تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الهروب إلى الأمام في أزمة أفغانستان

شؤون سياسية
الخميس 14-7-2011
غالب حسن محمد

هل فشل الحل العسكري في أفغانستان..؟ أم هي الخسائر المادية الباهظة التي تتكبدها الإدارة الأميركية منذ عشر سنوات أي مع بداية الاحتلال والبالغة ملياري دولار أسبوعياً. من المقرر الانسحاب عام 2014 إلا أن الانتخابات الأميركية تسبق ذلك بعامين أي عام 2012 فهل ينعكس ذلك على حملة الرئيس أوباما لتجديد ولاية مدة أربع سنوات ثانية.

كان من المتوقع أن يكون زيادة عديد القوات الأطلسية في أفغانستان عاملاً مساعداً في إنهاء الحرب بالسرعة التي كان يحلم بها أوباما وخلافاً لما نصحه به كبار مستشاريه العسكريين والسياسيين.‏

لقد أعلنها حرباً مبررة وزاد من عديد قواته ثلاثين ألف جندي وذلك عقب فوزه بجائزة نوبل للسلام, ولكن الحسبة جرت على عكس ما توقع سيد البيت الأبيض فالزيادة لم تنه الحرب والأخطاء تزايدت والممارسات اللاأخلاقية ازدادت من قبل القوات الأميركية على أرض الواقع الأمر الذي دفع زعيم الامبراطورية العسكرية الأميركية إلى تمرير قانون أو قرار في مجلس النواب يسمح بتشريع الانسحاب والدخول في مفاوضات مع حركة «طالبان» إلا أنه مني بهزيمة أخرى عندما جرى التصويت, فقد صوت 215 عضواً ضد القرار ولو أن هذه النتيجة جاءت بأغلبية بسيطة إلا أنها لا تعني بحال من الأحوال بأن الأميركيين يريدون استمرار الحرب في أفغانستان بل هي تعني بأن الحزب الجمهوري لا يريد تقديم هدية مجانية للرئيس الديمقراطي أوباما, وذلك مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية إضافة إلى أن هناك قلقاً لدى الحزبين الجمهوري والديمقراطي من أن اتخاذ قرار مثل هذا يوحي لحركة طالبان بأن الولايات المتحدة مرهقة وتعبة وتريد الانسحاب بأي ثمن.‏

لقد منيت الولايات المتحدة بخسائر بشرية هائلة بلغت 1500 قتيل و11500 جريح رغم أن عدد القوات الأميركية لا يتجاوز 100،000 ألف جندي.‏

هل تحولت أفغانستان إلى فيتنام أخرى..؟ إن ما أنفق على هذه الحرب الشرسة حتى الآن 420 مليار دولار ومن المقدر أن تبلغ الكلفة المتبقية حتى عام 2014 /220/ مليار دولار أخرى.‏

فهل يستطيع الاقتصاد الأميركي الذي يعاني من عجز وهزال أن يتحمل دعم الجيش الأفغاني الذي سيحل محل القوات الأميركية والبالغ عدده 350 ألف رجل.‏

بعد مقتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن ثمة وجهتا نظر داخل إدارة البيت الأبيض تتصارعان، الأولى تقول: إن التخلص من بن لادن شكل إرباكاً حقيقياً لحركة طالبان وشل فعاليتها.‏

أما وجهة النظر الأخرى فترى بأن مقتل زعيم القاعدة أفسح في المجال للدخول في مفاوضات جدية وفتح آفاقاً واسعة للتحاور مع حركة طالبان حول التسوية.‏

لاشك بأن الحل السياسي في ضوء التجربة الأميركية في فيتنام من شأنه اختصار الزمن والحد من الخسائر وتوفير المخارج وحفظ ماء الوجه وهذا ظهر واضحاً أثناء التصويت على القرار في البرلمان الأميركي.‏

الإدارة الأميركية تدرك جيداً بأن أي تسوية مع طالبان ستؤدي إلى عودة الحركة إلى السلطة وإن عادت عبر المشاركة مع كرزاي وسوف يكون هذا عاملاً مهماً في دعم وإلهاب حماس الحركات الجهادية الإسلامية في العالم والتي تعتبرها الولايات المتحدة معادية لسياساتها.‏

إضافة إلى عودة طالبان ستساعد على تعزيز حركات التطرف الإسلامي في آسيا الوسطى والقوقاز وقد يؤدي ذلك إلى تحالف بين طالبان أفغانستان وباكستان الأمر الذي يهدد بالإطاحة بالحكم القائم في اسلام آباد.‏

أمام هذا المشهد المزري للوضع الأميركي في أفغانستان هل يكون المخرج الاستراتيجي للولايات المتحدة هو بـ (عرقنة) المنطقة وتحويلها إلى عراق ثان..؟ والاعتماد على تفجير الصراعات القبلية والأثنية والمذهبية بين مكونات الشعب الأفغاني، بالإضافة إلى إغراق حركة طالبان بصراعات داخلية بحيث تتحول هذه الصراعات إلى اقتتال داخلي ينتهي معه هدف الحركة الجهادي.‏

يرى مهندس المفاوضات مع ثوار «الفيتكونغ» والانسحاب من فيتنام كيسنجر بأن الأسباب التي دخلت معها القوات الأميركية إلى أفغانستان قد انتفت بمقتل زعيم القاعدة ولم يعد هناك أي مبرر لبقاء هذه القوات هناك خصوصاً أنه يرى بأن محاربة الإرهاب مسؤولية دولية وليست أميركية فقط، والمطلوب برأيه عقد مؤتمر دولي حول أفغانستان تشارك فيه دول الجوار مع حركة طالبان.‏

إلا أن الحل السياسي يواجه تناقضاً شديداً في وجهات نظر دول جوار أفغانستان خصوصاً بعد الفشل الذريع للحل العسكري الأميركي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية