تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


هل ستحاور أميركا حركة حماس؟

بقلم:  تسفي بارئيل
هآرتس
ترجمـــــــــــة
الخميس 14-7-2011
 ترجمة: ليندا سكوتي

ماذا سيكون عليه الموقف الإسرائيلي إن صرح أحد كبار المسؤولين الأميركيين بأن الولايات المتحدة في سبيلها لإجراء حوار مع قادة حماس؟

لاريب بأن إسرائيل حتى الآن لا تشعر بأي نوع من القلق لعلمها التام بأن الولايات المتحدة مازالت متمسكة بسياستها القائمة على رفض الحوار مع حماس. إلا أن واشنطن في الأسبوع الماضي عمدت إلى رفع الحظر عن الحوار مع جماعة الإخوان المسلمين في مصر بعد أن أصبحت لديها القناعة بعدم الحاجة لعقد اجتماعات في الزواريب المظلمة، وأجازت لممثليها الرسميين التحدث مع أعضاء من قيادة تلك الجماعة علما بأنها قد اتخذت تلك الخطوة بعد دراسة عميقة، وبعد علمها بأن الجيش المصري والحكومة المصرية المؤقتة والمرشحين لرئاسة الجمهورية يعتبرون جماعة الإخوان المسلمين جزءا من النسيج الاجتماعي والسياسي في هذا البلد.‏

في هذا السياق، قال إدوارد ووكر، الذي سبق وأن شغل منصب سفير الولايات المتحدة في كل من مصر وإسرائيل، (لن تكون ثمة جدوى من انتخابات حرة ونزيهة إن لم نوافق على التحدث مع الفئات التي تعتبر جزءا من الديمقراطية). وفي الحين الذي تخفي به إسرائيل ابتسامتها عندما تشاهد السفينة التي لا تستطيع الإبحار ضمن الأسطول المتجه إلى غزة لعطب أصاب محركها، وتهدد بمجابهة كل من يتحدى سيادتها بخرق الحصار على غزة، تجد بأن واشنطن، وبشكل مفاجئ، بدأت تنهج إلى أسلوب الدبلوماسية الواقعية.‏

إن اتخاذ الولايات المتحدة لمثل هذا الإجراء لم يكن أمرا مفاجئا. إذ سبق لها وأن قامت بحوار مع طالبان في أفغانستان. ودخلت بحوارات سياسية مع منظمات مسلحة في العراق. وتعاونت مع الحكومة اللبنانية التي تضم أعضاء من حزب الله. الأمر الذي يغنيها عن تقديم المبررات لعقد اجتماعات مع جماعة إسلامية لها دورها الهام في رسم السياسة المصرية حتى ولو كان لها إيديولوجية راديكالية.‏

يمكن للمتشددين الذين يبدون خشيتهم من تسونامي يصيب المنطقة أن يعتبروا تصرف الولايات المتحدة الموجة الأولى منه. ولأن الإخوان المسلمين هي المنظمة الأم لحماس فإننا سنتساءل في المرحلة القادمة عن الأسباب الداعية لعدم قيام أميركا بمحادثات مع حماس باعتبارها جزءا لا يتجزأ من النسيج السياسي والاجتماعي الفلسطيني، وسبق لها وأن فازت بأغلبية ساحقة في الانتخابات الماضية، وهي الآن، بعد أن تمت المصالحة مع حركة فتح، ستدخل معها في منافسة في الانتخابات البرلمانية الفلسطينية. وعلى الرغم مما تعلنه الولايات المتحدة من رفض للحوار مع حماس معللة ذلك بعدم شجبها للإرهاب كوسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، ولأنها لم تعترف بدولة إسرائيل (لا كدولة يهودية ولا كدولة مطلقا) لكننا نرى بأن الإخوان المسلمين لا يعترفون بإسرائيل كدولة يهودية أيضا، ولا ينظرون إلى الكفاح الفلسطيني المسلح بأنه إرهاب، بل إنهم ينظرون إلى حماس باعتبارها حركة نضال تحرري ضد الاحتلال، هذا وإذا اعتبرنا مبرر الإرهاب هو السبب الرئيس لعدم إجراء الحوار فكيف تبرر لنا واشنطن تعاونها مع الحكومة اللبنانية التي تضم أعضاء من حزب الله الذي تعتبره منظمة إرهابية؟‏

إن التناقضات في السياسة الخارجية للولايات المتحدة ليست موضوع بحثنا. لكننا نتساءل عن الطريقة التي ترسم بها واشنطن خارطة للأعداء والأصدقاء. وإن كنا دقيقين نستطيع القول بأن الولايات المتحدة لا تحاول رسم تلك الخارطة بل إن التطور في العالم العربي هو الذي يلزمها بإعادة النظر بسياستها في المنطقة، وستجد نفسها مضطرة لتغيير مواقفها من النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. وهي برسمها لخارطة الأعداء والأصدقاء لا تحدد ذلك لنفسها فحسب بل ستجعله خارطة طريق لبلدان أخرى في العالم ما يشكل تهديدا لإسرائيل في الوقت الحاضر. وإزاء هذا الواقع لم يعد محمود عباس يرتعد خوفا من التهديدات الأميركية التي تهدف إلى ثنيه عن الذهاب إلى الأمم المتحدة بغية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. وقد بات من المعلوم لدى الجميع بأن اتفاقية التقارب الفلسطيني الداخلي قد تم التوصل إليها على الرغم مما أبدته الولايات المتحدة من معارضة. وإن حماس ستكون حجر الزاوية في أي عملية دبلوماسية. وفي هذا السياق، يتعين علينا أن نتساءل عما ستفعله واشنطن بعد الانتهاء من الانتخابات الفلسطينية. فهل ستقاطع البرلمان الفلسطيني والحكومة الفلسطينية القادمة؟ وهل ستسعى إلى إقصاء الرئيس الفلسطيني الجديد إن كان ينتمي إلى حماس؟ مع ذلك نستطيع القول بأن حماس تشكل جزءا من الديمقراطية الفلسطينية وربما ستحاول أميركا استباق كارثة دبلوماسية بإجراء حوار معها قبل الانتخابات الأمر الذي سيسهل من إجراء حوار مع تلك الحركة بعد الانتهاء من الاقتراع.‏

إن القافلة البحرية التي تزمع القدوم إلى غزة لا تمثل أمرا هاما إذا ما قيس بالأسطول الدبلوماسي الذي سيحط رحاله في مصر. لذلك علينا ألا نشعر بالقلق إزاء تلك القافلة البحرية لأن ثمة أموراً أخرى أكثر أهمية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية