هو الإيدز مرض مميت لكن الوقاية منه قبل وقوعه سهلة وممكنة لمن أراد والمركز التخصصي لتشخيص الأمراض المعدية في مدينة دمشق (الزبلطاني) يؤدي دوره ومهامه ضمن هذا الإطار سواء في وقاية السليم وعلاج المريض في جميع المراحل.
التحليل المخبري والسلوك الشخصي هما الأساس
عن نشاط المركز والخدمات التي يقدمها التقينا د. مصطفى تركماني,
مدير المركز وتحدث قائلاً: الأوراق المطلوبة قبل أخذ عينة من الدم للتحليل هي: 500 ليرة و صورتان ملونتان وجواز سفر, وهناك تحاليل مأجورة وأخرى غير مأجورة, وإيجابية التحليل تعني أن الشخص مصاب بمرض الإيدز ويجب عندئذ القيام مرة أخرى بما يسمى التحليل التأكيدي ومن ثم إخبار الشخص المصاب والمركز يلتزم بالسرية التامة, وللمصاب رمز نتعامل معه على أساسه بعيد عن أية وثائق أو ثبوتيات ولا يوجد مصح لمرضى الإيدز نتيجة لاعتبارات أخلاقية وإنسانية وله الحق والحرية في إبلاغ من يريد ونبلغ فقط الزوجة أو الزوج ( السليم) حرصاً على صحة أفراد العائلة وللطرف السليم حق العيش مع المصاب أولا وفي حال الموافقة يعطى الدعم النفسي والصحي والإرشادي وهناك طرق وقائية تحمي الشخص غير المصاب بنسبة (90%) ونقوم بالفحص الدوري المخبري له من 3 إلى 6 أشهر ويعطى الشخص المصاب العلاج المجاني. ولوسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية دور رئيسي في الوقاية من هذا المرض وحتى في مراحل علاجه من خلال البرامج التلفزيونية والإذاعية والمقالات, وقد شاهدنا جميعاً مؤخراً عدة مسلسلات لاقت ارتياحاً وتجاوباً منها أبناء القهر وحاجز الصمت ونتيجة لذلك ازداد عدد المراجعين للقيام بالتحاليل المخبرية للاطمئنان ما يؤكد دور الإعلام في الوعي الصحي والوقاية من المرض. ويؤكد د. تركماني أهمية التمسك بالقيم الأخلاقية إذ إن الغالبية العظمى من ملايين الناس الذين أصابتهم عدوى فيروس الإيدز هم أولئك الذين يتخذون لأنفسهم سلوكيات مشبوهة (العلاقات الجنسية المحرمة- وتعاطي المخدرات) وحرصاً من وزراة الصحة للوقاية من المرض ونتيجة لضيق مكان المركز وعدم قدرته على استيعاب المراجعين يتم حالياً إشادة بناء جديد بأقسام مختلفة (للإرشاد النفسي والاختبار الطوعي والمشورة والخط الساخن) وتعتبر سورية الأقل إصابة بهذا المرض قياساً بالدول المحيطة وعلى مستوى العالم حيث عدد الإصابات /360/ إصابة ما بين سوري وعربي وأجنبي في تاريخ 30/9 والسوريون /221/ إصابة.
هكذا كانت البداية...
