تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


اليمن... سيناريو التدخل الخارجي والفتنة الداخلية

شؤون سياسية
الجمعة 15-7-2011
هيثم عدرة

قضايا وأمور كثيرة لابدمن الوقوف عليها وعندها عبر تحليلها وربط المعطيات مع بعضها للوصول إلى ماهو الهدف المعلن، وماهوالمطلوب بالضبط فيمابعد على المدى البعيد ممايجري

على الساحة اليمنية والمرشحة إلى احتمالات كثيرة ومتنوعة تنصب في مصلحة الولايات المتحدة من الواقع الجديد الذي تنسج خيوطه الأولى تحت تسميات أضحت معروفة للقاصي والداني عبر التشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق الانسان و...الخ‏

ويبدو أن العولمة التي نراها تظهر مدى تهافت فكرة بناء دول وهياكل سياسة على هويات عرقية أولغوية أودينية، فهذه الهويات الثابتة ليست هويات إبداعية ولاتملك أي ديناميكية داخلية تسمح بتطور المجتمع، أو بإيجاد حلول لمشكلاته آجلاً أم عاجلاً سيؤدي بحث المجتمعات عن حلول لمشكلاتهم إلى تجاوز الهياكل النقية التي تقوم عليها هذه الدول.‏

ويمكن القول إلى التمسك بالهوية النقية هو ماأطلق عليه ابن خلدون اسم العصبية وهي التي سمحت بتأسيس الدول والممالك لكن ابن خلدون أدرك جيداً استحالة الحفاظ على تلك العصبية مع تطور المجتمع لذلك تحدث عن ولادة وموت الدول، إلا أن تقدم التكنولوجيا والاقتصاد دفع لاستحداث عصبيات جديدة أكثر اتساعاً وأقل عداء للأخرين وتأخذ تسميات مختلفة وعلينا أن نلاحظ كيف تفكر الولايات المتحدة إلى جر العالم وخصوصاً في الدول النامية إلىصراعات دينية ومذهبية وقبلية والهدف هوتدمير أشلاء الدولة التي لها طابع الاستمرار وتغيير المكونات للوصول إلى التدمير التدريجي وصولاً إلى الأهداف المرجوة والقضاء على مكونات الدولة التي لها طابع الديمومة والاستمرارية.‏

والذي نريد أن ننوه عنه أنه لابد من تحليل المعطيات والوقائع عبرالسنوات الماضية والتحضيرات التي تمت والتي جعلت المجتمع اليمني يصل إلى ماهو عليه من الحالة السياسية والاقتصادية ودور الولايات المتحدة في هذا المجال والذي سنتحدث عنه لاحقاً وما هي الرؤية والمراد من وراء ذلك.‏

لا بدمن تساؤلات عديدة ومختلفة حول الواقع والمعطيات التي تجري في اليمن والتي تأخذ شكلاً تصاعدياً يرمي بالنهاية إلى زوال مقومات الدولة وإيجاد المنطق القبلي كبديل وهذا يعني التقسيم والتقسيم والتدمير المنظم لجميع المقومات الموجودة وهذا يجعلنا نقول : هل يجوز الحديث عن نهاية عهد علي عبد الله صالح أم إن هذا الاستنتاج متسرع وسابقا لأوانه؟ هل يحتمل العودة إلى انتقال سلمي للسلطة في اليمن على أساس اتفاق بين المعارضة والرئيس؟ أم إن البلاد ستنزلق أكثر فأكثر إلى الحرب الأهلية والتفكك على الطريقة الصومالية؟‏

ماذا عن موقف واشنطن التي تدعو الرئيس صالح إلى نقل السلطة وتقصف معاقل القاعدة في اليمن؟‏

