد كل اثنين من المدعوين يتحدثان في موضوع على حدة، فإذا كان هناك عشرة مدعوين، تجد أن هناك خمسة موضوعات على الأقل، تبحث في وقت واحد، والحديث الممتع ليس هو الحديث الذي يدور حول سيرة الناس، وليس هو الحديث الذي يثير الضحكات وتتخلله نكات مفتعلة وخفة دم متعمدة، أبداً، إن الحديث الممتع هو الذي يدور حول موضوعات تهم السامعين، وهي كثيرة، كثيرة جداً، إن الطريق مفتوح للدخول إلى قلب أي إنسان إذا وجد المفتاح المناسب، والمفتاح هو الموضوع الذي يهمه، وحتى تتمكن من استخدام المفتاح «الموضوع» تحتاج إلى مساعدة والمساعدة هي الإصغاء، والإصغاء فن لايقل أهمية عن فن الحديث، لا كما نرى في كثير من الجلسات العائلية عندما يحاول أحد الضيوف أن يروي قصة، وما إن يقول الجملة الأولى حتى يقاطعه أحدهم، وتتوالى المقاطعات من الآخرين غير المتعمدة والتي يظن أصحابها أنها ضرورية لإبقاء جذوة الحديث مشتعلة، مع عدم وجود حديث أصلاً.
أولا كما نرى أيضاً عند بعض المديرين أو المسؤولين ومحاصرة من يقابلهم بأحاديث لارابط بينها لتبديد الوقت المخصص لهم مستخفاً بوقته، وبوقت من ينتظرونه في الخارج وسيضطرون إلى هز رقابهم يمنة ويسرة دليل الاهتمام والموافقة.
إن الغرض من الحديث، أي حديث، هو تقريب المسافات بين البشر، ومد الجسور لا تحطيمها، والفهم والتفهم، والمتعة والمساعدة، وحين تغادر مكاناً ما، حفلاً أو محاضرة أومقابلة أو جلسة عائلية، ستتذكر شيئين لاثالث لهما: لقد قضيت وقتاً ممتعاً، أو.. لقد أضعت وقتي.