توجه السفير الأميركي الى حماه في 7 و 8 تموز, تحفيز لهاتين الدائرتين للمضي قدما في عرقلة الحوار الوطني للدفع بسورية نحو التهلكة, وليس نحو الاصلاح المتذرع به للتغطية على مؤامرة محبكة الحلقات ينفذها مهندسو الدائرتين.
في الآن نفسه, فإن خطوةالسفير هي استطلاع ميداني للوقوف على سير مخطط فيلتمان. وما إذا كانت مهمة تخليق أزمة عامة في سورية قد أنجزت, أم أنها مهددة بالانتكاسة في محصلة حساب النقاط لمصلحة المناعة الوطنية السورية, داخل مجرى صراع الارادات بين مهندسي المؤامرة وهذه المناعة.
حركة السفير على فظاظتها في مقياس الأعراف الدبلوماسية, محاولة لشد مفاصل اعتراها الارتخاء في مراكمة الحلقات التتابعية لمخطط تخليق الأزمة السورية العامة. لاسيما بعد الاخفاق في البناء على حلقة اللاجئين, وعلى حلقة التجييش الأممي, لكي تؤخذ سورية من باب تلطيخ سمعتها في مجال حقوق الانسان.
توقيت هذه الخطوة , قبيل انطلاق فعاليات الحوار الوطني, صنفها في خانة الهجوم المعاكس من مهندسي المؤامرة على ايجابيات هذا الحوار, طمعا في سد آفاقه.
وهذا سبب كاف لكي يحسم المتحاورون مسألتين: أولهما طبيعة المشكلة. وثانيتهما وضع سلم علامات لقياس المسؤولية العامة عند طرفي الحوار: النظام والمعارضة.
أولا- أميركا طرف في المشكلة, مثلما كانت طرفا في عدوان صيف 2006 على لبنان, وعدوان شتاء 2009 على غزة.
لا يجدي هنا لتبرئة الآثمين في تنفيذ عدوانيتها, زعيقهم, كسمير جعجع: لماذا التخوين؟
فالخيانة ماثلة. ونثر الزهور على سيارة السفير في حماه 8تموز, دليل إثبات لايدحض
فأي دور لأميركا في المؤامرة؟ وما دور السلفيين التكفيريين المسلحين الذين أغرقوا سيارة السفير بالورود, وأغرقوا البلاد بالدماء في تخليق أزمة؟
هذا السؤال يستوجب البحث في أي حوار وطني, ويتطلب تعيين إجابات منزهة عن الالتباس.
وهنا تقع مترتبات إجابات كهذه في تحديد من هو العدو؟ وما هدفه المرحلي حيال المهمة التي عز على جورج ميتشل إنجازها, مهمة مسخ حق تقرير المصير الفلسطيني قبيل أيلول القادم, وطي حق العودة.
وهذا يستوجب من الاصلاحيين الوطنيين على طاولة الحوار الوطني أن يأخذوا مسافة الأمان التي تفصل بينهم وبين دائرتي التكفيريين والمسلحين, بالإقلاع عن التعمية في وجوب أن يشمل الحوار ممثلي المتظاهرين جميعا, أي بما في ذلك الذين يتعاملون سرا وجهرا مع العدو الأميركي, وخلفه الاسرائيلي.
ثانيا- كي يستقيم الحوار الوطني, ومن أجل أن يكون شاملا, فلا مناص من سلم علامات لتحديد المسؤولية في مقاربة الشأنين الداخلي والخارجي.
سلم العلامات المنشود تمليه أواصر الصلة بين الشأنين. إذ لا يمكن أن تتوفر المصداقية لرؤية في الاقتصاد والاجتماع وهي مثقلة بنقائص شعار “سورية أولا” في ما خص الالتزام القومي.
ولأن التزام سورية القومي ليس شأنا خارجيا بإطلاق, بل يقع في صلب المندرجات التفصيلية للشأن الداخلي, فإن سلم علامات أي حوار صحي ومعافى, مرتب مسبقا في قائمة محرمات ليست موضع نقاش أو حوار, كائنة ما كانت الوجاهة الصورية اللفظية الجوفاء في وجوب إنزال هذه المحرمات الى الحوار.
وهذه المحرمات هي: الجيش والقوات المسلحة, التربية, الصحة, واحتكار الدولة لخدمات البنية التحتية والمواد الأساسية الضامنة للأمن الغذائي.
سلم العلامات هنا يقيس مدى المسؤولية والمناقبية المعرفية للمتحاورين.
فإغفال صلة واشنطن بتخليق أزمة في سورية, كإغفال جرائم التكفيريين ومجندي فيلتمان في سفك دماء الناس: رجال حفظ النظام العام, والمواطنين معا.
اذ إن إغفالا كهذا يعرقل السيرورة الايجابية للحوار, بما هو توسيع لمروحته كي يشمل استحضار القتلة ممن جندهم فيلتمان وحرضهم السفير فورد على رفض الحوار أصلا.
ثم إن انعدام المسؤولية في هذا الاغفال موصول تلقائيا بموضوعة قواعد الاشتباك والعقيدة الوطنية والقومية لسورية. وهي الموضوعة التي تطمع واشنطن في إعادة صياغتها, بما يفك ارتباط دمشق بإيران وحزب الله وحماس, وذلك بقرائن متواترة متتالية في التهيئة لفك الارتباط هذا, كهتاف التكفيريين الصريح ضد حزب الله, وكالأنباء المفبركة عن استعانة سورية بالحرس الثوري الايراني, لقمع المتظاهرين.
وكيلا يكون الحوار الوطني جريا في الملعب الأميركي لا بديل من تعيين قسمات محددة للبرامج السياسية في الشأنين الداخلي والخارجي, بما يوطد عقيدة سورية الوطنية والقومية, وبما يتطور معه نظام رأسمالية الدولة في عقيدة التوزيع المتكافئ للثروة العامة.
اذ إن العقيدة الاشتراكية ممتحنة في تصليب العقيدة القومية وصونها, ضدا الارادة الامبريالية الأميركية العاملة على أن تزدهر الطفيلية في اقتصاد سورية لتجويف عقيدتها القومية, وجعلها غير ذات موضوع.
Siwan.ali@gmail.com