تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نافذة .. على هامش ملتقى الحوار التشاوري

آراء
الخميس 14-7-2011
سليم عبود

في العلاقة مع ثوابت الوطن، لا وجود لما يسمى «معارضة و موالاة»... وإلا ما معنى الوطن إن لم يكن نبضاً يتوهج في كلماتنا وقصائدنا وأغانينا ومواقفنا، خارج الثوابت، من الضروري وجود معارضة وموالاة، شرط أن يشكلا نشيداً وطنياً، روحاً تتدفق في شرايين وأوردة الوطن لاستمرار وجوده..

الجميع في الملتقى أكدوا «الوطن خط أحمر».‏

وهذه خاصية قديمة متجذرة في حياة السوريين، أرجو ألا تكون التحولات التي مست حياتنا العربية قد أصابتها ببعض الضرر، وخاصة في هذا الزمن الذي ينزف فيه الوطن دماً.. على السوريين في مثل تلك اللحظات المفصلية من حياتهم وحياة الوطن، تأمّل ما يحدث من حولهم، وإلا فإن قوارب الموت ستذهب بهم وبالوطن إلى خارج التاريخ، على السوريين أن يعتبروا مما حدث في العراق، وفي اليمن، وفي الصومال وفي مصر وفي تونس وفي ليبيا.‏

على المعارضة والموالاة ألا تتجاوزا الخطوط الحمراء المتعلقة بوجود الوطن، وبثوابته ومنطلقاته القومية والوطنية والتي يجمع عليها كل السوريين.. خاصية السوريين التلاقي والتوافق في زمن الشدة لمواجهة الخطر.. فالحوار كان ضرورة، ومن رفض اللقاء والحوار فآثم قلبه وطنياً ودينياً.‏

الوطن بحاجة إلى حوار يقوم على أسس مشتركة، ليخرج الوطن من الأزمة، ولبناء حياة الناس، ورسم مستقبل الوطن والمواطنين في الاقتصاد والسياسة والثقافة ولوضع القوانين التي تتناول عيش الناس وكرامتهم، وكرامة الوطن وعلاقاته مع العالم.‏

على المعارضة الوطنية والموالاة البحث عن المشتركات التي تجمع بينهما، وإلا سنجد أنفسنا أمام خطين من السجال لا الحوار لا أظن أنهما يلتقيان أبداً.. نحن بحاجة إلى حوار، يقوم على أسئلة وطنية تتقاطع جميعها حول مصير الوطن ومستقبله، لا أن تتحول جلسات الحوار إلى بيانات تتقاطع فيها الخطب الرنانة، مع النزوات الفردية، والتي لا تفضي في النهاية إلى التوافق الخلاق الذي ينتظره السوريون.‏

الحوار نهض، ولكن هل بدأ بالمشتركات الوطنية؟!‏

قد يرى بعضهم أن المشتركات كائنة في الموقف والكلمة والقصد، وتأكيد المؤكد نفي، لا بأس، لكنني كبقية السوريين الذين ظلوا مشدودين إلى جلسات الحوار، كنت أتمنى التأكيد على ما يلي:‏

أولاً: الاعتراف بأن الوطن يمر في أزمة تتطلب جهد جميع السوريين للخروج به من حال النزيف والموت إلى حال النهوض والانطلاق والانتصار على الأزمة.‏

ثانياً: الاعتراف بأن الأزمة أشعلتها أطراف خارجية أعلنت عن نفسها «أميركا، فرنسا والغرب عامة و«إسرائيل» وقوى عربية وأقليمية» وسخرت كل الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية لإسقاط سورية كدولة ووطن ومواطنين ومواقف قومية ممانعة.‏

ثالثاً: التوافق على أن عناصر من الداخل السوري - سواء عن وعي بالمؤامرة أم من غير وعي، قامت بأعمال أخلت بالقوانين والأنظمة، وأنها سلكت سلوكاً عدائياً أساء للوطن، وأنها أنتجت أعمالها دماء وتخريباً وفزعاً ورعباً أضر بالعلاقات المجتمعية التي يقوم عليها المجتمع السوري.‏

رابعاً: الاتفاق على أن وجود الجيش كان ضرورة للتصدي لأعمال المتآمرين والمخربين، وأنه حمى سورية من الوصول إلى حروب طائفية ومذهبية رسم لها الاعداء للوصول بسورية إلى الحالة الصومالية.‏

هنا أشير إلى قول بعض الحضور «إن حل الأزمة يكمن في انسحاب الجيش وقوى الأمن من المدن»، في مثل هذا القول تبسيط لما حدث، وإدانة للجهود التي بذلت من قبل الجيش وذهب ضحيتها شهداء منه، لا أحد كان يرغب أن يسقط ضحايا من الجيش أو من المواطنين سوى أعداء سورية، ولكن ما حدث كان يحتاج إلى شجاعة الجيش والتفاف المواطنين حوله، وإلا من كان بمقدوره إطفاء الحريق؟!‏

من كان يضمن سلامة الناس في المدن والقرى والمناطق التي اشتعلت وتشتعل فيها المؤامرة؟!.. من كان يضمن سلامة المنشآت العامة والخاصة التي لم تخرب بعد؟!.. من يضمن وقف تلك الهتافات البغضية التي تفوح من عفنها رائحة الطائفية والمذهبية؟!.. إذا كان أصحاب طرح «خروج الجيش» قادرين على تكفل ما أشرنا إليه، فليتقدموا لوقف الدم والنار والتخريب ولنسجل لهم كسوريين بأحرف من ذهب أنهم كانوا منقذي سورية من المؤامرة.‏

من المؤسف أن يعلن بعضهم عن جهله بمن قتل، وبمن أحرق، ودمر المنشآت العامة والخاصة.. في ذلك خروج على الحقيقة الواضحة وضوح الشمس، ولا أريد هنا أن أعيد أقوالاً أطلقها بعضهم عبر فضائيات الفتنة، وهم يعرفون أنها فضائيات فتنة ومؤامرة.‏

من باب المسؤولية الوطنية، ومن باب الحرص على سورية التاريخ، كنت أتمنى صدور إدانة لمحطات الفتنة، وأطراف الفتنة، وخطباء الفتنة، ومواقف أميركا وفرنسا، وعناصر مؤتمر أنطاليا والمشاركين في مؤتمر باريس برئاسة برنار ليفي الصهيوني.. وإدانة تلك الهتافات التي رددها بعضهم في الشوارع السورية والتي تتسم بالطائفية والمذهبية لجر سورية إلى اقتتال يبدأ ولاينتهي.‏

نعم.. ثمة أخطاء كثيرة حدثت في الماضي، اعترف بوجودها الرئيس بشار الأسد قبل غيره، وأكد على ضرورة الخروج منها، وهو من دعا إلى حوار للخروج بالوطن من الأزمة، لرسم منطلقات جديدة تؤسس لحياة ديمقراطية جديدة، تنهض على ثقافة المشاركة والتعددية، ثقافة الاعتراف بالآخر المختلف في قلب المجتمع الواحد وللتفاعل والتعاون لبناء الوطن، فبناء الديمقراطية يحتاج إلى نضال طويل وشاق، نضال متعدد الأهداف اجتماعياً وثقافياً وسياسياً وإعلامياً، نضال يتخطى الانتماءات الضيقة ويبني الانتماءات الكبرى الوطنية والقومية والإنسانية.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية