تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نكسة جديدة.. تعميق يهودية الدولة

آراء
الخميس 14-7-2011
د. هزوان الوز

لقد برز مصطلح يهودية الدولة «الإسرائيلية» في السنوات الأخيرة بوتيرة متسارعة وذلك على الرغم من أنه ليس حديث العهد, بل ظهر في أدبيات المؤتمر الصهيوني الأول الذي أنهى أعماله في نهاية آب 1897 في مدينة بازل السويسرية.

هذا المصطلح يفترض وحدة اليهودفي العالم وإن هذه «الدولة دولتهم» التي تعبر عن إرادتهم وتطلعاتهم! وهذا كذب محض، فالكيان الصهيوني لم يستطع أن يستقطب أكثر من 25٪ من يهود العالم منذ إعلان تأسيسه إلى حتى وهو يعاني من الهجرة العكسية والطبقية والتمييز العنصري بين الأشكناز والسفارديم ويهود الفلاشا، ومن الطرافة أن يدعي هذا الكيان بأنه دولة يهودية وهو لم يصل إلى الآن إلى تعريف لليهودي!!.‏‏

لذا يطمح اليمين الديني وحاخامات اليهود وأتباعهم إلى إسقاط الحق الديني والتاريخي للعرب المسلمين والمسيحيين بفلسطين، وزعمهم أن هذا الحق لهم، وبمقتضاه أقيمت دولة يهودية دينية مفتوحة لكل يهود العالم!!.‏‏

وفي إشاعة يهودية الدولة محاولة لجذب مزيد من يهود العالم إلى الكيان الغاصب، فالمادة البشرية هي الركيزة لاستمرار المشروع الصهيوني برمته في فلسطين والمنطقة بأكملها ومحو الهوية العربية والدينية المتعددة لأرض فلسطين وعزل كل من هو غير يهودي عن المناطق التي احتلت في عام 1948 وترسيخ ما ينادي به اليهود من الحق الديني والتاريخي في أرض فلسطين، وذلك الحق يقيناً لايقف عند حدود فلسطين, بل يمتد ليصل إلى حدود أوسع قد تمتد من الفرات إلى النيل- حسب زعمهم-!! ويجعل من طردها الفلسطينيين واحتلال أراضيهم مسألة تحرير الوطن القومي ويجعل من الاستمرار في قتل الفلسطينيين وتشريدهم عملية دفاع مشروع عن النفس، ويجعل من مقاومة الاستعمار الاستيطاني الصهيوني عملاً ارهابياً!!.‏‏

إن فكرة يهودية الدولة كانت دائماً إحدى ركائز الفكر الصهيوني، وبغض النظر عن أن درجة هذه اليهودية وبعض مضامينها كانت مثار جدل بين تيارات معينة في الحركة الصهيونية, فإن هذا الزخم الكبير لهذه المقولة المتجددة ينطوي على أبعاد مهمة وجوهرية وفيها الكثير من النفحات العنصرية ضد العرب داخل الخط الأخضر واللاجئين الفلسطينيين في أماكنهم المختلفة سواء داخل فلسطين التاريخية أم في المنافي القريبة والبعيدة، فقد اتخذ الكنيست الإسرائيلي يوم الأربعاء 16/7/2003 قراراً بضرورة تعميق فكرة يهودية الدولة وتعميمها على دول العالم ومحاولة انتزاع موقف فلسطيني إلى جانب القرار المذكور.‏‏

لقد قدم مشروع القرار الأعضاء البرلمانيون لكتلة الليكود في الكنيست السابقة وتم تشريعه بعد التصويت عليه.‏‏

وقد تضمن القرار أيضاً إشارات إلى أن الضفة الغربية وقطاع غزة ليسا مناطق محتلة لا من الناحية التاريخية ولا من ناحية القانون الدولي ولا بموجب الاتفاقيات التي وقعتها «إسرائيل».‏‏

وقد دعا القرار إلى مواصلة تعزيز المستوطنات الصهيونية وتطويرها وإلى التمسك بالخطوط الحمراء الصهيونية وفي مقدمتها السيادة المطلقة على القدس بشقيها الغربي والشرقي المحتلين في عامي 1948-1967 والاحتفاظ كذلك بالمناطق الأمنية.‏‏

وفي قراءة متأنية للمصطلح المذكور يمكن الجزم أنه يحمل في طياته توجهاً إسرائيلياً لطرد أبناء فلسطين من وطنهم بزعم الحفاظ على نقاء الدولة اليهودية، ويستوي في ذلك فلسطينيو أراضي 67 وفلسطينيو أراضي48 الذين فرضت عليهم الجنسية الإسرائيلية ومروا بمدد حكم عسكرية إسرائيلية عصيبة.‏‏

وقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق «أرييل شارون» ممن عمموا المصطلح القديم الجديد وذهب إلى أبعد من ذلك, حين أشار في أكثر من حديث صحفي ولقاء إلى أن حدود إسرائيل هي من البحر الأبيض المتوسط في الغرب إلى نهر الأردن في الشرق, ولن تكون «إسرائيل» على حد قوله إلا دولة يهودية نقية.‏‏

وطرح «شارون» أفكاراً لإسكان أهالي الضفة الغربية وقطاع غزة في العراق ومنحهم الجنسية العراقية وأكد مراراً أن «إسرائيل» دولة يهودية نقية وهي لليهود في «إسرائيل» وكل العالم.‏‏

وفي هذا الإطار بالذات تأتي دعوة «ليبرمان» لمبادلة الأراضي الفلسطينية التي تقوم عليها الكتل الاستيطانية الكبيرة في التجمعات الكبيرة داخل الخط الأخضر مع «الدولة الفلسطينية القادمة» لتشمل منطقة المثلث ومنطقة وادي عربة.‏‏

والثابت أن جميع الأطياف السياسية الإسرائيلية وكثير من قادة «إسرائيل» باتوا يتحدثون في السنوات الأخيرة عن يهودية الدولة, وفي مقدمتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» ووزير دفاعه «إيهود باراك» ناهيك عن وزير الخارجية «ليبرمان».‏‏

ومن الواضح أن مصطلح يهودية الدولة اليوم بات يمثل في الآونة الأخيرة جوهر ومضمون الغايات الأسمى والأهداف الكبرى لـ«إسرائيل», وتحولت مقولة الدولة اليهودية بصورة غير مسبوقة ولا معهودة إلى القاسم المشترك بين مختلف التيارات والكتل والأحزاب والاتجاهات السياسية والاجتماعية والثقافية في «إسرائيل» على حد سواء.‏‏

واكتشفت «إسرائيل» فجأة أن تعميم شعار يهودية الدولة هو الشعار الأنجع لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم وتصفية وإزاحة الأساس القانوني لهذا الحق والحلم والأمل من أجندة الأمم المتحدة بداية لشطب الحق الفلسطيني.‏‏

فهلا انتبه الأخوة الفلسطينيون بمختلف اتجاهاتهم إلى ما تبيته الصهيونية وتسعى لتنفيذه.‏‏

وليعلم بعض العرب الذين يعتقدون أنهم بمنأى عن أذى الصهاينة أن ذلك الأذى سيطالهم بعد أن يطال شعوبهم.‏‏

وأما أصحاب القلوب الحية والنفوس الأبية، فالمستقبل لهم، تحميهم بنادقهم وحقوقهم وضمائر رجال العالم الذين يرفعون راية الإنسانية وتنتظرهم عيون الأطفال المنطلقة إلى مستقبل حر آمن.‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية