تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الدولة الفلسطينية وعقدة الاعتراف بيهودية إسرائيل

شؤون سياسية
الجمعة 8-7-2011
نبيل محمود السهلي

على الرغم من التصريحات المتكررة من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ اتفاقات أوسلو وصولاً حتى إدارة أوباما الحالية والداعية بمجملها إلى ضرورة أن تفضي المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية في نهاية المطاف إلى دولة فلسطينية، إلا أنها لم تتضمن

إشارات واضحة إلى حدود تلك الدولة وسيادتها وعلاقاتها المستقبلية، فضلاً عن عدم التلميح إلى ضمانات أميركية حقيقية لاقامتها، وفي الوقت نفسه غياب المرجعيات المحددة. واللافت أنه منذ إنشاء السلطة الفلسطينية في عام 1994 بقيت المفاوضات رغم استمرارها بين فترة وأخرى أسيرة المواقف الإسرائيلية، مايؤكد غياب أي ضغوط أميركية حقيقية على إسرائيل، بل على العكس من ذلك كانت الضغوط في الاتجاه الآخر، أي على الطرف الفلسطيني الضعيف في ظل غياب حاضنة عربية وموحدة للتفاوض والتشظيات في الساحة الفلسطينية وهذا يقودنا إلى إلقاء الضوء على مواقف إسرائيل من الدولة الفلسطينية المنشودة، حيث أعلنت إسرائيل، مراراً، أنها تؤيد فكرة قيام دولتين- دولة إسرائيل ودولة فلسطينية- ستعيشان جنباً إلى جنب بسلام وأمان وطمأنينة- حسب موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على شبكة الانترنت- وترى أن الحل الحقيقي سيكون بقيام دولتين وطنيتين وهما: دولة فلسطينية للشعب الفلسطيني ودولة يهودية للشعب اليهودي، ولاتطمح إسرائيل إلى السيطرة على الفلسطينيين، وتعتقد أن قيام دولة فلسطينية ديمقراطية حقاً تربطها علاقات سلمية كاملة مع إسرائيل ستؤدي إلى أن الأمن والازدهار الطويل الأمد سيسودان إسرائيل كدولة يهودية، وتؤكد وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن إسرائيل لاتقلق من فكرة إقامة دولة فلسطينية، وإنما مايزعجها هو نوع الدولة الفلسطينية التي ستقوم، هل ستكون دولة ديمقراطية، دولة قانون ونظام، تتجنب الإرهاب والعنف والتحريض الأمر الذي سيمكن إسرائيل من العيش بسلام إلى جانبها، أو ستكون دولة فوضوية تستمر في سلوك مسلك العنف، وتعرض للخطر ليس إسرائيل وحدها بل المنطقة كلها. وليس من الممكن أن تقبل إسرائيل بقيام دولة «إرهابية» على امتداد حدودها. ويجب أن تأخذ الجهود المبذولة لإقامة دولة فلسطينية بعين الاعتبار الحقوق والمصالح الحيوية الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بالأمن، وهكذا سيسود السلام والاستقرار هذه المنطقة. وتهدف إسرائيل إلى أن تكون دولة يهودية ديمقراطية، تعيش بانسجام مع الدول المجاورة لها، فإن هذا الهدف يحمل دولة إسرائيل على تبني رؤيا الدولتين، وتدرك إسرائيل أن مستقبل جميع دول الشرق الأوسط المجاورة مرتبط بمستقبل الدول الأخرى. ولايكتب النجاح لأي سلام لايأخذ هذه الحقيقة بالحسبان. وتشير وزارة الخارجية الإسرائيلية على موقعها في الانترنت إلى أن تأسيس إسرائيل كان بمثابة استجابة للطموحات الوطنية لأبناء الشعب اليهودي، ويجب أن تكون الدولة الفلسطينية المستقبلية لنفس الغرض بالنسبة للفلسطينيين وعليها أن تلبي طموحات أبناء الشعب الفلسطيني جميعهم، ممن يسكنون في الضفة الغربية وقطاع غزة، أو يعيشون في مخيمات اللاجئين في الدول العربية، أو يقيمون في أي مكان آخر في العالم. إن إقامة دولة فلسطينية ثابتة ومزدهرة وهادئة، تعتبر مصلحة إسرائيلية. وكما أثبتت إسرائيل في خطة الانفصال عن غزة عام 2005، فإنها مستعدة لاتخاذ خطوات مؤلمة من أجل دفع هذا الغرض إلى الأمام. ولكن عليها أن تعرف بأن شركاءها جاهزون للتوصل إلى مصالحة تاريخية ستجلب السلام الدائم.‏

يلحظ المتابع للتوجهات الإسرائيلية السابقة كما نشرتها وزارة الخارجية الإسرائيلية بوضوح جلي عدم الإشارة إلى حدود الدولة الفلسطينية ومصادرها الطبيعية ومستقبل علاقاتها الخارجية، وكذلك لم يتم التطرق إلى مستقبل الاقتصاد الفلسطيني الذي تسيطر إسرائيل على أهم مفاتيحه مثل: التجارة الخارجية وأداء قوة العمل. بل تم التركيز في التصورات الإسرائيلية حول الدولة الفلسطينية على ضرورة أن تكون تلك الدولة ديمقراطية تتحلى بعنصر الأمن وأن تكون دولة لكل الفلسطينيين، بمعنى أنها دولة لسكان الضفة والقطاع وكذلك للاجئين الفلسطينيين، وبذلك تجنبت إسرائيل الحديث عن عودة اللاجئين إلى قراهم في داخل الأراضي التي أنشئت عليها إسرائيل في عام 1948، ولفرض التصورات الإسرائيلية حول الدولة الفلسطينية وشطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين وفق القرارات الدولية تنشط الدوائر الإسرائيلية المختلفة منذ عدة سنوات من أجل تعميم فكرة يهودية الدولة، وتنشيط الاستيطان وتكثيفه في عمق الضفة الغربية وبخاصة في قلب مدينة القدس التي يعتبرها الفلسطينييون عاصمة دولتهم المنشودة...‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية