|
تنويعات تعبيرية لأربعة فنانين... المعارض الجماعية بين العفوية و المغامرة ثقا فة
تضمن المعرض مجموعة مختارة من الأعمال المنجزة في الآونة الاخيرة, والتي تتناسب مع طروحات او نداءات العودة لاستلهام او لتحسس جماليات تصاعد الايقاعات اللونية العفوية والتلقائية والتي تصل احيانا الى حدود المغامرة والتطرف التجريدي . -اسماعيل نصرة مع اسماعيل نصرة يمكن القول ان اللوحة تبقى في اطار الصياغة التشكيلية المدروسة والواعية, فهو لا يزال يتعامل مع العناصر الانسانية والوجوه المعبرة بحركات لونية وخطية مرهفة تقترب من اجواء الاداء الواقعي التعبيري. واعماله المعروضة تعكس في بعض جوانبها علاقة العين بالمساحة المسطحة وبالفراغ الذي يشغل الابعاد الثلاثة, فهو الى جانب استخدامه لطريقة الرسم على الواح خشبية توحي بتداخل الازمنة القديمة, يرسم على مجسمات فراغية , ومن خلال هذه الطريقة يطرح بعض القيم التشكيلية الوثيقة الصلة بتأملات بعض تيارات الفنون الحديثة والمعاصرة. فالعمل التشكيلي هنا رغم مظاهره التلقائية واستخدامه احيانا لمظاهر الالواح الخشبية المتآكلة والمتفسخة والمثقوبة والمنفتحة على عوالم التخريب الدادائي فهو في النهاية يفسر علاقة العين بخطوات اعادة توازن الايقاعات التشكيلية, حيث يجمع بين عفوية تحريك بعض اللمسات وبين حوارية الظل والنور وتدرجاتها التي تعكس قوة في التأليف او في الرسم الواقعي المتدرج نحو الصياغة التعبيرية. فالوجه او الجسد الانساني في عمله الجداري او الفراغي هو المنطلق لتحسس تداعيات الفضاء التشكيلي وحركة اللون وجسد الايقاع . ومن خلال هذا المفهوم الجمالي يجاهر اسماعيل نصرة بطروحات تقنية وتصميمية تتعدى مواصفات التقيد بالرسم على سطوح تقليدية لأن الغاية الاساسية لا تكمن في تقديم السطوح اللونية الانيقة التي تومئ بها الاعمال الصالونية وانما تحقيق المزيد من الرؤى الجمالية الحديثة القائمة على اساس التمرد والرفض لكافة الطروحات الاستهلاكية المتواجدة بكثرة في معارض دمشق. خالد الخاني تتميز لوحات خالد الخاني المعروضة بانحياز واضح نحوا لتبسيط والاختصار والتجريد, لابراز ديمومة الحركة التي تسكن جوهر التكوين المستمد او المقطوف من ايقاعات الجسد الانساني,بحيث يشكل الجسد وبشكل دائم الهاجس التعبيري والرمزي لمنطلقات التأليف الحديث القائم احياناً على طريقة رسم مجموعة من الزجاجات التي يقدمها بهيئة الاشكال الانسانية للتعبير عما يمكن تسميته بأنسنة الاشكال الصامتة وما تعكسه من انفعالات في حالات التلوين والتكوين مما يعيد الاعتبار للاتجاهات التجريدية المتطرفة في جرأتها وحداثتها. فهو يرتبط في هذا المعرض بايقاعات تشكيلية اقرب ما تكون الى التجريد الانفعالي الذي يتحقق في بعض لوحاته المعروضة بوضع ضربات قليلة وبحركات لونية مبسطة ومختصرة الى اقصى حدود الاختصار التعبيري التجريدي. ويمكن القول ان تجربته السابقة كانت تعكس هواجس تعبيرية واضحة المعالم بالنسبة للمشاهد العادي اما في تجربته الحالية فهو يبحث عن عمق التجربة التلقائية والانفعالية , وعن العلاقات اللونية التي تخفي وراءها المعنى الحقيقي للاشارات والدلالات والرموز, لا سيما وان بعض لوحاته الجديدة, قد تميزت بالبحث التقني الخاص الذي