1- المصالح الأميركية في المنطقة كمبرر للتدخل في شؤونها الداخلية.
2- أمن إسرائيل والتزام الولايات المتحدة به واعتباره جزءاً من أمنها.
وهذا يعني أننا أمام نوعين متكاملين من الأطماع هما الأطماع الاقتصادية الامبريالية الأميركية وما يرتبط بها من معطيات والأطماع التوسعية الصهيونية وما تنطوي عليه من مخططات ومن الواضح أن الطرفين -أي الولايات المتحدة وإسرائيل- متفقتان على خطة عمل موحدة في المنطقة تخدم أطماعهما.
وحين ننظر إلى الأمور من هذه الزاوية من المنطقي أن نستنتج بأن السياسات التي تحاول واشنطن فرضها على المنطقة العربية والإسلامية هي سياسات لا تستهدف خدمة المصالح الأميركية المباشرة فقط وإنما تستهدف خدمة المخطط الصهيوني التوسعي بالمحصلة وللوصول إلى هذه النتيجة فإن العنوان الأساسي للسياسة الأميركية التي هي منسجمة تماماً بل ومكملة للسياسة الإسرائيلية تقوم كما هو معروف على «التفتيت الاستراتيجي» والتفتيت الاستراتيجي في هذه الحالة يعني أمرين:
أولهما: إيقاع الشقاق والصدام بين دول المنطقة.
وثانيهما: الحيلولة دون تحقيق التكامل الاقليمي بين دول المنطقة خارج نطاق المخطط الأميركي للهيمنة.
على المقلب الأول من المشكلة يراد من العرب أن يعتبروا أن العدو الذي يهدد الأمن القومي العربي هو جمهورية إيران الإسلامية وليس إسرائيل وهو مطلب سيبقى قائماً ما دامت إيران تقف مع العرب ضد إسرائيل فإذا انقلبت إيران على عقبيها وأقامت علاقات مع إسرائيل وتعاونت معها مثلما فعل نظام الشاه في الماضي بحثوا للعرب عن عدو بديل غير إيران وغير إسرائيل ربما من خلال الوقيعة بينهم.
وعلى المقلب الثاني مطلوب تسميم العلاقات بين القوى العربية والإسلامية وإيجاد تكتل إقليمي متوافق ومتعاون ومطبع مع إسرائيل من جهة وملتزم بتنفيذ السياسات الأميركية من جهة ثانية.
وإلى أن تتمكن واشنطن وتل أبيب من الوصول إلى الأهداف المبيتة المرسومة مطلوب إشغال قوى المنطقة في المشكلات الداخلية أو الجانبية باستغلال كل القوى التي يمكن تعبئتها في هذا السياق بغض النظر عن طبيعة هذه القوى.
إن فهم هذه السياسة في أبعادها الكلية لابد وأن يقودنا إلى الاستنتاج القائل بأن التحالف الأميركي الإسرائيلي يحرص طوال الوقت على ألا يتمكن تيار معين من الإمساك بشؤون المنطقة ويستوي حرص هذا التحالف في نظرته إلى التيارات الأساسية الموجودة في المنطقة وهي- كما هو معروف- التيار القومي والتيار الإسلامي والتيار الماركسي الأممي وسياسة الحيلولة دون نجاح تيار معين في السيطرة على سياسات المنطقة تفترض تشجيع فسيفساء سياسية قائمة على وحدات سياسية تنظيمية صغيرة متنافرة أكثر من تبني أي تيار سياسي رئيس بمواجهة التيارين الآخرين كما أن هذه السياسة تتطلب الإيقاع بين التيارات السياسية الرئيسة والحيلولة دون حدوث الوفاق بينها.
ولعل أحد الأهداف الرئيسة في استهداف سورية بالفتنة -المؤامرة عدا عن موقعها الاستراتيجي في الصراع العربي- الصهيوني يتمثل في الدور الإقليمي الذي مارسته عملياً والمتمثل في تبني سياسة التعاون بين التيارات الحزبية الرئيسة في الوطن العربي وهي القومي والإسلامي والأممي ومشاركتها ورعايتها للمؤتمرات التي تلتقي فيها هذه التيارات لرسم سياسات معينة مشتركة إضافة إلى تنسيق العلاقات مع حكومات المنطقة ما يعني أنها ترفع من سقف التضامن الإقليمي إلى مستوى يحبط سياسة التفتيت الاستراتيجي التي هي محور الاستراتيجية الصهيونية الامبريالية ولو جزئياً.