فأكد أن البلد الذي كان مركزاً أساسياً انطلقت منه هجمات 11 أيلول 2001م لم يعد يمثل تهديداً إرهابياً بالنسبة للولايات المتحدة لذا يجب كبح عجلة الحرب، وفي اعتراف صريح منه صرح بأن الضرورة اليوم تدفع إدارته إلى أن تركز على بناء الدولة الأميركية من الداخل نظراً للأزمة الاقتصادية المحلية التي تعاني منها.
وبناء عليه فقد أعلن أوباما عن خططه لسحب عشرة آلاف جندي من أفغانستان بحلول نهاية هذا العام وأن عشرين ألفاً سيبدؤون بالانسحاب بحلول الصيف القادم حيث إن الانسحاب التدريجي سيستمر وبخطى ثابتة حتى تسلم الولايات المتحدة زمام الأمور للسلطات الأفغانية في عام2014.
فخطة تقليص القوات التي تم اعتمادها بعد مناقشات شرسة وإن كانت قصيرة ستكون أسرع بكثير ممانصح به ضباط الجيش أوباما، حيث إنها تأتي كنتيجة للضغوط الاقتصادية الكبيرة التي تشكل تحدياً كبيراً لأوباما خاصة وأنه يعد حملته الانتخابية في العام المقبل، فكان خطاب أوباما الذي ألقاه من الغرفة الشرقية للبيت الأبيض لاختتام مايعتبر الفصل الأخير من فصول حربه على أفغانستان والتي تعد أطول حرب أميركية وربما الأغنى بالدروس المؤلمة أشبه بكلمة لرجل أعمال ولاتتجاوز الخمس عشرة دقيقة.
وبالرغم من تبريراته وتأكيده التزام الولايات المتحدة بهذه الحرب فإنه تحدث عن مسؤولية إنهاء الحرب وحذر من مخاطر الإفراط بإرسال الجنود وبأعداد كبيرة للقتال وماقد ينجم عن ذلك من تحديات ستستمر حتى إنهاء الصراع الذي كلف الولايات المتحدة مليارات الدولارات وحياة ألف وخمسمئة أميركي.
ويتوقع أن تخف وطأة التمرد في صفوف الضباط التي بدأت مع إعلان استراتيجية الانسحاب السريع من أفغانستان خاصة وأن الخطة البديلة التي طرحت تعتمد على تكتيك العمليات السرية لمكافحة الإرهاب والتي بدأت بعملية مقتل أسامة بن لادن والتي اعتبرها أوباما نهاية للمرحلة أو التي مهدت لبداية تطبيق الخطة الجديدة في تقليص عدد القوات الأميركية مشدداً على أن الولايات المتحدة على حد تعبيرهاعتمدت هذه الخطة من موقع قوة وليس كنتيجة لأي نوع من الضغوط بل أن القاعدة هي التي تعاني من الضغوط المختلفة اليوم أكثر من أي وقت مضى مشيراً إلى أهمية وفعالية حملة الضربات المكثفة التي شنتها من المهام السرية الأميركية في باكستان والتي أسفرت عن مقتل العديد من زعماء القاعدة أوحصرتهم في أكثر المناطق وعورة في الحدود الجنوبية بين باكستان وأفغانستان .
وحسب وثائق الاستخبارات الأميركية يذكر أنه من بين ثلاثين قائداً في تنظيم القاعدة تم تصفية عشرين منهم خلال السنة والنصف الماضية فقط.
وعليه فإن الانسحاب الكامل لكتائب القوات الخاصة الأميركية من أفغانستان مع نهاية هذا الصيف سيترك تأثيراً كبيراً في الأجور وتكاليف الحرب في أفغانستان وهذا يدل حسب آراء بعض المحللين السياسيين إلى أن أميركا لم تعد تملك القدرةالتي تمكنها من تحقيق طموحها وأهدافها في المنظمة .
فإن أوباما اليوم يقول: إننا لن نحاول أن نجعل من أفغانستان مكاناً مثالياً فلن نكون الشرطة التي نحرس شوارعها ولن نسير الدوريات في جبالها إلى أجل غير مسمى ،على الحكومة الأفغانية أن تتحمل هذه المسؤولية. ويعتبر قرار أوباما هذا انتصاراً كبيراً لنائبه جوزيف بايدن الابن الذي لطالما سعى لتقليص عدد أفراد التعبئة العسكرية في أفغانستان، فجميع الاشارات اليوم تدل على ذلك حيث ستركز الولايات المتحدة على العمليات السرية في باكستان واليمن ولانعرف أين أيضاً فيضيف أوباما: عندما نشعر بالخطر فإننا سنرد بقوة ولكن إن كانت قواتنا في خطر فلا يجب أن نرسلها بعيداً.
ويعتبر ذات الانتصار هزيمة للجنرال ديفيد بتريوس أحد أبرز قادة الحملة العسكرية في أفغانستان والذي تم تعيينه مديراً لوكالة الاستخبارات المركزية فيما بعد، الذي كان من أشد المعارضين لهذا القرار إضافة إلى الكثير من المسؤولين العسكريين مثل وزير الدفاع الذي احتج على القرار علناً في حين أن كلينتون أيضاً أبدت تحفظاتها على القرار ضمن النقاش الداخلي الذي سبق إعلانه.
وقدكان أحد أهم أسباب الاعتراضات أن قرار أوباما بزيادة عدد القوات في أفغانستان والذي سبق هذا القرار بنحو ثمانية عشر شهراً لم يثمر عن نتائجه بعد وبالتالي إن ذلك سيزيد من هشاشة مكاسب هذه الحملة على الرغم من اعتبارهم أنها ساهمت في إعادة الأمان إلى بعض المناطق، كذلك النشاط الاقتصادي والاجتماعي الذي يعتبر في خطر إذ إن القوات الأفغانية لاتزال غير مهيأة لتحمل مسؤولية الأمن خاصة أن الفساد لايزال متفشياً في حكومة حامد كرزاي الأمر الذي يضعف ثقة الناس فيه.
إلا أن جميع هذه الأسباب لاتستطيع الصمود أمام موجة الاحتجاجات ضد الحرب التي تجتاح أميركا خاصة مع تضخم الديون وتباطؤ حركة الانتعاش الاقتصادي مع استمرار الصراع الأفغاني والذي بلغت تكاليفه 120 مليار دولار هذا العام وحده وعلى حد تعبير أوباما:
لقدأنفقنا ترليون دولار على الحرب في الوقت الذي توجب علينا أن نستثمر في أعظم مورد لأميركا شعبنا.
أما عن الموقف الأفغاني فقدأكد الجنرال محمد ظاهر عظيمي المتحدث باسم وزارة الدفاع أن الجيش الوطني الأفغاني لديه القدرة والاستعداد الكامل لسد الفجوة عند سحب القوات الأجنبية و مغادرتها البلاد في حين أن محمد الصديق العزيز مستشار كرزاي للشؤون القبلية قال:
إن خطة الانسحاب مقبولة إلاأنه حذر من مغبة الانسحاب الكامل للقوات الأميركية قبل أن تكون الحكومة الأفغانية قوية بما فيه الكفاية لإدارة البلاد بمفردها .
بقلم: مارك لاندلير وهيلين كوبر