ولابد من التأكيد على أن الولايات المتحدة تتحدث عبر موفديها إلى اليمن إلى تعاون كبير في مجال مكافحة الارهاب والقضاء على تنظيم القاعدة، كل ما ذكرناه يشكل مؤشرات ودلائل تدفع الكثيرمن المراقبين والمحللين والقوى السياسية والشارع اليمني إلى التخوف من النيات الأميركية لمايجري على الساحة اليمنية الآن وربطه سابقاً بما كانت تؤكد عليه الولايات المتحدة من رغبة قوية للتعاون مع اليمن في مجال الارهاب، وكانت آنذاك حالة حذر من الأساليب الابتزازية والتي قد تنطوي على حسابات أبعد من مجرد التعاون في مجال مكافحة الارهاب سابقاً ولاحقاء إلى تحقيق مطامع مع استراتيجية لاتخدم بالمحصلة إلا مصالح واشنطن على المدى القريب والبعيد تحت ذريعة مكافحة الارهاب التي سعت الإدارة الأميركية على الدوام إلى توظيفها واستثمارها لخدمة أهدافها في المنطقة مستفيدة آنذاك من المناخ الدولي الذي أفرزته هجمات الحادي عشر من أيلول وماتلاها كما لاحظنا سابقاً من تعبئة وحشد للمجتمع الدولي تحت تسميات مختلفة من أهمها محاصرة ومكافحة الارهاب وهو ماأعطى واشنطن آنذاك الذريعة الكافية لممارسة مزيد من الضغوط على بلدان العالم، وهناك مايؤكد على طبيعة الضغوط التي تعرض لها اليمن سابقاً من الإدارة الأميركية تتجاوز موضوع مجرد مكافحة الارهاب آنذاك والتي دفعت الكثيرين إلى التشكيك والارتياب.‏

وكانت الخشية آنذاك من الوصول إلى قناعات أن الحسابات الأميركية كانت تهدف إلى الوصول لأبعاد إقليمية تشكل حالة قلق وإزعاج لدول كثيرة في المنطقة، كان الهدف من وراء ذلك إيجاد موضع قدم لها في اليمن، وكل ذلك وفق منظورها آنذاك على محاربة الارهاب، وكانت التخوفات على تلك الفترة من صدامات محتملة في السلطات اليمنية والجماعات الدينية من جهة ومع بعض المكونات القبلية من جهةأخرى.‏

هذه المخاوف التي نتحدث عنها والتي كانت موجودة لدى الكثيرين من أطياف الشعب اليمني والكثيرين من المراقبين أضحت الآن أمراً واقعاً ينخر بقوة مكونات المجتمع اليمني للوصول إلى التهديم وحالة الانهيار وصولاً إلى التقسيم عبر الاقتتال والحرب الأهلية التي أضحت معالمه أكثر وضوحاً.‏

رغم رحيل الرئيس اليمني علي عبد الله صالح للعلاج في المملكة العربية السعودية وابتهاج المعارضة التي احتفلت بالنصر على النظام الحاكم لاتزال الأزمة السياسية في اليمن بعيدة عن الحل، ويبدو أن السلطات الخاضعة مؤقتاً لنائب رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي لاتنوي تخفيف ضغوطها على المعارضة التي لا تنوي هي الأخرى التنازل عن شيء ويجري في العاصمة صنعاء ومدن أخرى من حين لآخر تبادل شديد لإطلاق النار بين أنصار الرئيس علي عبد الله صالح وخصومه من فصائل المعارضة وفي مقدمتها مقاتلون من قبيلة حاشد.‏

وليس صعباً الافتراض بأن رحيل الرئيس اليمني للعلاج هو في الواقع فرصة لحفظ ماء الوجه والتنحي عن المنصب بكرامة وتسليم السلطة أخيراً إلى المعارضة، إلا أن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً حتى الآن، ذلك لأن علي صالح رفض في السابق خطط تسليم السلطة مقابل ضمانات السلامة والأمان، وإلى ذلك ظل في اليمن أبناء الرئيس وأبناء أخوته الذين يواصلون السيطرة على قوات الأمن والدوائر الأمنية وطبعاً كل ذلك على حد تعبير حديث المعارضة.‏

وعلى خلفية الأزمة السياسية المستعصية في اليمن سددت الولايات المتحدة ضربات جوية إلى المناطق الجنوبية في هذه البلاد، وتنوي اليمن شن حملة عسكرية كبرى في أراضيها ضد مقاتلي القاعدة، ونظراً لوجود كميات هائلة من السلاح عند السكان فإن إطالة أمد المواجهة بين السلطات والمعارضة إلى جانب احتمالات التدخل الأجنبي إنما تنطوي على خطر اندلاع حرب أهلية تحرق الأخضر واليابس ليس في اليمن وحدها بل وتترك آثاراً سلبية على البلدان المجاورة في جزيرة العرب؟!‏

وهذا ماتحدثنا عنه في سياق الموضوع حول سر اهتمام الولايات المتحدة الأميركية سابقاً عبر أشكال التعاون في مجال الإرهاب، وسر اهتمامها الآن بما يجري في اليمن وصولاً إلى أهدافها المبطنة والتي تم التحضير لها عبر السنوات السابقة.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية