للمشاهِد الذي يأبى أن يجد نفسه في موقع المتلقي-التلميذ الذي ما عليه سوى الإنصات للدرس الذي يلقى عليه عبر شاشة التلفزيون .
وقد حاول العديد من البرامج التثقيفية والتعليمية البحث عن أساليب مقنعة وجذابة لتذليل العقبات التي تقف في طريق التواصل بين المشاهِد وهذه البرامج، فكانت الدراما هي الأسلوب الأكثر نجاحاً لإتمام هذه العملية، وكان اعتماد بعض هذه البرامج على الدراما موفقاً باعتبار أن الدراما هي الشكل الفني الأكثر قدرة على الإقناع والرسوخ في ذهن المشاهِد .
ورغم ذلك فقد بقيت البرامج التثقيفية والتعليمية المعتمدة على الدراما محدودة العدد عربياً نظراً للكلفة المادية الباهظة التي قد يشكلها اللجوء إلى الدراما في هذه النوعية من البرامج التي يعرف القائمون عليها أن تكاليفها المادية تبقى أقل من غيرها مهما بولغ في الإمكانيات المسخّرة بين يديها .
من هذه البرامج تعرض فضائية التربوية حالياً البرنامج التعليمي “من الرأس إلى القدم” الذي يعدّه ويقدمه شريف العلمي وتشارك فيه مجموعة من الفنانين السوريين نذكر منهم : سليم كلاس-نجاح حفيظ-بسام كوسا-مرح جبر-عصام عبه جي-أحمد عداس-ليلى عوض-صباح السالم بالإضافة إلى عدد من الفنانين الأردنيين .
يعتمد البرنامج على تجسيد المعلومات والأفكار المراد إيصالها إلى المُشاهِد من خلال مَشاهِد درامية يتخللها تعليق مقدِّم البرنامج حول الحادثة التي يقدمها المشهد كي يتمكن المشاهد من تلقّي المعلومة بسهولة.. وللوهلة الأولى يخيّل لمتابع البرنامج أن المَشاهد متعددة الزمان والمكان والشخصيات التي تحفل بها كل حلقة من حلقاته تتطلب ديكورات ضخمة ومتبدلة، ولكن من الملاحظ أن البرنامج يعتمد على ديكور شَرطي شبيه بديكورات بعض العروض المسرحية حيث استعيض عن الديكورات الضخمة والواقعية بديكورات بسيطة ورمزية تتكرر في كل المشاهد دون أن يجد المُشاهِد بأساً في ذلك لأنه ثمة اتفاق ضمني عير مُعلَن بين الطرفين يقضي بقبول المُشاهد لهذا الديكور المتواضع أملاً في أن يعوّض غنى المضمون عن فقر الشكل الفني .
“من الرأس إلى القدم” تجربة عربية متقدمة في هذا النوع من البرامج، ودليل ذلك إعادة بث حلقاته كل فترة من الزمن على شاشات الفضائيات العربية، وحسناً فعلت التربوية السورية حينما عرضته وهي الحريصة دائماً على انتقاء الأفضل لجمهورها الذي يتزايد شيئاً فشيئاً .
jaun@scs-net.org