تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الحوارالوطني ....موقف ومسؤولية

شؤون سياسية
الخميس 14-7-2011
بقلم: د. أحمد الحاج علي

الحوارالوطني المطروح علينا يتعدى كونه فكرة أومخرجاً، ونكتشف الآن بأنه مناخ كان يجب أن يستوعبنا جميعاً وبيئته كان يجب أن نستوعبها جميعاً

فالحوار طاقة الإنسان ومصدر وعيه ومعيار فاعليته وطريق استدلاله على الإيجابي والسلبي والدليل الوحيد على أنه يؤسس للاعتراف بالآخر وبرأي الآخر مهما نأى عنا ومهما اختلفنا معه وهكذا يبدو الحوار الوطني في مثل حالنا الراهن انبعاثاً جديداً بكل المقاييس وصحوة على الذات واكتشافاً للتوجهات الصحيحة التي يتم فيها التعامل مابين الإنسان والإنسان ومابين الفرد والمجموع ومابين النظام والجماهير الشعبية المتروكة لقدرها والمحاطة بأسباب الإهمال ووظائف الشعارات التي لاتقدم ولاتؤخر مادامت مجرد كلام في كلام، أعتقد أننا تقدمنا خطوة جريئة في مسألة الحوار.‏

وماأشد الحاجة للجرأة والحكمة والشجاعة في هذه الأيام، والغريب في الأمر أن هناك من لم تدب فيه نضارة وخضرة هذا الاتجاه في الحوار الوطني، ولذلك نرى مع كل ساعة أن ضمانة الحوار المطروح باعتباره تعبيراً عن نضج موضوعي وذاتي ومخرجاً من أزمة فاجأتنا وأخذتنا إلى أبعد حدود المفاجأة في كيفية الاستجابة والمعالجة، الضمانة المطروحة للحوار قائمة في نقطتين، الاعتقاد إلى حد الاعتناق الجدي لمنهج الحوار باعتباره حالة دائمة ومادة نوعية لابدأن تتسرب في كل شرايين الجسد الوطني ومفاصله وهذا ليس أمراً سهلاً لأن اعتناق الحوار على هذا المستوى يتطلب وعي الحالة على أنها مصير وثقافة ونقد واندماج نهائي في منطق الحوار، ولانجد في الواقع الثقافي والإعلامي مايتعادل مع أهمية هذا الحوار في المرحلة الراهنة، هناك كلام، وهناك حكي جميل ولكن الحوار الوطني ليس مجرد كلام أوحكي جميل لابدمن إخراجه من الصدفات الملونة ومن الجرار المعتقة إلى حيث الهواء والماء والإنسان والعاطفة والعقل والوجدان والفكر والشارع والتداول الذي لايتوقف أفقاً وعمقاً.‏‏

أما الضمانة الثانية فنعرفها جميعاً بل نحبها جميعاً لأنها مجسدة في قيم هذا الرئيس الشاب وفي وعيه وسلوكه ونظراته المنهجية البعيدة، ولذلك قلت منذ بداية الأزمة: إن الرئيس بشار الأسد هو ضمانتنا جميعاً لأنه استوعب في هذه اللحظة من دون تكلف مفاصل الاستجابة المطلوبة وهذه المفاصل تتوزع عند الرئيس على محاورها الأربعة كعناوين واضحة وهي الإيمان بالآخر وثقافة الحوار مع الآخر ليس على المستوى الوطني فحسب بل على المستوى القومي كما تابعناه وهو يطرح ثقافة الاختلاف وإدارة الحوار على المستوى العربي في مؤتمرات القمة المتتالية، فالاختلاف وإن وصل إلى حد التنوع الشديد والتناقض هو إرادة لايصح أن نقفز من فوقها أو أن نؤجلها بالطريقة المعتادة المتكررة، ذلك هوالمفصل الأول في وعي الرئيس بشار الأسد،أما المفصل الثاني فهو الدرجة النوعية التي يعتقد من خلالها بمشروعية الحوار وجدية الحوار وأخلاقيات الحوار، ونؤكد على هذا المفصل لأن مسؤولين كثراً في الدولة والحزب والأجهزة الأخرى وفي الإعلام ومصادر الثقافة لم تصلهم تدفقات هذا المستوى من الإيمان بالحوار ومازال البعض يعتقد بأن هذه المسألة إجرائية أو أنها تخضع لمنسوب الأعلى والأدنى ولفكرة الحاكم والمحكوم، إن الحوار بالمقام الأول هومساواة بين البشر ومن دون هذه المساواة يتحول الحوار إلى مجرد رؤية أو أمنية.‏‏

