أدفع كامل تكاليف تحوّلي للري الحديث، ولا أريد أن أستفيد من المزايا المقدّمة من الدولة في سبيل إنجاز مشروع التحوّل للريّ الحديث، أما التفاصيل التي دفعته إلى هذه النتيجة فقد كنّا شهوداً عليها خطوة خطوة..
في فرع الري الحديث بطرطوس لاقى المواطن المذكور كلّ ترحيب وتشجيع على الاستفادة من نسبة الحسم على سعر شبكة الري الحديث وتوابعها (60%) لأنه سيدفع نقداً، وقد اهتمّ به المهندس مدحت قريطم شخصياً مدير الفرع بحضور المهندس هاني حمادي وبسّطوا له الإجراءات وإن كلّ ما هو مطلوب منه بيان قيد عقاري وبيان مساحة وتنظيم زراعي وموافقة مديرية الموارد المائية بطرطوس كونه يمتلك بئراً غير مرخّص، فانتقلنا بهذا التفاؤل إلى مديرية الموارد المائية بطرطوس.
وهناك أحالنا المهندس عيسى حمدان مدير الموارد المائية بطرطوس إلى قسم الاستثمار الذي أحالنا بدوره إلى النافذة الواحدة في المديرية للتدقيق وبيان وضع البئر الذي سيستفيد منه هذا المواطن في التحول للري الحديث كون أرضه غير مروية من شبكات ري سدّ الباسل، فكتب لنا الموظف المسؤول على الطلب المقدّم: ( لدى الرجوع إلى إحصائيات الزراعة تبيّن وجود بئر غير مرخص للمواطن كاسر محمد سعد) فحمل أوراقه وعاد إلى قسم الاستثمار فكتبوا له على الطلب: (شعبة الرخص لإجراء اللازم) فمضى إلى شعبة الرخص فقالوا له: عليك تسوية وضع البئر قبل أن نعطيك الموافقة المطلوبة لتقديمها لفرع الريّ الحديث فسأل عن آلية التسوية فأعطوه ورقة عليها (13) بنداً عليه استيفاؤها في سبيل تسوية وضع بئره غير المرخّص.
وحتى تصبح إضبارته جاهزة عليه أن يراجع (دائرة المصالح العقارية، مختار القرية، الوحدة الإرشادية، الإدارة المحلية، البلدية، مؤسسة المياه، كاتب العدل) قبل أن يعود لمديرية الموارد المائية ومن ثمّ مديرية الزراعة وبعدها فرع الريّ الحديث، والميزة الوحيدة في كل هذه المعمعة هي الإعفاء من رسوم التسوية والبالغة (16) ألف ليرة، وتوفير 60% من قيمة شبكة الريّ الحديث في حال أعطاه الله العمر لإنجاز هذه الأوراق.
نظرتُ إلى الرجل بتساؤل من أعياه الموقف فقال لي: سأشتري شبكة التنقيط من جيبي الخاص ولا أريد المزايا المعروضة لأن الإجراءات (بتطلع الروح) وخسارة بضع ليرات أهون من تلف الأعصاب، أما بالنسبة للبئر فلن أسوّي مخالفته إلا بالإكراه أو أردمه.
انتهت قصة المواطن كاسر سعد عند هذه القناعة لكن عندنا بدأت باستعادة شريط الذاكرة لمسرحية دريد لحام الرائعة (غربة) وقصة الجرّار الزراعي الذي ستشتريه الجمعية الفلاحية التعاونية في قرية غربة والموافقات الكثيرة المطلوبة لإنجاز معاملة الجرّار بما فيها وزارة الثقافة ومديرية المسرح القومي!
الدعم هنا من أجل التحوّل للري الحديث ويجب أن يحصل عليه كلّ من يريد التحول للري الحديث ولا يجوز أن يُطلب من المواطن حلّ ما عجزت عن حلّه جهات رسمية.
طبعاً، لا نلقي هنا باللائمة على مديرية الموارد المائية بطرطوس فهي تعمل وفق قرار وزير الري رقم (745) تاريخ 28/10/2010 ولكن نضع هذه التساؤلات برسم السيد وزير الريّ أيضاً في إمكانية تخفيف هذه الإجراءات، وبالتعاون مع وزارة الزراعة بحيث تُمنح هذه الميزات بناء على الكشف الميداني والتعهّد بتركيب شبكة ري حديث دون اضطرار المواطن للخوض في تفاصيل المشكلات العقارية وغيرها.