د. ممدوح نسلي,
د. معالج في المركز, تحدث عن مرض الإيدز قائلاً: تم التعرف على المرض للمرة الأولى عام 1981 في أميركا وكانت البداية محصورة ضمن فئة الأشخاص الذين يمارسون الشذوذ الجنسي ثم بدأ المرض يظهر بين فئات أخرى من المجتمع الأميركي كمرضى تعاطي حقن المخدرات والأشخاص الذين يمارسون العلاقات الجنسية دون ضوابط وبعد ذلك تفشى المرض وأصبح يصيب أطفالاً وأشخاصاً ليس لهم علاقة بالفئات السابقة إذ قد تحدث العدوى عن طريق الدم الملوث وأحد مشتقاته وبالتالي المحاقن الملوثة بدم شخص مصاب لاسيما عند متعاطي المخدرات الوريدية والأدوات الحادة التي تخترق الجلد (الوشم, الختان, ثقب الأذن , شفرات الحلاقة, فراشي الأسنان) ومن الجدير بالذكر أن كافة أكياس الدم المقطوفة في القطر يتم فحصها للتأكد من سلامتها قبل نقلها للمواطنين. وقد تحدث العدوى من الأم المصابة إلى الجنين ويقدر خطر انتقال الفيروس من الأم الحاملة للعدوى إلى جنينها ما بين 25-40 % ولا تنتقل عدوى فيروس الإيدز عن طريق المخالطة الاجتماعية العادية كالمصافحة والملامسة والسعال والعطاس, ولاعن طريق استعمال أدوات الطعام والشراب وحمامات السباحة ودورات المياه ويحذر د.نسلي الشباب من خطر الإصابة بهذا المرض لأنهم في سن النشاط الجنسي الذي قد يجعلهم عرضة للإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق الجنس بما فيها الإيدز لأنه غالباً ما ينكر على الشباب حقهم في التثقيف الصحي خاصة بما يتعلق بالمخاطر الناجمة عن السلوك الجنسي غير الصحيح. وتشير الاحصائيات والبيانات أنه بلغ عدد المصابين بعدوى فيروس الإيدز في العالم (34) مليون شخص على قيد الحياة, ثلثهم من الشباب الذين تتراوح أعمارهم من 10-24 سنة, كل عام هناك (2,6) مليون إصابة جديدة بين الشباب في العالم بمرض الإيدز وكل يوم يصاب (7000) شاب في مختلف أنحاء العالم بعدوى فيروس الإيدز. يصاب أكثر من خمسة شبان في الدقيقة الواحدة بعدوى فيروس الإيدز, في العالم.
اليوم العالمي للإيدز
وبمناسبة اليوم العالمي للإيدز (1/12) أقامت وزارة الصحة احتفالاً مركزياً في مكتبة الأسد تم خلاله تناول آخر المستجدات فيما يتعلق بمرض الإيدز وضرورة الوعي الصحي لدى الشباب وتعميق مفاهيم الأسس الوقائية لديهم في مختلف الحالات الصحية المترافقة أو الناتجة عن ممارسات لعادات سلوكية غير سوية حيث نسبة الإصابة في سورية منخفضة مقارنة مع مناطق أخرى من العالم ولكن هذا لا يعني خطراً أقل.
الترصد الوبائي للمرض
د. هيثم سويدان .
مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز: يبدأ منذ اليوم 1/12 الاحتفال بالحملة العالمية لمكافحة الإيدز لعام 2005 وذلك باحتفال مركزي وتستمر الفعاليات على مستوى المحافظات من خلال الندوات والنشاطات والحوارات, تجرى ضمن نشاطات المنظمات الشعبية, يجرى عادة مسابقة لاختيارأجمل ملصق يتحدث حول الشعار العالمي لمكافحة الإيدز وهو لهذا العام (التحالف في مواجهة الإيدز كلنا مسؤول) تقوم وزارة الصحة بثلاث مهام رئيسية:
1- الترصد الوبائي للمرض وبدون مبالغة تقوم وزارة الصحة بالتعاون مع بنوك الدم بأقوى نظام ترصد لمرض الإيدز بالعالم إذ يبلغ عدد التحاليل ربع مليون في مخابر وزارة الصحة وبنوك الدم.
2- التوعية حول المرض: من خلال برنامج وخطة تنفذها وزارة الصحة بالتعاون مع شركائها في المنظمات الشعبية.
3- رعاية المرضى: تقدم وزارة الصحة للمصاب بالإيدز والذي يحتاج إلى علاج أحدث الأدوية والعلاجات المستعملة لهذا المرض وبحسب بروتوكلات منظمة الصحة العالمية بالإضافة إلى العناية النفسية لهذا المريض علماً أن مصاب الإيدز يحرض على عدم التمييز ضده.
إن عدد حالات الإيدز في بلدنا لا يزال محدوداً جداً إذ إن عدد الاصابات المكتشفة حتى تاريخه 368 إصابة بينها 221 سوريين أغلبها ناجمة عن علاقات جنسية خارج إطار الزواج والشرع ولانعتقد إن العدد غير المكتشف يتجاوز ضعف هذا الرقم وتسعى وزارة الصحة من خلال مديريات الصحة ومخابرها لتقديم خدمات المشورة والتحليل الطوعي في مراكزها.
خطيئة العالم... بتجاهل المرضى
الفنان جمال سليمان.
سفير النوايا الحسنة لدى صندوق الأمم المتحدة للسكان أكد في كلمته أنه لا بد من إعلان حالة التأهب والعمل المشترك والجدي حتى لو كان نصيب سورية من هذا المرض ضئيلاً, إلا أن المرض يعيش قريباً من كل منا وخطيئة العالم كانت بتجاهله واعتباره محصوراً في فئة معينة لذلك يجب أن تتضافر جهودنا هيئات وحكومات وأهل قلم وفنانين وأفراداً لوضع استراتيجية لتجنب هذا المرض الذي أصاب 700 ألف طفل, تلك الفئة الأكثر براءة وعفوية, وتسبب بموت (570) ألف طفل.
إحصائيات عالمية
بلغ عدد الأشخاص المصابين بعدوى الإيدز في العالم حتى كانون الأول عام 2003 (70) مليون شخص , توفي منهم ( 30) مليوناً و40 مليوناً أحياء منهم : 37 مليون بالغين2,5, أطفال تحت 15سنة بلغ عدد الأشخاص المصابين بعدوى الإيدز في العالم خلال عام 2003 م (5) ملايين شخص منهم 4,2 مليون بالغين, و700,000 أطفال تحت سن 15 سنة.
بلغ عدد المتوفين نتيجة إصابتهم بالإيدز في العالم خلال عام 2003 م (3) ملايين شخص منهم : 2,5 مليون بالغين و500,000 أطفال تحت سن 15 سنة.
14000 إصابة جديدة كل يوم العالم خلال العام 2003 منهم: 12000 إصابة جديدة يومياً بين عمر (15-49) منهم:6000 امرأة.
6000 شاب بعمر 15- 24 سنة
2000 إصابة جديدة يومياً لطفل في العالم تحت سن 15 سنة.
يقدر عدد المعايشين لمرض الإيدز والعدوى بفيروسه في إقليم شرق المتوسط بحوالى 700,000 شخص والبلد الأكثر تأثراً به هو السودان, حوالى 55,000 شخص اصيبوا بمرض الإيدز والعدوى بفيروسه في الإقليم عام ,2003 وحوالى 45000 شخص توفوا.
وبحلول نهاية عام 2003 تم التبليغ عن 14,397 حالة إصابة بمرض الإيدز منها 1076 حالة في عام 2003 وحده.
العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج هي الوسيلة الرئيسية لانتقال العدوى بفيروس الإيدز في الإقليم إذ هي الوسيلة المسؤولة عن انتقال 65,3 من جميع حالات الإيدز المبلغ عنها. يزداد دور تعاطي المخدرات بالحقن في نشر مرض الإيدز, بل قد يصبح قريباً السبب الرئيسي للإصابة بوباء فيروس الإيدز في الإقليم وقد تضاعفت الإصابة بمرض الإيدز والعدوى بفيروسه المبلغ عنها بين من يتعاطون المخدرات بالحقن خمسة أضعاف في الفترة 1999و.2002
الارشاد النفسي والخط الساخن
رأي علم الاجتماع:
وعن المشكلات السيكولوجية التي يتعرض لها مرضى الإيدز, يرى د. محمد حمدي الحجار أن هؤلاء تنتابهم اضطرابات القلق الشديد التي تأخذ صورة المخاوف من مواجهة المجهول غير المعروف بعد الموت ومخاوف الترحال من الدنيا. إذاً قلق الموت هو الصورة البارزة في ساحة شعور المريض إضافة إلى الإكتئاب ومشاعر الإثم والتحقير والغضب.
أ- القلق من الموت: يتضمن قلق المصاب بمرض مميت خوفاً واقعياً من الموت ذاته وانعدام وجوده ومن الانتقال إلى عالم آخر يجهله إضافة إلى قلقه الشديد من مصيره بعد الموت وهذا القلق يتوقف على تركيب شخصيته ومعتقداته عن الحياة والموت والآخرة ودرجة ومستوى إيمانه بمسألة الوجود والموت والحياة الآخرة.
ب- الاكتئاب: وتتجلى أعراض الاكتئاب باليأس والعجز النفسي وتعطل الوظيفة المهنية والاجتماعية بسبب تدني المزاج وفقدان الاهتمامات وتعاظم المخاوف والانشغالات الوسواسية وأحياناً تشتد وطأة هذه الأعراض فتساور المصاب الأفكار الانتحارية خاصة إذا كانت العدوى جاءت من عبثه الجنسي.
ج- مشاعر الإثم وتحقير الذات: يترافق الاكتئاب بمشاعر الندامة والإثم ولوم الذات وتبكيت الضمير وذلك كرد فعل انفعالي عاطفي على الاستهتار الجنسي أو السلوكيات المنحرفة الأخرى.
د- الغضب: وهذا رد فعل طبيعي لأنه أدرك أنه سقط في مرض لا دواء له ولا شفاء منه وكأنه بسخطه على المحيط الذي حوله بلا تمييز يحمله مسؤولية غير مباشرة عن مرضه إما بسبب عجز الطب عن اختراع دواء شاف أو لأنه تعرض للإصابة من قبل إنسان أراد له الموت بإخفاء إصابته عنه وقد يتركز السخط على المرشد نفسه الذي يهتم به أو الممرضة التي تشرف على رعايته أو على الطبيب والأقرباء وهنا يأتي دور المرشدات ومعرفتهن الطبية الموسعة عن الأزمات الطبية واختلاطات نقص المناعة المكتسب على مستوى الأمراض البدنية والنفسية العصبية تجعله القطب الذي يمكنه من الاستعانة بالأطباء الداخليين والعصبيين النفسيين حسب الأعراض والاضطرابات التي يبديها المصاب خلال سير المرض ثم إن من واجب المرشد أن يهيئ أعضاء أسرة المصاب نفسياً لمواجهة مسؤولياتهم في مساعدة أفراد عائلته ( إذ كان متزوجاً) على مستوى المعاشي والرعاية فالارشاد الأسري هو فن وعلم ومنطق وقوة حجة ومرونة وذكاء وبداعة في الحوار الرامي إلى تبديل المواقف السلبية.
وفي كل الأمور فإن المصاب بعد انتهاء إرشاده النفسي ينتقل إلى مرحلة المتابعة حيث تجرى له مقابلة بعد ثلاثة أشهر من انتهاء الارشاد تناقش حالته العامة ومدة التزامه بالمهارات والتدريبات التي تعلمها في التعامل مع اضطراباته النفسية ومشكلاته البيئية المولدة للانزعاج والاضطراب والاستفسار عن أية متاعب جديدة برزت له أو الصعوبات في الاعتماد على ذاته في التعامل مع مشكلاته النفسية وفق ما تدرب عليه, وبعدها تصبح مقابلته كل ستة أشهر مرة واحدة للغرض نفسه, والاتصال عبر الهاتف مع المصاب بين حين لاخر لتقصي حالته واستمراره في تطبيق الأساليب التي تدرب عليها للتعامل مع مشكلاته النفسية هو أمر هام إلا أن المرشد يخلق عند المصاب الثقة بالاعتماد على نفسه في التعامل مع مشكلاته ويظل المرشد الداعم لهذه الاستقلالية في التعامل الذاتي مع متاعب المصاب , وهذه ناحية هامة .
تعقيب المحرر
بدورنا نؤكد على أنه من غير الموضوعي أن نركز جل اهتمامنا على الحديث عن مرض الإيدز فقط في اليوم العالمي له بل الضرورة تقتضي أن نحكم سيطرتنا عليه باستمرار سواء في حياتنا اليومية وعملنا على مختلف المستويات حيث أنه يعيش جمرة تحت الرماد, قريباً من كل منا .