يشير الى خشونة الملامس وكثافة اللون ويطرح تساؤلات حول طبيعة بعض التقنيات المستخدمة. وبعبارة اخرى يمكن القول ان لوحاته الجديدة طرحت جماليات المزج بين العناصر المجردة والعناصر الانسانية, وبذلك اصبحت التجربة مهيأة لمواجهة عناوين التجارب التشكيلية الاكثر جرأة ومغامرة في فنون ما بعد الحداثة فهل يستمر الخاني في طريق المغامرة, ام يعود الى واقعيته التعبيرية التي كان لها الصدى القوي المجسد لاحاسيسه العفوية والتي حققت بعض التوازن ما بين الاشكال التراثية التي بدت واضحة في القناطر والاقواس وما بين بروز التداخل اللوني العفوي في تركيب السطوح الواقعية والتعبيرية. هيثم شكور هيثم شكور هو الاخر يبحث عن ايقاع التكوين المبسط والمختزل عبر تجاربه المثبتة منذ سنوات طويلة في تداخلات ايقاعية بين خط اللون الذي يحدد الاشكال الانسانية والالوان المتجانسة التي تتألف في اللوحة الواحدة من دون تمازج او حضور لألوان متعاكسة ومتناقضة. فهو يلتزم في كل لوحة ايقاعات لونية موحدة, دون ان يعني هذا الغاء النور باشراقاته وانتماءاته الى الوان حوض المتوسط وفي هذا السياق لا بد ان تشكل لوحاته عودة للاعتراف الفعلي باللون البيئوي المعبر عن تداعيات الحلم واشارات الذاكرة الطفولية,حيث الحكاية تعيده في كل مرة الى الايحاءات البحرية المزروعة في الوان لوحاته السابقة وفي ايقاعات الخطوط المختصرة ومظاهرة الاشكال المستعادة كحلم ومناخ ومشاعر. فهو يرسم البحر والمراكب والصيادين مقتربا الى حد بعيد من روح التأليف التشكيلي الحديث. في تجاربه الجديدة بدت اشكاله الانسانية بمسحتها الحزينة قريبة من الاجواء الايقونية نتيجة تأثيرات فنون الحضارات الشرقية القديمة التي تشكل مصدر الهام للعديد من الفنانين المحدثين . وعلى هذا الأساس تكشف لوحات هيثم شكور عن شغفه البالغ بالعودة الى ذاته, والى الاختبار الفني الذي يقر به من رو ح الحداثة والعصر, والى استلهام عناصر ورموز العالم البحري, فهو دائم البحث , دائم الاختبار والارتكاز على قواسم تشكيلية مشتركة في خطوات التعبير عن مواضيع فسحة الحلم المشرع على مدى وأفق البحر. رياض الشعار ويعرض رياض الشعار مجموعة لوحات متنوعة لأشخاص وطبيعة صامتة, وبصياغة عفوية تتفاوت ما بين التلقائية التعبيرية والاشارت الاكاديمية. فهو في ثلاث لوحات معروضة يتجه نحو صياغة الشكل المستمد من حركة الشكل الانساني اما في لوحاته الاخرى فيسير في اطار رسم الاشكال الصامتة بطريقة تعيدنا الى اجواء المواضيع المطروحة في فنون الدراسة الاكاديمية. رغم ان بعض الاعمال تمنحنا الانطباع بأنه يمتلك القدرة التقنية في وضع المادة اللونية بعفوية تبعده مسافات عن هاجس ملاحقة التفاصيل الباردة وبالتالي تبعده عن المشاكل الرئيسية التي تعترض خطوات تطوير التجربة وفي مقدمة هذه المشاكل الوقوع في اطار الصياغة المألوفة والمتداولة والمطروحة في المعارض الاستهلاكية. لا تزال اعمال الشعار تحمل بعض المؤشرات التصويرية الاكاديمية. بالاخص لجهة اختيار المواضيع ومعالجتها, رغم انه يظهر الكثير من العفوية, في محاولة للدلالة عن امكانيات تصعيد ميزة الرسم التلقائي والمتحرر الذي يحرك عناصر التكوين الواقعي كي يتجلى التركيب الفني التشكيلي الحديث .
|