تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


قراءة في حدث ..فكر قبل أن تمشي

آراء
الخميس 14-7-2011
د. اسكندر لوقا

رحم الله قائل العبارة «قل كلمتك وامش»، إنها عبارة في حال تفهم أحدنا أبعادها الفكرية بشكل جيد، لابد أن يؤمن بأنها ترمي حقاً إلى تشجيع القارئ على احترام الذات، وعدم المشي في ركاب من يريد استغلاله لتمرير مأرب مبيّت.

إن قول الكلمة عن كامل القناعة بها حق لا ينازع صاحبها أحد إذا ما كانت آتية من خلفية هذه القناعة بشكل صادق وشفاف، وتسعى إلى ترسيخ قيمة إيجابية في الوسط الاجتماعي الذي يحيا فيه قائلها مهما كان شأنه في مجتمعه أو في بيئته.‏

إن المساحة المتاحة أمام الإنسان في مثل هذه الحالة هي ضرورة أن يتمهل قائل كلمته قبل أن يمشي، حتى لا يتذكر أحد ما عناه القول المعروف «ومن بعدي الطوفان» وبالتالي ينبغي له أن يفكر بتداعيات كلمته من بعده قبل أن يغادر المكان، وأن يحاول قراءة هذه التداعيات من حيث دورها في بناء حالة إيجابية كتحصين موقف وطني، في مقابل هدم أو إحداث شرخ في صلب هذا الموقف، وفي هذا السياق لا تنفع معادلات دارجة ضمن إطار «النيات الطيبة» أو «حسن النيات» أو «ارتكاب خطأ غير مقصود» وسوى ذلك من حجج يلجأ إليها البعض من الناس أحياناً كثيرة وتحديداً في ظروف معينة لتبرئة النفس أو لتحميل عبء الخطأ المرتكب على كاهل الآخر.‏

إن الكلمة حين لا تكون ملوثة بغرض يعارض الهدف المنشود من قولها حين تقال في سياق توضيح موقف سام لاغبار عليه من حيث التنكر للمنطق والموضوعية، عندئذ تكون جديرة بأن يقولها صاحبها ويمشي، وإلا ينبغي له أن يفكر بتداعياتها قبل أن يمشي وثمة العديد من الأقوال التي رددها أصحابها في الماضي ومشوا فكانت بمثابة عود ثقاب أشعل ما وراءه، ولم يخلف غير الحريق والخراب.‏

الكلمة بهذا المعنى، ترتب على صاحبها مسؤولية معنوية قبل أن تكون لها مفاعيلها المادية، سواء في لحظة إطلاقها أم بعد مرور زمن. وعدم التنبه لتبعات المسؤولية التي تترتب على الكلمة، قد يحرف مسارها باتجاه خطر قد يكون داهماً وخارج قدرة الآخر فرداً كان هذا الآخر أم جماعة، على احتواء نتائجه.‏

نعم «قل كلمتك وامش» نصيحة تستحق الأخذ بها، ولكن ليس كل كلمة، عندما لا تصب في الصالح العام، بل تنحرف باتجاه خدمة الذات بكل ما تسعى هذه الذات لتحقيقه على حساب الغير من أبناء البلد، على غرار ما يعاني منه بلدنا هذه الأيام.‏

عندما لا تكون الكلمة موضوعية ولا تندرج تحت عنوان الـ «أنا» ولا أحد غيري، من غير المتوقع أن تأخذ مكانها ضمن مفهوم المنطق بحال من الأحوال.‏

Dr-louka@maktoob.com

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية