تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


في الحوار... تستكمل المعرفة.. والحقائق... وبناء الذات

مجتــمـــــع
الجمعة 8-7-2011
غصون سليمان

يقولون المنصت الجيد.. هو محاور جيد ومتحدث جيد.. ولكن كيف نؤسس لثقافة الحوار وإن كنا لا نفتقدها كما يدعي البعض، وكيف نشجع التواصل والنقاش واحترام الآراء مع وبين جميع الفئات العمرية بدلاً من كلمة الجيل القادم، ولاسيما أن الحوار هنا هو لقاء أفكار بالنهاية.

الكل متفق بالمبدأ العام أن سلسلة الحوار تبدأ من الأسرة، من الرجل والمرأة بين الأهل والأطفال والأبناء، ومن ثم المدرسة بين الطالب والأستاذ وهكذا تتدرج المسؤولية ليصل كل منا إلى ساحة المجتمع الفاعلة والمتفاعلة كل حسب مكان عمله والموقع الذي يشغله .‏

خبراء التربية يرون في الحوار أنه ممارسة وفعل، فعندما يلتزم الأهل بالحوار الصحيح مع الأبناء فهؤلاء لابد أنهم سيحاورون الآخرين، ولعل ما يترتب على من يقوم بالحوار هو المعرفة بكيف أحاور، أي يجب أن أتمتع بالمرونة وأتحلى بالصبر وأستمع وأنصت بشكل ما، إذ يجب ألا تتحول الاختلافات بين الآباء والأبناء أو بين أشخاص وآخرين إلى خلافات ولاسيما أن هناك فرقاً بين الخلاف والاختلاف.. وهنا تؤكد الخبيرة التربوية رشا شعبان أن الاختلاف شيء ضروري وعادي في الحياة، فيما خطورة الخلاف هو أن يتحول الاختلاف إلى موقف نفسي فيه رفض وكره وعدم التواصل وحصول قطيعة.. وخاصة أن البعض يتشنج بأفكاره ويتعصب لها ويمارس العنف والحقد بحق الوطن وأبنائه لذلك تبرز المقولة الدائمة لا وجود للغة العنف مع أدبيات الحوار، وعندما يكون هناك حوار لا يكون هناك عنف، لأن الحوار دائماً يتضمن موقفاً أخلاقياً ومبادئ أخلاقية وهذه المبادئ تتجلى بالكلمات بارتفاع الصوت،في الوجه والتعبير، فعندما نتحاور مع الآخر ونحن متجهمو الوجوه يبدو المشهد وكأننا نحاول أن نفرض رأينا عليه، وأحياناً بإشارات البدء وإشارات الأصابع نقول له يجب عليك ...؟! هذا الحوار برأي شعبان لا يبدأ هكذا، وإنما الشعور والاعتراف كل منا بالآخر، لا ككيان مادي بل هو كيان مختلف عني وعنه بالمبادئ والفكر والآراء وسوف نصل إلى مشارب مشتركة، مع ملاحظة أنه في لغة الحوار ليس بالضرورة أن يصبح الآخر كما أريد أو نريد أو نسخة طبق الأصل الأول عن الآخر والعكس صحيح.‏

معرفة وإثراء‏

وتوضح شعبان أن ثقافة الحوار تتطلب النموذج فمهما تحدثنا لأبنائنا في المنزل عن الحوار وأهميته يجب أن يلمس ذلك في تعاطي الأب مع الأم والعكس، وبين الإخوة ، وبين الآباء والأبناء وفي تعاطي كل هؤلاء مع الآخرين إذ ليس معقولاً من يتحدث عن الحوار أن يمارس التسلط والسيطرة ورفض الآخر، لأنه في الحوار تبرز نقاط يمتلكها كلا الطرفين نقاط معرفية وفكرية وأخلاقية وقد يمتلك أحدهما مالا يمتلكه الآخر، ما يجعل الحوار الصحيح يتحول إلى موقف إثرائي، موقف غني مفيد وإيجابي ، بعيداً عما يسمى حوار الطرشان، إذ لاهدف منه سوى الفوضى وإضاعة الوقت، ما يستدعي القول إن الحوار يفقد بريقه إذا لم يعكس بشكل صحيح.‏

الإعلام دائماً‏

وعلى صعيد الإعلام فلا أحد ينكر دوره وتأثيره وخاصة في العقد الأخير من هذا القرن وما تشهده الساحة المحلية والعربية والدولية يشرح الصورة دون كلمات، فلهذا الإعلام أصبح له بلا منازع، دور تربوي وثقافي وحواري لذلك يجب على مؤسسة الإعلام أو القائمين على برامجها الانتباه أن بعض الحوار يصل إلى درجة مضحكة، حيث نرى شخصيات مثقفة متعلمة ولكن المشكلة الحوار أحياناً أنه لا يرتبط بالدرجة العلمية ولا بالوعي ولا بالثقافة المجتمعية ، وبالتالي على المجتمع أن يتقن هذه الثقافة والتي هي مهارة في الأصل تتطلب أن يتعلمها ويجيدها المجتمع بالممارسة والتدريب على الحوار عبر دورات عمل تدرب الأفراد على إدارة الحوار لأن المشكلة ليست بالحوار وإنما بإدارته وربما يقول قائل إن بعض المتحاورين يعتبرون بحالة تراجع عن فكرة أو رأي ما هو ضعف لكن الحقيقة ليست ضعفاً وإنما هو قمة القوة عندما يعترف المرء بخطئه ويتابع حديثه مع محاوره ومتحدثه.‏

وأخيراً يمكن القول إن الحوار ومناقشاته دائماً ينقل الإنسان من إنسان بيولوجي إلى إنسان اجتماعي، ومع الآخر تستكمل المعرفة والحقائق وبناء الذات ووجودنا هذا ليس البيولوجي طبعاً وإنما الاجتماعي والجمالي والأخلاقي والإنساني والمعرفي وهذا ما يؤكد عليه خبراء التربية والاجتماع ومن يجيدون فن الحوار .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية