و ماذا لو عدل شخص مختار عن ارتكاب جريمته... و ما هو مفهوم الجريمة المستحيلة... و هل أعفي فاعلها من العقاب..؟
هذه التساؤلات نجيب عليها في لقائنا مع المحامية الاستاذة لولا شحادة سالم:
- ما هو الشروع؟
هو نقيض الجريمة التامة بمعنى أن الفاعل في الشروع قام بتنفيذ بعض الأفعال التنفيذية للجريمة أو نفذ الأفعال بالكامل ولكن النتيجة الجرمية لم تتحق أو تحقق جزء منها لظروف خارجة عن إرادة الفاعل.
- ما هي أركان الشروع؟
للشروع أركان الأول هو الأفعال التنفيذية الجرمية التي بدأ بها الفاعل سواء أتم تلك الأفعال بالكامل أو لم يتمها كقيام السرق بخلع باب المنزل مثلاً، و تجدر الإشارة هنا إلى أن الأفعال التحضيرية للجريمة هي الأفعال التي تسبق الأفعال التنفيذية للجريمة و تشكل
دوراً تحضيرياً لها كقيام الفاعل بشراء الأدوات اللازمة للسرقة أو شراء السم في جريمة القتل . ولايعاقب عليها القانون إلا إذا كانت تشكل جريمة مستقلة كحمل وحيازة السلاح دون إجازة.
ما الركن الثاني إرادة الفاعل إرتكاب جريمته المقصودة حيث يجب الأخذ باعتبار النية الجرمية للفاعل ففي حال قام شخص بضرب آخر دون أن تكون إرادته متجهة لإزهاق روحه فقط لإيذائه يسأل عن جريمة إيذاء، وهذا ما أيدته محكمة النقض في القرار رقم (120 ) لعام 2002 حيث أن (جرم الشروع بالقتل من الجرائم القصدية والنية الجرمية هي المعيار الوحيد الذي يفرقه عن جرائم الايذاء الأداة الجرمية وطبيعة الإصابة ليستا دليلاً كافياً).
وعن الركن الثالث حيلولة ظروف خارجة عن إرادة الفاعل دون اتمام الجريمة: وهذا هو معيار الفصل بين الشروع والجريمة التامة.
فالجريمة المشروع فيها جريمة لم تتحقق فيها النتيجة المبتغاة ومن الهام جداً في هذا الركن أن يكون عدم تحقق النتيجة الجرمية راجعاً إلى ظروف خارجية وليست داخلية كالندم و إلا اعتبر ذلك عدولاً اختيارياً عن ارتكاب الجريمة، الفرق كبير بين العدل الاختياري والشروع وهام جداً لما يترتب عليه من نتائج في معاقبة أو تبرئة الفاعل.
فمن عدل إرادياً عن إرتكاب واتمام جريمته لاعقاب عليه إلا إذا كانت الأفعال التي ارتكبها معاقباً عليها قانوناً وهذا ما نص في المادة رقم (199) (من شرع في فعل ورجع عنه مختاراً لا يعاق إلا للأفعال التي اقترفها و كانت تشكل بحد ذاتها جرائم).
ويشترط في العدول الاختياري أن يكون داخلياً لا يشوبه جانب خارجي. فإذا حاول شخص مد يده في جيب آخر ورأى شرطياً يراقبه فعدل عن السرقة فإن عدوله لا يعد اختيارياً ويسأل حينها الفاعل عن شروع في السرقة.
وبمناسبة الحديث عن العدول الاختياري سأشير إلى حالة يمكن مصادفتها وهي ندم الفاعل بعد ارتكاب فعله وحيلولته دون تحقق نتيجة فعله كأن يقوم شخص بتسميم خصمه ثم حمله للمشفى لعلاجه حيث في هذه الحالة يسأل الفاعل جزائياً عن فعله ولكن يمكن تخفيض عقوبته.
- ما هي أنوع الشروع
الشروع التام : وهنا يكون الفاعل قد قام بجميع الأفعال التنفيذية للجريمة إلا أن نتيجتها لا تتحقق أو يتحقق جزء منها كمن يضع السم في طعام آخر فلا يأكل منه الشخص أو يأكله إلا أن حالة التسمم غير مميتة.
والشروع الناقص: وهنا تتوقف الجريمة في المراحل الأولى لتنفيذها كأن يهم السارق بوضع يده في جيب شخص فيراه اخر يمسك بيده.
والتمييز بين الشروعين أهمية بالغة في تحديد عقوبة الفاعل و هو ما سنأتي بذكره.
- هل عاقب القانون السوري على الشروع و هل نهج ذات النهج في الجنايات و الجنح والمخالفات..؟
عاقب القانون على الشروع في الجنايات أما في الجنح فلا عقاب إلا بموجب نص خاص ولا عقاب على الشروع في المخالفات
وعن عقوبة الشروع في الجنايات يجب التمييز بين عقوبة الشروع التام والشروع الناقص
ففي عقوبة الشروع التام جاء في المادة (200) من قانون العقوبات يمكن ان يستبدل الاعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة من اثنتي عشرة سنة إلى عشرين سنة و أن تستبدل الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة. و أن يستبدل الاعتقال المؤبد بالاعتقال المؤقت من عشر سنوات إلى عشرين سنة و يمكن أن يحط من أي عقوبة أخرى حتى نصفها. كما يمكن أن تخفض العقوبات المذكورة في هذه المادة حتى الثلثين إذا حال الفاعل بمحض إرادته دون نتيجة فعله.
أما عقوبة الشروع الناقص نصت المادة (199) من قانون العقوبات
يمكن أن تستبدل عقوبة الأعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة أو الأشغال الشاقة المؤقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة و أن تستبدل الأشغال الشاقة المؤبدة بالأشغال الشاقة المؤقتة لسبع سنوات على الأقل وأن يستبدل الاعتقال المؤبد بالاعتقال المؤقت لسبع سنوات على الأقل. كما يمكن أن يحط من أي عقوبة أخرى من النصف إلى الثلثين.
ومن شرع في فعل ورجع عنه مختاراً لا يعاقب إلا للأفعال التي اقترفها و كانت تشكل بحد ذاتها جرائم.
وأما عقوبة الشروع في الجنح : وهي كما جاءت في المادة (201) من قانون العقوبات. العقوبة المفروضة للجنحة التامة يمكن تخفيضها حتى النص في الجنحة المشروع فيها شروع ناقص و حتى الثلث في الجنحة المشروع فيها شروع تام.
- ما هي الجريمة المستحيلة وما موقف المشرع السوري منها؟
اختلف فقهاء القانون في مفهومها و تعددت بشأنها، أما مشرعنا السوري فأخذ موقفاً يتلاءم مع المنطق والعدالة وميز بين ثلاث حالات لاستحالة تحقق الجريمة:
- استحالة تحقيق النتيجة الجرمية لظرف مادي يجهله الفاعل كمن يسرق حقيبة فإذا بها خالية وهذه الحالة معاقب عليها قانوناً.
- من يأتي فعلاً يستحيل تحقق نتيجته لقلة فهم كمن يريد إيذاء شخص عن طريق التعاويذ و هذه الحالة لاعقاب عليها.
- من يرتكب فعلاً وظن خطأ أنه يكون جريمة كأخذ حقيبة مملوكة للفاعل وهو يظن أنها ملك لغيره وهذه الحالة أيضاً لا عقاب عليها.