وأما المفصل الثالث في موقف الرئيس بشار الأسد عبر الحوار فهو متمثل في اعتقاده الجازم والحاسم أن الحوار ذاته هو حالة بنائية وليس مجرد صيغة في الشكل أو آليات العمل إنه قناعات وجدانية وأخلاقية وهو جوهر الديمقراطية التي صحح الرئيس بشار الأسد مسارها فجعلها من الآخر إلى الذات بعد أن كانت من الذات إلى الاخر لذلك فإن الحوار نسق أخلاقي وأيديولوجي محكوم بقناعات وقائم على ممارسات، وهذا لايمكن أن يدرك جوهره أولئك الذين لايعرفون طعم التضحية في سبيل الوطن والدفاع عنه، أولئك الذين يغيبون كل معاني الحوار ومعالمه في لحظة قرار أو اختيار إجرائي عادي كأن يكون في انتخابات جزئية في منظمة أونقابة مهنية، كثيرون لايدركون هذا المعنى ويتجهون نحو الشخص متجاوزين الموقف والرصيد الوطني والاجتماعي وكأن وجود الوطن ومصيره لايعنيهم في لحظة الاختيار والتطبيق العملي وهنا لابد من حشر هذه المجموعات في حدودها تماماً حتى لاتبقى المسألة عائمة وغائمة فالذي يفصل بين المواطن وسلوكه وذاكرته وبين مقتضيات التطبيق الإداري أوالديمقراطي -والانتخاب الجزئي النقابي هو مثلنا في هذا السياق -إن ذلك الذي يفصل بين المواطن ومسيرته في اللحظة الصعبة هو ذاته الذي يعطل الحوار ويمتص منه، رحيق الحياة الواضحة ولايتورع أن يحوله إلى مجرد أشلاء متناثرة من الكلام، ولهذا السبب كان لابدأن نطلق منهجية الرئيس بشارالأسد في وحدة الإنسان وسلوكه كمادة أولى تحكم الحوار ونستدل بها على مدى قناعة أوالتزام المتحدثين عن الحوار بمنطقه الأخلاقي، ويبقى المفصل الرابع في منظومة الرؤيا والمعايشة التي يجسدها الرئيس بشار الأسد في هذه المرحلة وهي المتصلة بطريقة وآلية التعامل مع الطرف الآخر وهو المعارضة، هل تابعنا هذه المنهجية العالية والعقلية الثابتة في الانفتاح على المعارضة في احترامها أولاً وفي استيعاب كل المنجزات العصبية والانفعالية التي تصدر هنا وهناك عنها، فالذي يحاور عليه أن يتحمل ، واسألوا مجتمعنا مجتمع الآباء والأجداد عن ذلك، والذي يضطلع بمهمة قيادة الحوار في التأطير أو التشيكل أو القرار لابد أن يكون قد أخذ شهادته الأساسية المؤهلة من أسلوبية وأخلاقية الرئيس بشار الأسد، لاأريد أن أندفع مع صبوات النفس لأعلى بأن الحوار مسؤولية وطنية وأخلاقية، وبأن المشكلة الأساسية فينا نحن الذين ندعي بناء النظام والسيطرة على منافذه ومؤسساته النقابية لن يدرك الكثير منا أن الفعل في هذه اللحظة من معايير السلوك وأن السلوك في هذه اللحظة هو «الكلمة» سواء في اختيار هذا الاتجاه أو ذاك وفي اختيار هذا الفرد أوذاك.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية